اخبار لايف

الكابلات.. سلاح الدمار الرقمي الشامل!


عندما أجرت القوات البحرية البريطانية وإستونيا وفنلندا مناورة مشتركة في البلطيق، كانت القوات تتدرب على حماية البيانات تحت البحر.

عندما أجرت القوات البحرية البريطانية وإستونيا وفنلندا مناورة مشتركة في بحر البلطيق في وقت سابق من هذا الشهر، لم يكن هدفهم صقل المهارات القتالية بل كانت القوات تتدرب على حماية خطوط أنابيب الغاز والبيانات تحت البحر من التخريب.

ووفقاً لتقرير صحيفة الإيكونوميست، جاءت التدريبات في أعقاب الأحداث التي وقعت في أكتوبر/تشرين الأول عندما تضررت الكابلات البحرية في المنطقة.

وتساءل سولي نينيستو، الرئيس الفنلندي، ما إذا كانت السفينة الصينية التي تم إلقاء اللوم عليها في هذا الحادث قد قامت بسحب مرساتها من قاع المحيط عن عمد أو نتيجة لسوء الملاحة البحرية؟

وكان يُنظر إلى الكابلات البحرية على أنها الخاصة بالإنترنت. والآن يؤكد عمالقة اقتصاد البيانات، مثل أمازون، وغوغل، وميتا، ومايكروسوفت، أنها تمثل قدر أكبر من السيطرة على تدفق البيانات، حتى في حين تهديد التوترات بين الصين وأمريكا بتقسيم البنية التحتية الرقمية في العالم والنتيجة هي تحول الكابلات البحرية إلى أصول اقتصادية واستراتيجية ثمينة.

وتحمل أنابيب البيانات تحت سطح البحر ما يقرب من 99% من حركة الإنترنت العابرة للقارات.

1,4 مليون كيلومتر طول الكابلات

 وتقدر شركة الأبحاث “تلي جيوغرافي TeleGeography” أن هناك 550 كابلًا بحريًا نشطًا تمتد حاليًا على مسافة تزيد عن 1.4 مليون كيلومتر. والكابل يتكون عادةً من حزمة تتراوح بين 12 و16 خيطًا من الألياف الضوئية وبعرض خرطوم حديقة، يربط قاع البحر على عمق متوسط يبلغ 3600 متر.

وتمت إضافة ما يقرب من النصف في العقد الماضي. وهذه الأحدث قادرة على نقل 250 تيرابايت من البيانات في الثانية، أي ما يعادل 1.3 مليون مقطع فيديو. وقد يتم تخزين البيانات بناء علي اليات الحوسبة السحابية، لكنها تتدفق تحت المحيط.

وتضاعف الطلب على النطاق الترددي الدولي للإنترنت منذ عام 2019، ثلاث مرات ليصل إلى أكثر من 3800 تيرابايت في الثانية، وفقاً لتقديرات شركة الأبحاث الأمريكية.

وقد يؤدي ازدهار الذكاء الاصطناعي المتعطش للبيانات إلى تعزيز هذا الاتجاه. وتتوقع شركة الأبحاث سيرجني، زيادة تبلغ ثلاثة أضعاف تقريبًا في سعة مراكز البيانات الخاصة بمقدمي الخدمات السحابية الكبرى على مدى السنوات الست المقبلة.

 ومن المتوقع أن تقوم شركات صناعة كابلات البيانات بين عامي 2020 و2025 بتركيب 440 ألف كيلومتر من الخطوط البحرية الجديدة بهدف ربط مراكز البيانات هذه بالإنترنت.

تكنولوجيا الكابلات

وجاء تحول كبير في تكنولوجيا الكابلات البحرية؛ حيث أنه حتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت الكابلات البحرية تُستخدم بشكل أساسي لنقل حركة الصوت عبر العالم نتج عنه سيطر مشغلو الاتصالات مثل شركة بي تي البريطانية وشركة فرانس تليكوم على معظم السعة.

وأدى الارتفاع في حركة البيانات بحلول عام 2010 إلى دفع عمالقة الإنترنت والحوسبة السحابية مثل أمازون، وغوغل، وميتا، ومايكروسوفت إلى زيادة الاهتمام بهذه الخطوط.

وبدأت شركات التكنولوجيا في الاستثمار في أنابيبها الخاصة مع تزايد احتياجاتها من البيانات، وفي عام 2012، استخدمت الشركات الأربع حوالي عُشر النطاق الترددي الدولي واليوم يسيطروا علي ما يقرب من ثلاثة أرباع.

وتمثل الكابلات المدعومة بالتكنولوجيا المعقدة ما يقرب من خمس الاستثمارات المخطط لها البالغة 12 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة.

وتمتلك أمازون ومايكروسوفت شبكة واحدة وأربع شبكات على التوالي كما تمتلك شركة ميتا نظامًا واحدًا للكابلات بشكل كامل، وهي تستثمر أيضا في 14 كابلًا آخر.

