السياسي الساخر «محمد الماغوط» أديب «الزنازين» ورائد قصيدة النثر
تحل اليوم ذكرى ميلاد الشاعر السوري الساخر وأديب السجون محمد الماغوط، الذي أثرى الثقافة العربية بالعديد من الأعمال الأدبية في الشعر والنثر والمسرح، وحتى في السينما والتلفزيون، ليصبح أحد أعمدة الأدب العربي الحديث.
يُعد محمد الماغوط من أبرز رواد الأدب السياسي الساخر، حيث قدم مسرحيات سياسية ناقدة شكلت حجر الأساس لتطوير المسرح السياسي في العالم العربي.
من هو محمد الماغوط؟
وُلد الشاعر والأديب السياسي السوري محمد أحمد عيسى الماغوط في مدينة السلمية بمحافظة حماة، يوم 12 ديسمبر/كانون الأول 1934. نشأ في عائلة فقيرة، حيث كان والده يعمل فلاحًا بالأجرة، وبدأ تعليمه في الكتّاب قبل أن ينتقل إلى المدرسة الزراعية الإعدادية.
انضم الماغوط إلى المدرسة الثانوية الزراعية في دمشق، حيث سعى للاستفادة من نظام يوفر الطعام والشراب مجانًا. لكنه لم يكمل دراسته، ليعود إلى مدينته السلمية.
مسيرة محمد الماغوط الفنية والسياسية
بعد عودته إلى السلمية، انضم الماغوط إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، لكنه واجه مضايقات وسُجن في سجن المزة بعد اغتيال عدنان المالكي عام 1955. خلال فترة سجنه، بدأت تتبلور موهبته الأدبية، ليبدأ كتابة قصائد عكست آلامه وتجربته.
بعد الإفراج عنه، غادر الماغوط سوريا متجهًا إلى بيروت، حيث انضم إلى جماعة مجلة الشعر، والتقى هناك بمجموعة من رموز الثقافة العربية مثل أدونيس، يوسف الخال، بدر شاكر السياب، وآخرين.
من هي زوجة محمد الماغوط؟
تعرف الماغوط إلى زوجته، الشاعرة سنية صالح، بسبب تنافسهما على جائزة جريدة النهار لأفضل قصيدة نثرية.
توطدت علاقتهما أثناء وجودهما في دمشق لإكمال دراستهما الجامعية، وتزوجا لاحقًا، لتصبح سنية شريكة حياته وداعمته الأدبية.
أهم أعمال محمد الماغوط
في عام 1959، أصدر محمد الماغوط ديوانه الشعري الأول “حزن في ضوء القمر”، وهو عمل عكس عمق إحساسه بالموت وحنينه الجارف إلى وطنه دمشق. حمل الديوان مشاعر صادقة، تجسدت في بكاء الحنين والشوق الذي غلف قصائده.
لم يقتصر إبداع الماغوط على الشعر فحسب، بل امتد ليشمل المسرح، حيث أبدع في تقديم العديد من المسرحيات الساخرة التي أحدثت نقلة نوعية في المسرح السياسي العربي. من أبرز مسرحياته “كاسك يا وطن” (1979)، “ضيعة تشرين” (1973)، و”غربة” (1976).
بالإضافة إلى أعماله المسرحية، كان لمحمد الماغوط إسهامات مميزة في المجالين السينمائي والتلفزيوني. كتب سيناريوهات لأفلام بارزة، من بينها “التقرير” (1986)، و”الحدود” (1984).
كما برز في كتابة سيناريوهات العديد من المسلسلات، التي حققت نجاحًا كبيرًا، منها “حكايا الليل”، “وين الغلط”، و”وادي المسك”.
لحظات صعبة في حياة الماغوط
شهدت الثمانينيات لحظات مأساوية في حياة الماغوط، حيث فقد شقيقته عام 1984، ثم والده عام 1985. لكن أصعب اللحظات كانت وفاة زوجته سنية صالح عام 1985 بعد صراع طويل مع المرض. في عام 1987، توفيت والدته أيضًا، مما أضاف المزيد من الحزن إلى حياته.
رغم هذه الخسائر، جاءت التسعينيات بأحداث سعيدة، حيث تزوجت ابنته شام طبيبًا سوريًا يقيم في أمريكا، بينما تزوجت ابنته سلافة وانتقلت للعيش مع زوجها في بريطانيا.
وفاة محمد الماغوط
في أبريل/نيسان 2006، توفي محمد الماغوط عن عمر ناهز 72 عامًا بعد صراع مع مرض السرطان، وهو المرض نفسه الذي أودى بحياة زوجته.
لم يكن محمد الماغوط مجرد شاعر أو أديب، بل كان صوتًا ثائرًا جسد آلام المجتمع وأحلامه في كتاباته، وبقيت أعماله شاهدة على موهبته وأفكاره الجريئة، بفضل أسلوبه الجريء ومسرحياته الناقدة، أصبح رمزًا أدبيًا وسياسيًا خالدًا في الثقافة العربية، يعكس تطلعات الإنسان العربي ومعاناته في عصره.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز