ابتعدت عن المشاهد الجريئة في «الإسكندراني» لسبب واحد (حوار)
يدرك المخرج خالد يوسف جيدا أن الثابت في الحياة هو التغيير، لذا لا يتوقف عن المتابعة والإطلاع، بالإضافة إلى موهبة تأمله لوجوه الناس في الشوارع.
وعندما نفتش في الأعمال الفنية التي حملت توقيع خالد يوسف، يتبين أنه ينحاز للمهمشين الذين تعاندهم الأيام، ولا تتحول أحلامهم إلى واقع.
ومن يريد فك شفرة خالد يوسف، يجب عليه أن يقف كثيرا أمام عدة أفلام له، منها فيلم “حين ميسرة”، الذي حقق إيرادات خيالية وقت عرضه، وفيلم “دكان شحاتة” الذي أثار الجدل بإسقاطاته، وفيلم “هي فوضى؟” الذي جمعه مع عرابه الأول يوسف شاهين.
في هذه الأعمال تتبين توجهات خالد يوسف، فهو الفنان الذي يحاول إعلاء قيمة الإنسان مع شرح أبجديات الحق من خلال شخصيات تتخذ من الباطل منهجا للحياة.
وبعد غياب 5 سنوات عن الشاشة الكبيرة، عاد خالد يوسف بفيلم يجمع بين الإثارة والعمق وهو “الإسكندراني”، وخلال ساعات من طرحه في دور العرض بمصر تصدر قائمة الإيرادات، وأحدث جدلا كبيرا.
“العين الإخبارية” التقت بالمخرج الكبير خالد يوسف، وحاورته حول فيلمه الجديد، وأهم سمات أبطاله، وعلاقته بالعمل السياسي الآن، ورأيه في المناخ الفني بمصر الذي عاد إليه بعد غياب دام 5 سنوات.. وإلى نص الحوار.
مسلسل “سره الباتع” من تأليف يوسف إدريس، وفيلم “الإسكندراني” من إبداع أسامة أنور عكاشة.. لماذا اتجهت مؤخرا إلى الجيل القديم من الكتاب؟
بكل تأكيد الاعتماد على أعمال أدبية من إبداعات كتاب كبار مثل يوسف إدريس، وأسامة أنور عكاشة، يحقق حدا أدنى من الجودة، بمعنى أنني هنا أضمن إلى حد كبير أن الموضوع سيكون جيدا.
هل هذا يعني أن هذا سيكون منهجك في أعمالك القادمة؟
إذا نال إعجابي أي عمل روائي لهؤلاء الكتاب الكبار، سأقدمه دون تردد على شاشة السينما.
بعد غياب 5 سنوات عن الأعمال بمصر.. كيف ترى المناخ الفني؟
نعيش في عصر ثورة الاتصالات، أو كما نردد دائما عصر السرعة، كل دقيقة تحدث أشياء جديدة، وعلينا أن نواكب هذه التغيرات ونتابع أحدث التقنيات، لو الإنسان لم يطور نفسه ويواكب التطور، سينهار، كما أن الواقع متغير، وعلى صناع الإبداع وضع كل التغيرات التي تطرأ على المجتمعات أمامهم عند تنفيذ أي عمل فني جديد، لأن الفن وسيلة للتعبير عن أحلام وواقع الناس.
تيمة العنف والأكشن “رائجة”، فهل تلعب في “المنطقة الرابحة” في فيلم “الإسكندراني”؟
لم أبحث عن موجة رائجة لأنني طوال مسيرتي الفنية أقدم أعمالا جماهيرية وليست تجارية، وأقصد بكلمة جماهيرية أنني أقف أمام عنصر الجمهور، لأنني لا أقدم فيلما تشاهده عائلتي في البيت، أنا أقدم فيلما لشرائح متعددة من الجمهور، ولكل شريحة حسابها الخاص.
المعارك في فيلم “الإسكندراني” كانت ضرورية ومطلوبة، لا سيما وأن القصة تدور حول شاب ملاكم، محب للقتال، ويترك مصر ويسافر إلى أوروبا لأنه لا يحب مهنة والده، وأتصور أنني قدمت مشاهد الأكشن بشكل مختلف لم يقدم في مصر من قبل.
وأعتقد أن تميز مشاهد الأكشن دفع البعض للقول إن خالد يوسف يغازل الجمهور بالمعارك ويبحث عن الموجة الرائجة، أنا قدمت الأكشن لأنه ضروري للعمل، ونجحت في جذب أنظار الجمهور بتقديم معارك بشكل جديد ولافت.
من وجهة نظرك، هل تغيرت أذواق الجمهور؟
بالطبع لأن الواقع متغير، لا توجد معدلات لفك شفرة الجمهور، لأن مزاجه يتغير من لحظة إلى أخرى، لو تنبأ الفنان بإحساس ومزاجية الجمهور لحصد ثروة طائلة، الحكاية أن المبدع ربما يقرأ توجه الجمهور في عمل فني ويصدق إحساسه، وربما لم يحالفه التوفيق في عمل آخر.