وأما شركة غوغل فهي تمتلك بشكل مباشر 12 كابلًا من أصل 26 كابلًا. وفي هذا العام، أكملت مشروع فيرمينا، وهو مشروع بقيمة 360 مليون دولار يمتد لأكثر من 14 ألف كيلومتر من الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية عبر البرازيل إلى الأرجنتين.

وتسمح الكابلات المخصصة لعمالقة التكنولوجيا بتجنب التنافس مع الآخرين على النطاق الترددي والاستجابة بسرعة للتغيرات في طلب المستخدم ولأي مشاكل وفي حالة تلف أحد الكابلات على المسار، يمكن إعادة توجيه البيانات إلى شركة أخرى من الشركات.

 ويشير الآن مولدين من شركة الأبحاث “تلي جيوغرافي” إلى أن “كونهم مالكين ومشغلين يمنح عمالقة التكنولوجيا أيضًا رفاهية تصميم الطرق التي تلبي احتياجاتهم الخاصة”.

وتعتمد معظم شركات الاتصالات على محطات تربط الكابلات في البحر بمراكز بيانات العملاء على الأرض. ومن خلال امتلاك الكابلات الخاصة بها، تستطيع الشركات توصيلها بشكل مباشر بمراكز البيانات الخاصة بها، مما يؤدي إلى تسريع حركة البيانات.

 وقد تم تعزيز القدرات التقنية للكابلات بشكل أكبر بفضل التكنولوجيا الذكية، والتي تجعل استخدامها أسهل؛ حيث أنه في عام 2019، قدمت جوجل ابتكارًا أدى إلى زيادة عدد خيوط الألياف في الكابل من 16 إلى 24.

تأجير السعة

ويؤدي ذلك إلى تحول في أعمال كابلات البيانات حيث أنه بعد أن بدأت كمشتري للنطاق الترددي من شركات الاتصالات، تقوم شركات التكنولوجيا الكبرى الآن بتأجير سعة بعض كابلاتها لمشغلي الاتصالات. شركات الاتصالات القديمة سعيدة بهذا الترتيب، لأنها تواجه ضغوطا مستمرة من المستهلكين للحصول على المزيد من السعة، ولكن على عكس شركات التكنولوجيا الكبرى، فإنها تعاني من نقص شديد في رأس المال. أما بالنسبة للشركات المتخصصة التي تقوم بتوريد المعدات وتمديد الكابلات، فهذه سنوات انطلاق.

وشهدت صناعة كابلات البيانات أيضًا جانباً من المنافسة التكنولوجية بين أمريكا والصين، وهو التحول الكبير الثاني.

على سبيل المثال شبكة كابلات المحيط الهادئ الخفيفة “بي إل سي أن”؛ حيث تم الإعلان عن خط أنابيب البيانات الذي يبلغ طوله 13000 كيلومتر في عام 2016، بدعم من شركات جوجل وميتا. كان يهدف إلى ربط الساحل الغربي لأمريكا مع هونغ كونغ.

ولكن الحكومة الأمريكية رفضت الموافقة على مد الكابلات إلى هونج كونج، خوفا من أن يمنح ذلك السلطات الصينية إمكانية الوصول بسهولة إلى بيانات الأمريكيين ولا تزال مئات الكيلومترات من الكابلات التي من شأنها أن تربط هونج كونج بالشبكة غير مستخدمة في قاع المحيط.

ويعد مد الكابلات في العمق مهمة معقدة؛ حيث أن فقط عدد قليل من المقاولين لديهم القطع المطلوبة مثل شركة الكتيل سابمارين من فرنسا، وشركة “إن إي سي” من اليابان، وشركة “سب كوم” من أمريكا والتي تعد مسئولة عن أكثر من 80% من الاستثمار على بناء الكابلات.

تأثير التوترات الجيوسياسية الأمريكية

 وتستحوذ شركة “إتش إم إن تيك”، وهي شركة صينية منافسة انفصلت عن شركة هواوي، على 9% من الإنفاق السنوي على أعمال البناء الجديدة. ولكن وسط التوترات الصينية الغربية، تتجنب الكابلات الجديدة التي لها روابط بأمريكا.

وتستجيب الصين من خلال رسم مسارها الخاص من خط السلام، وهو كابل تحت البحر بطول 21500 كيلومتر يربط كينيا بفرنسا عبر باكستان، تم بناؤه بالكامل من قبل الشركات الصينية كجزء من “طريق الحرير الرقمي” الصيني.

وذكرت وكالة رويترز أن ثلاث شركات صينية وهي تشاينا تيليكوم، وتشاينا يونيكوم، وتشاينا موبايل المحدودة؛  تستثمر هذا العام 500 مليون دولار في شبكة الكابلات التي تربط الصين وفرنسا عبر سنغافورة وباكستان ومصر والتي من المقرر أن تقوم ببناءه شركة “إتش إم إن تيك”.

aXA6IDE5Mi4yNTAuMjM5LjExMCA= جزيرة ام اند امز GB

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى