أسلحة الليزر.. معضلة «مكلفة» تواجه البحرية الأمريكية
تطوير أسلحة الليزر معضلة تواجه البحرية الأمريكية، فرغم أن تلك الأسلحة توفر حلاً فعالاً من حيث التكلفة لإسقاط الطائرات بدون طيار والصواريخ، إلا أن تحديثها «مكلف وبطيء» بسبب التحديات التكنولوجية ونقص الطلب التجاري.
وتقول صحيفة «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكية، إن تطوير أسلحة الليزر من قبل البحرية الأمريكية أصبح معضلة؛ مشيرًا إلى أن تكنولوجيا الليزر الحالية «غير كافية» للتهديدات المتنامية، مما دفع البحرية إلى مواصلة استخدام الصواريخ باهظة الثمن المضادة للطائرات بدون طيار.
وعلى الرغم من الوعد الذي يحمله استخدام الليزر كأداة دفاعية مستقبلية، فإن فعاليته ستكون محدودة، مما يتطلب أن يكون جزءًا من نظام دفاعي متعدد الطبقات إلى جانب الصواريخ التقليدية وأنظمة الأسلحة القريبة.
هل يمكن لأسلحة الليزر أن تكون حلا منخفض التكلفة؟
تقول الصحيفة الأمريكية، إن وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاعون»، لديها اليوم العديد من البرامج الباهظة التكلفة التي يجري العمل عليها، ما يعني أنها لا تستطيع تحمل تكاليف برنامج آخر، مشيرة إلى أن الافتقار إلى السوق التجارية لهذه التكنولوجيا يظل يشكل مشكلة.
وأعرب نائب الأدميرال بريندان ماكلين، قائد قوات السطح التابعة للبحرية الأمريكية في المحيط الهادئ، مؤخرًا عن إحباطه من أن تطوير مثل هذه الأسلحة الموجهة بالطاقة (DEWs) يستغرق وقتًا طويلاً، رغم الجهود المبذولة، مشيرًا إلى أنه لا يوجد سوق تجاري لليزر الذي يمكن أن يكون قويًا بما يكفي لإسقاط صاروخ عدو.
المشكلة الأخرى هي أن تكنولوجيا الليزر الحالية لا تحقق ما وعدت به، ما يثير التساؤل عما إذا كانت الجهود المبذولة تستحق الاستثمار.
«من المؤكد أن البحرية نشرت أسلحة تجريبية ونماذج أولية من الليزر وغيرها من الأسلحة الموجهة بالطاقة لأكثر من عقد من الزمان. تحمل ثماني سفن حربية حاليًا جهاز Optical Dazzling Interdictor، Navy، أو ODIN، وهو ليزر صغير يعمل على تعتيم أجهزة استشعار الطائرات بدون طيار والصواريخ القادمة. لكنه لا يعمل بشكل جيد ضد الأسلحة التي تتحرك بسرعة كبيرة أو تفتقر إلى أجهزة الاستشعار البصرية»، يقول باتريك تاكر، محرر العلوم والتكنولوجيا في Defense One، موضحًا الحالة الحالية لجهود البحرية الأمريكية.
جهود التطوير
ومر أكثر من عامين منذ منح الكونغرس، وكالة الدفاع الصاروخي (MDA) السلطة للبحث والتطوير في تكنولوجيا الليزر لاستخدامها في تطبيقات الدفاع الصاروخي الباليستي والفرط صوتي، كجزء من قانون تفويض الدفاع الوطني للعام المالي 2022.
وبدأ برنامج الليزر الباليستي المحمول جواً لأول مرة في سبعينيات القرن العشرين، ثم تم الدفع به بقوة خلال إدارة جورج دبليو بوش. ومع ذلك، تسببت تكاليف البرنامج والتحديات الفنية في تقليص مستوى البرنامج في النهاية.
لكن إذا كان البرنامج قد وصل إلى طريق مسدود مراراً وتكراراً، فلماذا نعيد النظر فيه مرة أخرى؟ تساءلت الصحيفة الأمريكية، لتجيب: السبب المنطقي هنا هو أن البديل أسوأ من ذلك.
وتستخدم البحرية الأمريكية الآن صواريخ مضادة للطائرات بدون طيار والصواريخ المضادة للصواريخ بتكلفة ملايين الدولارات لإسقاط طائرات بدون طيار منخفضة التكلفة وصواريخ رخيصة مضادة للسفن في البحر الأحمر.
وبحسب «ذا ناشيونال إنترست»، فإن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تتحمل عدم إسقاط الصواريخ، لذا فإن كل «فوز» يأتي من إسقاط طائرة بدون طيار أطلقها الحوثيون المدعومون من إيران هو فوز باهظ الثمن.
