السودان في 2024.. حركات مسلحة تتخلى عن «الحياد» وتؤجج الحرب
مع انطلاق الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أعلنت حركات مسلحة التزامها مبدأ “الحياد”، إلا أن الأمر سرعان ما تبدل.
وبعد نحو أسبوعين من اندلاع القتال في منتصف أبريل/نيسان 2023، شكلت حركات دارفور الرئيسية الأربع (تحرير السودان، تحرير السودان- المجلس الانتقالي، العدل والمساواة، تجمع قوى تحرير السودان) قوة مشتركة لحماية المدنيين في الإقليم، لتأمين وصول المساعدات الإنسانية وتأمين المقار والمؤسسات المهمة في الفاشر عاصمة شمال دارفور.
وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أعلن رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، ورئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، ورئيس حركة تحرير السودان (المنشقة عن حركة جيش تحرير السودان)، مصطفى تمبور ، التخلي عن “الحياد” والانحياز إلى الجيش السوداني، وسبقهم إلى ذلك رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، مالك عقار.
تبرير الخطوة
وبرر هؤلاء خطوة انحيازهم إلى الجيش السوداني والقتال في صفوفه، لما أسموها الانتهاكات التي ارتكبتها قوات “الدعم السريع” في حق المدنيين داخل المدن والأحياء السكنية.
بينما اختار رئيس حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي، برئاسة الهادي إدريس، ورئيس تجمع قوى تحرير السودان، الطاهر حجر، الانضمام إلى التيار الداعي لوقف القتال، وعدم موالاة أي من طرفي القتال، ليصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، قرارًا بإقالتهما من منصبيهما في مجلس السيادة.
وأفادت مصادر عسكرية لـ”العين الإخبارية” بأن قوات من حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وأخرى من حركة تحرير السودان بقيادة مصطفى تمبور، شاركت مؤخرًا في المعارك التي شهدتها أم درمان القديمة وفي شرق البلاد على الحدود مع ولاية الجزيرة التي أخضعتها قوات “الدعم السريع” تحت قبضتها وسيطرتها.
ووفق المصادر العسكرية، فإن رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، سبق وأن قاد قوة ضخمة من ولاية نهر النيل شمال البلاد إلى منطقة “وادي سيدنا” العسكرية بمدينة أم درمان شمال العاصمة الخرطوم وأعلن المشاركة في المعارك الحربية.
وأكدت المصادر العسكرية أن مني أركو مناوي يمتلك أكبر عدد من القوات والعتاد العسكري المتقدم، وأن عدد مسلحيه بلغ 30 ألف جندي يتوزع القسم الأكبر منهم في ولاية شمال دارفور.
وحسب المصادر، فإن رئيس حركة جيش تحرير السودان، عبد الواحد محمد نور، التزم “الحياد”، وأصبحت المناطق المحررة التي تسيطر عليها قواته في “جبل مرة” بولاية وسط دارفور، ملاذًا للنازحين الفارين من جحيم الحرب في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
تباين المواقف
وبسبب التباين في المواقف في صفوف الحركات المسلحة إثر الحرب في دارفور، توقفت “القوة المشتركة” عن أداء مهام الحماية وتأمين المساعدات، ما أثر سلبًا على الأوضاع الإنسانية في الإقليم، وأصبح يعاني نقصًا حادًا في الغذاء تحول إلى مجاعة في العديد من مخيمات النزوح.
وتضم القوة المشتركة حركات مسلحة أبرزها العدل والمساواة، بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان، بقيادة مني أركو مناوي.
وقالت مصادر عسكرية لـ”العين الإخبارية” إن الحرب تسببت في انقسامات قوية في صفوف الحركات المسلحة، إذ انشقت حركة العدل والمساواة إلى فصيلين يقود أحدهما جبريل إبراهيم، فيما يتزعم سليمان صندل فصيلًا آخر الذي يبدو أقرب إلى قوات “الدعم السريع” في مواقفه بضرورة وقف الحرب وإحلال السلام.
كما تواجه قوات الهادي إدريس، وفق المصادر العسكرية، خلافات وانشقاقات كبيرة، حيث توجهت مجموعة منها بزعامة صلاح رصاص للقاء رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وإعلان تأييدها للقوات المسلحة، وعزل إدريس من رئاسة الحركة، وأصبح مؤخرًا عضوًا بمجلس السيادة الانتقالي.
حركات شرق السودان
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت قوات “الأورطة الشرقية” بقيادة الجنرال الأمين داؤود الانتشار والانفتاح نحو الإقليم الشرقي بالسودان، في أعقاب مشاورات فنية مع الجيش السوداني، في خطوة اعتبرها مراقبون تطيل أمد الحرب.
وأبلغت مصادر عسكرية لـ”العين الإخبارية” أن قوات الأورطة الشرقية بدأت تدريبها العسكري العام الماضي في دولة مجاورة، وخضعت لكافة أنواع التدريب العسكري المتقدم.
وتأسست الأورطة الشرقية بقيادة الجنرال الأمين داؤود بعد اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في منتصف أبريل/نيسان 2023.
وحسب معلومات تلقتها “العين الإخبارية”، يتواجد بالخارج 4 جماعات مسلحة ذات صلة بحزب المؤتمر الوطني (الحاكم السابق في السودان) تعمل على إشعال التوتر في شرق السودان.
ووفق المعلومات، فإن هذه الجماعات المسلحة تشمل قوات الأورطة الشرقية بقيادة الأمين داؤود، وحركة تحرير شرق السودان بقيادة إبراهيم دنيا، وقوات الحركة الوطنية للعدالة والتنمية بقيادة محمد طاهر سليمان بيتاي، ومؤتمر البجا بقيادة موسى محمد أحمد، وقوات مؤتمر البجا/ الكفاح المسلح بقيادة الجنرال شيبة ضرار.
وطالبت حركة شبابية، يتبع عناصرها إلى قبيلة “البجا” المتجذرة في شرق السودان، بطرد الحركات المسلحة الحليفة للجيش من المنطقة.
وقالت الحركة، التي أطلقت على نفسها اسم “تيار الشباب البجاوي الحر”، في بيان، إن “وجود الحركات المسلحة القادمة من خارج الإقليم يُمثل خطرًا داهما، ليس على الأمن فقط، بل على نسيجنا الاجتماعي”.
وتوعدت الحركة الشبابية بإغلاق كامل لحدود الإقليم إلى حين خروج الحركات المسلحة، باعتباره خطوة ضرورية وواجبةمن أجل أهل الإقليم وسلامته.
جدير بالذكر أن عناصر حركة تحرير السودان، بقيادة مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان، بقيادة مصطفى تمبور، الموقعة على اتفاق جوبا للسلام مع الحكومة السودانية في أكتوبر/تشرين الأول 2020، تنشط أيضًا في شرق السودان بعد إعلان انحيازها إلى الجيش السوداني والانخراط في ميادين القتال.
وتقول الأمم المتحدة إن السودان، الذي كان حتى قبل الحرب من أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبًا أسوأ أزمة جوع في العالم.”
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب في السودان بما يجنب البلاد كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربًا خلّفت نحو 20 ألف قتيل وأكثر من 14 مليون نازح ولاجئ، وفقًا للأمم المتحدة.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز