«الخزف الحي».. مادة ثورية للكشف عن السموم وامتصاص الغازات (خاص)

تمكن فريق من علماء المواد والكيمياء في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ من تطوير طريقة جديدة لصنع “خزف حي” يمكنه اكتشاف كميات ضئيلة من مادة “الفورمالديهايد” وامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء.
تم نشر تفاصيل هذا الابتكار في مجلة “أدفانسيد ماتريلز”، حيث قدم الفريق عملية متعددة المراحل تمكن البكتيريا من النمو داخل المادة الخزفية.
وتستند هذه الدراسة إلى أبحاث سابقة أظهرت أنه من الممكن منح مواد مثل الأفلام الحيوية (biofilms)، الهيدروجيل (hydrogels)، والبوليمرات خصائص شبيهة بالكائنات الحية من خلال تدعيمها بالبكتيريا، وهذا أدى إلى تطوير مواد تستخدم في علاج الأمراض أو تحطيم السموم، وفي هذا البحث الجديد، نجح الفريق في تطبيق مبدأ مماثل على مادة خزفية.
وتم تصميم هيكل خزفي لولبي عبر الطباعة ثلاثية الأبعاد، بحيث يحتوي على حفر صغيرة تتراوح بين 20 و130 ميكرومتر لتوفر للبكتيريا أماكن للنمو، وتم استخدام الحفر الأكبر كقنوات لنقل العناصر الغذائية إلى البكتيريا>
وتم غمر الهياكل الخزفية في أحواض تحتوي على محاليل غذائية، حيث يسحب التبخر العناصر الغذائية إلى داخل الخزف عبر الخاصية الشعرية، مما يسمح للبكتيريا بالتكاثر داخل المسامات المصممة لها، وتبين أنها تستطيع البقاء على قيد الحياة لمدة تصل إلى أسبوعين بدون أي غذاء إضافي.
واستخدم الفريق أنواعًا مختلفة من البكتيريا لتحقيق أهداف مختلفة/ على سبيل المثال، تمكنوا باستخدام بكتيريا السينوبكتيريا (Cyanobacteria) من تصميم هيكل يمكنه استخراج ثاني أكسيد الكربون من الهواء، كما جربوا بكتيريا إشريكية القولون (Escherichia coli) وجعلوا الهيكل يعمل ككاشف للفورمالديهايد.
ويشير الباحثون إلى أن هذا العمل يعزز إمكانيات استخدام الخزف المسامي كمنصة واعدة لتصميم وإنشاء مواد حية وظيفية يمكن استخدامها في مجالات مثل التكنولوجيا البيئية والكيميائية.
والفكرة بهذه الطريقة تبدو مبتكرة ومختلفة عن استخدام مواد مثل الأفلام الحيوية والهيدروجيل، وذلك لأنها تستفيد من خصائص الخزف كمادة صلبة وغير مرنة، كما يوضح خالد العباسي، باحث الدكتوراة في علوم المواد بجامعة أسيوط المصرية.
ويقول العباسي لـ”العين الإخبارية”، إن صلابة الخزف تعطيه مجموعة مزايا تفوق المواد الأخرى، منها قدرته على تحمل الظروف البيئية القاسية، مثل درجات الحرارة العالية، الرطوبة، والضغط، وهذا يجعله مادة مثالية للاستخدام في البيئات الصعبة التي لا يمكن فيها للكائنات الحية الدقيقة البقاء بمفردها.
ويضيف: “كما أن البنية الصلبة للخزف توفر هيكل مستقر للكائنات الحية الدقيقة التي يتم إدماجها في المادة، مما يسهل عملها بشكل أكثر كفاءة داخل المادة دون تعريضها للتلف الميكانيكي أو التحلل السريع، وتوفر البنية الخزفية الصلبة أيضا بيئة يمكن فيها للبكتيريا العيش لفترات طويلة دون الحاجة إلى تدخل خارجي أو توفير مغذيات جديدة بشكل متكرر، مما يزيد من فعالية التطبيق الصناعي أو البيئي”.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز