«استراتيجية فابيان».. وسيلة جورج واشنطن لدحر الجيش البريطاني
استراتيجية فابيان، أو حرب الاستنزاف، هي استراتيجية عسكرية، تعتمد على تجنب المعارك الحاسمة أو المواجهات المباشرة.
واكتسبت هذه الاستراتيجية شهرة بعدما أثبتت نجاحا في عدة مرات، أبرزها انتصار القوات الأمريكية بقيادة جورج واشنطن على جيش بريطانيا العظمى، كما ساعدت الروس على صد هجوم القائد الفرنسي الأشهر نابليون بونابرت على أراضيهم.
تقوم هذه الاستراتيجية على جر الخصم إلى حرب استنزاف بالوسائل غير المباشرة. ويعمل الجيش الذي يطبق هذه الاستراتيجية على مناوشة العدو عبر تعطيل الإمدادت والتأثير على معنوياته.
وتستخدم هذه الاستراتيجية عندما يعتقد الجانب الأضعف أن الوقت في صالحه، كما تستخدم عندما لا يكون هناك أي استراتيجية بديلة ممكنة.
تاريخ الاستراتيجية
استمدت هذه الاستراتيجية اسمها من الإمبراطور الروماني فابيوس ماكسيموس، الذي كانت مهمته هزيمة القائد القرطاجي حنبعل عام 217 قبل الميلاد، في جنوب إيطاليا خلال الحرب البونيقية الثانية.
في بداية الحرب، عبر حنبعل بجرأة إلى إيطاليا عبر جبال الألب أثناء فصل الشتاء وغزا إيطاليا، ونظرا لمهارة حنبعل، ألحق حنبعل بالرومان خسائر مدمرة، رغم تناقص عدد جنوده، في معركتي تريبيا وبحيرة تراسمانيا.
بعد هذه الكوارث، عين الرومان فابيوس ماكسيموس حاكما، وكان فابيوس على علم بتفوق القرطاجيين عسكرياً وبراعة حنبعل، لذا خاض ضدهم حرب استنزاف، كان الهدف منها استغلال نقاط ضعف حنبعل الاستراتيجية.
وجد فابيوس أن السبيل لهزيمة حنبعل هو تجنب الدخول معه في معارك مباشرة، وذلك لحرمانه من الانتصارات.
وقرر فابيوس أن يقطع عن حنبعل طرق الإمدادات، وعوضا عن القتال المباشر، ظل فابيوس يتبع جيش حنبعل كظله من فوق التلال متجنباً الدخول في معركة.
استعاض فابيوس عن الاشتباك بين الجيوش، بإرساله مفارز صغيرة لمناوشة جامعي المؤن في جيش حنبعل، والمناورة بالجيش الروماني من فوق التلال، لحرمان حنبعل من استخدام سلاح الفرسان الفتاك، وفي نفس الوقت، يقف عائقا بين القرطاجيين وروما، وهو سيجهد الرومان القرطاجيين، ويمنع حلفاء روما من الذهاب إلى العدو، دون الحاجة إلى مواجهة القرطاجيين في معركة حاسمة.
بعد تعرضه لانتقادات من القادة والسياسيين الرومان الآخرين بسبب انسحاباته المستمرة وتجنب القتال المباشر، أقال مجلس الشيوخ فابيوس. وسعى بدلاؤه إلى مواجهة حنبعل في القتال لكنهم تلقوا هزائم ساحقة في معركة كاناي.
وأدت هذه الهزيمة إلى عودة روما إلى استراتيجية فابيوس في تجنب المعارك ومهاجمة طرق إمدادت حنبعل، الذي فقد القدرة على مواصلة الحرب والعودة إلى أفريقيا.
أمثلة من التاريخ الحديث
أثبتت إستراتيجية فابيان نجاعتها، حيث استخدمها الفرنسيون في العصور الوسطى خلال حرب المائة عام ضد الإنجليز، واستطاعوا استعادة معظم الأراضي التي فقدوها.
واستخدمها جورج واشنطن، الذي سمىّ بـ «فابيوس الأمريكي» لاستخدامه لهذه الاستراتيجية ضد جيش بريطانيا العظمى في أعقاب الهزائم الكبرى التي مني بها الجيش الأمريكي عامي 1776 و1777، وسعى إلى إنهاك البريطانيين عسكريًا وسياسيًا.
وعلى الرغم من انتقاد قادة الكونجرس لهذه الاستراتيجية، إلا أنها نجحت وأدت في نهاية المطاف إلى فقدان البريطانيين الرغبة في مواصلة الحرب.. كما استخدمها الروس ضد نابليون بونابرت أثناء الغزو الفرنسي لروسيا.
وأحيانا يتم الجمع بين إستراتيجية فابيان مع استراتيجية الأرض المحروقة، التي تلجأ أحياناً للتضحية بسكان مدنيين.
aXA6IDE5Mi4yNTAuMjM5LjExMCA= جزيرة ام اند امز