وحذرت دائرة أبحاث الكونغرس في تقرير جديد بعنوان «أجهزة الليزر على متن السفن البحرية: الخلفية والقضايا المطروحة أمام الكونغرس»، من أن «القيود الرئيسية التي تواجهها السفن السطحية التابعة للبحرية حاليا في الدفاع عن نفسها ضد الطائرات بدون طيار والصواريخ المضادة للسفن تتمثل في عمق محدود للمخزن ونسب تبادل التكلفة غير المواتية».
الليزر هو المستقبل
ومن غير الممكن إنكار أن الليزر لا يزال يُنظر إليه باعتباره المستقبل، لكن المشكلة هي أن التكنولوجيا لا تزال باهظة التكلفة للتطوير، وأن الافتقار المذكور للتطبيقات التجارية يعني أنها لن تكون برنامجًا من شأنه أن يكون سيفًا للمحاريث.
وأكبر مشكلة في البرنامج هي أن البحرية الأمريكية بحاجة إلى التكنولوجيا، حيث ستثبت أنها تقدم بديلاً للصواريخ الباهظة الثمن المضادة للطائرات بدون طيار، لكن التكنولوجيا ستكون باهظة التكلفة للتطوير لدرجة أنه في الأمد القريب قد يكون من الأرخص الاستمرار في استخدام تلك الصواريخ.
ودعت هيئة الرقابة الحكومية، الكونغرس إلى تحديد ما إذا كانت الخدمة البحرية تتحرك الآن بسرعة كبيرة، أو ببطء شديد، أو بالسرعة الصحيحة عندما يتعلق الأمر بتطوير الليزر؛ في حين تحتاج أيضًا إلى فهم واضح لخطط البحرية للانتقال إلى الليزر؛ وخاصة ما إذا كانت جهود بناء السفن تشمل المساحة والوزن والطاقة الكهربائية وقدرات التبريد لليزر.
المشكلة الأخيرة في الليزر أنه لن يكون في النهاية حلاً مثاليًا، بحسب ويليام لابلانت، رئيس المشتريات في البنتاغون، الذي قال للصحفيين الأسبوع الماضي، إنه في حين أن أشعة الليزر تقدم «الكثير من الوعود.. إلا أنها ليست الجواب الوحيد، وسوف يتعين عليها أن تكون جزءا من نظام دفاعي متعدد الطبقات».
وقد أقر الأدميرال ماكلين بهذه الحقيقة، وفقًا لما ذكرته صحيفة «ديفينس ون»، قائلًا: «ما زلنا نستخدم قطعة واحدة من معدات الطاقة الموجهة لكل سفينة أثناء الاختبار والتعلم. لم نصل إلى النقطة التي يمكننا عندها وضع أشياء متعددة على سفينة واحدة لاختبارها، كما تقترح، مثل الدفاع المتعدد الطبقات عن شيء ما. لكنني أعتقد أنه في السنوات القليلة القادمة، يجب أن نكون قادرين على الوصول إلى هناك».
حل سحري؟
وبعبارة أخرى، لن تكون أشعة الليزر بمثابة حل سحري، حتى عندما يتم تركيبها أخيرًا على السفن، فالمدى سيظل مشكلة، وفي الوقت الحالي لا تستطيع معظم أشعة الليزر ضرب هدف إلا على مسافة أقل من ميل واحد.
وحتى أكثر التوقعات تفاؤلاً للمستقبل القريب لا تزال تشير فقط إلى أن أشعة الليزر ستكون قابلة للاستخدام على مسافات أقل من خمسة أميال. قد يبدو هذا وكأنه مسافة بعيدة، لكن الصاروخ الذي دمره نظام Phalanx CIWS على متن المدمرة الموجهة بالصواريخ من فئة Arleigh Burke-class USS Gravely في وقت سابق من هذا العام كان على بعد ميل واحد، أي بضع ثوانٍ فقط.
وبحسب «ذا ناشيونال إنترست»، فإنه لا يمكن للبحرية الأمريكية أن تخاطر بالسماح للصواريخ بالاقتراب إلى هذا الحد إذا كان بإمكانها مساعدتها، وحتى خمسة أميال تعني أنه لا يوجد الكثير من الوقت المتبقي على مدار الساعة للرد، خاصة ضد التهديدات مثل الصواريخ الأسرع من الصوت.
وأشارت إلى أن الفشل في مواجهة التهديد سيكون كارثيًا، وهو سبب آخر يجعل تطوير الليزر من المرجح أن يكون بطيئًا – لأنه في أفضل الأحوال، لن يكون سوى جزء من شبكة دفاعية، إلى جانب تلك الصواريخ وأنظمة الإنذار المبكر المركزية.
وبطبيعة الحال، ومع تزايد الطائرات بدون طيار والتهديدات الأخرى، فإن السفن الحربية في المستقبل قد تحتاج إلى كل نظام دفاعي يمكنها الحصول عليه.
aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA= جزيرة ام اند امز