«الحوار الوطني» في مالي.. مونولوج عسكري أم صوت للمهمشين؟
انتهى حوار وطني في مالي بإبقاء السلطة في قبضة المجلس العسكري حتى عام 2027، ودعم ترشح رئيس المجلس العسكري العقيد آسيمي غويتا
للانتخابات رئاسية يفترض أن تجري بعد انتهاء الفترة الانتقالية.
وبالنظر لغياب قوى معارضة رئيسية عن الحوار، ربما يمكن اعتباره “مونولوج” للعسكر، الذين قرروا الاحتفاظ بمواقعهم الجديدة.
لكن الكاتب الصحفي المالي درامي عبدالله، يرى أنه الآن أصبحت البلاد أمام صندوق أسرار المجلس العسكري، وهي قريبة من أن تعرف الجانب المخبأ من سياسية الاستقلال التي تسير عليها سلطات البلاد.
وفي حديثه لـ”العين الإخبارية” يقول عبدالله “أذكر تصريحا عفويا للمحامي المالي الكبير الشيخ عمر كوناري قال فيها لو كان للأحزاب السياسية قواعد جماهيرية لما تحملت هذه اللطمة الموجعة سياسيا”.
وأوضح عبدالله أنه “يجب الاعتراف بأن ترشح العقيد غويتا في الانتخابات هو مطلب عدد كبير من المواطنين الذين يعتقدون أنه يملك الحلول السحرية”.
وفي بيان تلاه التلفزيون الرسمي للبلاد السبت الماضي أعلن أن الحوار الوطني أوصى بتمديد الفترة الانتقالية التي يفترض ان تنتهي خلال عامين، ثلاث سنوات إضافية تنتهي في عام 2027، كما أتاحت التوصيات أيضا ترشيح رئيس المجلس العسكري العقيد آسيمي غويتا للانتخابات الرئاسية المقبلة بعد انتهاء مدة التمديد.
وأشار عبدالله إلى أن الغالبية تجد في العقيد الشاب مبتغاها السياسي تماما كظمآن تائه في الصحراء ينتظر من يقدم له شربة ماء تنقذه من هلاك محقق.
وشدد الصحفي المالي على أن “الجماهير لا تزال تربط وجوه السياسية التقليدية بماضي البلاد الحزين، سنوات الخضوع لإرادة الدول الغربية، لذلك يعتقد غالبية الناس في مالي أنه الجهات المتربصة كثيرة جدا، وأنه ليس من الحكمة منحها فرصة للتسلل”.
جدل “الدكتاتور العادل”
من جانبه، رأى الدكتور محمد شريف جاكو الخبير التشادي في الشأن الأفريقي، أن النموذج المالي يلامس طموحات الشعب ورغبتهم في تعزيز مقدرات البلاد لصالح التعمير والتنمية، ليقطع بذلك مع مسار الارتهان للغرب.
وأشار جاكو إلى الاختلاف العميق بين مسار التحول في مالي عما جرى في بلده تشاد، ويقول لـ”العين الإخبارية” إن المسار هنا (تشاد) مرسوم في باريس.
ولفت الخبير التشادي إلى الجدل الدائر بين النخب في القارة الأفريقية بشأن حكم العسكر والحكم المدني، وهل الديكتاتور العادل أفضل أم الديمقراطي المدني الفاسد؟، وقال إن “هذه الجدلية تم حسمها لصالح نظام عسكري ثوري عادل يدفع التنمية”.
وتوقع أن تسير كلا من وبوكينا فاسو والنيجر على خطى مالي، معتبرا أنه كلما اقتربوا من هذا النهج كلما حظوا برضى الشعب، وتأييد يشكل حصانتهم في المقام الأول.
تعقيد للأوضاع
في المقابل، رأى الدكتور توفيق بوقاعدة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر أن ما اتخذه المجلس العسكري في مالي زاد من تأزيم الوضع السياسي والأمني في البلاد، نظرا لعدم إشراك قوى معارضة.
وأوضح بوقاعدة لـ “العين الإخبارية” أن ما حدث في مالي أظهر السلطة وكأنها تتحاور مع نفسها لغياب الائتلافات المعارضة سواء العسكرية أو السياسية، مضيفا أن الوضع في مالي الآن هو أكثر تأزما من وقت الانقلاب في 2020.
وأشار إلى أن المجلس العسكري بإقدامه على هذه الخطوة يكون قد خالف ما التزم به أمام الشعب، وفي ظل تشكيل وظهور كيانات سياسية معارضة للوجود في الفترة السابقة في وسط وجنوب البلاد.
نقطة الصفر
واعتبر الخبير الجزائري أن الأساليب القمعية التي اعتمدتها السلطات المالية حالت دون التعبير عن الغضب الشعبي ضد الحكومة الحالية.
وقال بالرغم إن الحكومة تحاول أن تستند على دعم الجيش وكذلك على الدعم الخارجي وخاصة الدعم الروسي، ولكنها لا يمكنها أن تتجاوز المشكلات الحقيقية التي تعاني منها البلاد، معربا عن اعتقاده بأن سلسلة العنف والتوترات السياسية هو المشهد الذي سيخيم على الساحة المالية في المرحلة المقبلة.
وأشار الخبير الجزائري إلى أن الحركة الأزوادية في الشمال والمعارضة في الوسط والجنوب ستمثل أبرز تحد للسلطات في مالي.
عودة الحرب الباردة
من جهته، يعتقد الدكتور محمد تورشين الباحث السوداني في الشأن الأفريقي، أن المنطقة عادت إلى وضع يشبه زمن الحرب الباردة.
وقال تورشين إن القارة تمر بمرحلة استقطاب حاد بين القوى الإقليمية والدولية، وهو أمر ينعكس حتما على أمن أفريقيا والساحل بشكل خاص.
ولفت إلى وجود خلافات حقيقية وعميقة بين الفرنسيين والأوربيين من جهة، والروس الذين يعززون حضورهم في القارة.
وتخضع مالي لسلطة مجالس عسكرية إثر وقوع انقلابات متتالية في عامي 2020 و2021، وقد وعد الجيش بتسليم السلطة عبر انتخابات في شهر فبراير/شباط الماضي، لكنهم أجلوا الانتخابات إلى أجل غير مسمى، مبررين ذلك بالوضع الأمني غير المستقر الذي تفاقم بسبب الهجمات الإرهابية.
وفي أبريل/نيسان، علقت السلطات العسكرية جميع الأنشطة السياسية الحزبية، ودعا لحوار وطني يصر المجلس العسكري على أنه كان “شاملا”.
aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA= جزيرة ام اند امز