من المعروف أن لغتك السينمائية جريئة لكن رغم ذلك لم تقدم أي مشاهد جريئة في فيلم “الإسكندراني”، فهل كان هذا خوفا من انتقادات مواقع التواصل؟
بالطبع، بكل تأكيد، لأن المجتمع بات أكثر تحفظا، والناس تترك الفيلم وتركز على مشهد واحد فقط، ويدمرون الفيلم ويضيع مجهود فريق العمل، وأعترف أنني وضعت في حساباتي انتقادات مواقع التواصل والنفوس المتربصة، حتى يذهب الجمهور لمشاهدة الفيلم، وإجمالا أعترف بأنني ترفعت عن تقديم مشاهد جريئة لكل هذه الاعتبارات.
الإعلان الترويجي للفيلم حقق 22 مليون مشاهدة، فهل تعتبر حجم المشاهدات مؤشرا للنجاح؟
طبعا، كنت سعيدا بحجم المشاهدات واعتبرت ذلك إشارة بالنجاح عند العرض التجاري، والحمد لله الفيلم يتصدر الآن شباك التذاكر، ورقم واحد في الإيرادات.
طارق الشناوي انتقد آخر أفلامك “الإسكندراني” وأبطاله، ما ردك؟
لا أريد الحديث عن شخص محدد، لأنني مؤمن بعدم وجود حركة نقدية مبهرة في مصر، وسأترك الفيلم وإقبال الجمهور للرد على أي شخص يهاجمني.
كيف ترى طارق الشناوي، خاصة أنه كتب مقالا قال فيه إن فيلمك الأخير محاولة “للشعبطة” على أكتاف أسامة عكاشة؟
بالعكس طارق الشناوي هو الذي”يتشعبط” على أكتاف أي فنان ناجح، لم يشر في كتاباته يوما إلى تجربة فنية جديدة يجب النظر لها باهتمام، وطوال الوقت يحاول الاشتباك مع نجم كبير وافتعال معركة معه.
طارق الشناوي يهاجمني لأنني أفهم في قواعد الفن، كما أنني درست النقد الفني، وأعلم جيدا المنهج العلمي في النقد، وأرى أن ما يكتبه طارق الشناوي مجرد انطباعات شخصية لا تمت للنقد بأي صلة.
وبالمناسبة الخلاف مع طارق الشناوي بدأ منذ 10 سنوات عندما قلت في مقابلة تلفزيونية أنه يكتب انطباعات صحفية وليس ناقدا، بعد هذا اللقاء قرر أن يهاجم أي عمل يحمل توقيعي، وأنا بطبعي لا أغضب من النقد ولكن أرفض التجاوز، أقصد إذا أردت أن تهاجم أي عمل فني يجب أن تقول (فشل المخرج في توظيف عناصر الفيلم مثلا) لكن لا تقول إن المخرج فاشلا لأن هذا تجاوز مرفوض طبعا.
لماذا راهنت على أحمد العوضي رغم وجود نجوم آخرين لهم جماهيرية؟
كلامك صحيح، لكن أنا أحب ضخ دماء جديدة في عروق الصناعة، وأحب التنوع، أحب الإشارة إلى أن حصر البطولة في 3 أسماء يدمر الصناعة ولا تساهم في نهضتها أبدا.
كيف تقيّم الممثل عصام السقا؟
فنان جيد جدا، ويتطور من فيلم إلى آخر، وأتصور أنه خلال السنوات المقبلة سيكون رائعا ومميزا.
ما آخر كتاب قرأته؟
رواية “ولاد الناس”.
هل قررت اعتزال الانشغال السياسة؟
لم أكن أعمل بالسياسة حتى أقرر اعتزال، الحكاية أنني خلال فترة من الفترات شعرت بأن هناك دورا وطنيا يجب أن أقوم به، وقمت بهذا الدور ولكن بمنطق الحالم، وبعيدا عن منطق السياسي الذي يعمل توازنات، وبكل أسف طالني الضرر ودفعت ثمنا فادحا، وعلى كل حال أشعر بالرضا ولست نادما، ولو عادت بي الأيام للوراء لن أغير خطواتي أو منهجي في الحياة، والحمد لله أشعر دائما براحة الضمير.
ماذا تمثل العائلة للمخرج خالد يوسف؟
عزوتي وناسي.
عدد خصومك أكثر أم عدد محبينك؟
لا أعمل حصرا لهذا الأمر ولكن الحمد لله عدد الأصدقاء المحبين أكثر دائما.
aXA6IDE5Mi4yNTAuMjM5LjExMCA= جزيرة ام اند امز