انحسار وفقدان للبوصلة.. رصاصة إرهاب «الإخوان» ترتد لصدره
مدفوعًا بـ«وعي شعبي» تنامى مؤخرًا في ربوع البلدان التي لفظته، انحسر نفوذ تنظيم الإخوان المصنف إرهابيًا في بعض الدول لأدنى مستوى له في العشرية المنصرمة.
تراجع تجسد في مؤشرات عدة؛ بدءًا من خسارة «الإخوان» استحقاقات ديمقراطية في بلدان كان فيها بالأمس القريب رقمًا مهمًا في المعادلة بها، مرورًا باندلاع احتجاجات تطالب بالإطاحة بالتنظيم وأذرعه السياسية، إلى انحسار التأثير السياسي وفقدان رسائله الآذان الصاغية التي كانت تأتمر بأوامره.
وضع رصده مركز «تريندز» للبحوث والاستشارات، في النسخة الدولية من مؤشر «نفوذ الإخوان»، والتي أطلقها مؤخرًا، قائلا إنها تعد الأولى من نوعها على مستوى العالم.
المؤشر الذي ساهم في إطلاقه إلى جانب «تريندز»، كل من جامعة مونتريال الكندية، والمنصة الجامعية لدراسة الإسلام «Pluriel»، يقيس نفوذ تنظيم الإخوان المسلمين على مختلف المستويات من خلال 5 مؤشرات رئيسية، هي: نفوذ التنظيم الدولي، والنفوذ السياسي، والنفوذ الاقتصادي، والنفوذ الإعلامي، والنفوذ المجتمعي.
وعن المؤشر، قال الدكتور وائل صالح، خبير قسم الإسلام السياسي في «تريندز»، إن الهدف من المؤشر هو وضع مؤشرات محددة قابلة للقياس بشكل علمي لمدى نفوذ تنظيم الإخوان المسلمين على الساحة الدولية، على المستويات السياسية، والاقتصادية، والإعلامية، والمجتمعية، والتنظيمية؛ للوقوف على وضع الجماعة إقليمياً ودولياً.
وبحسب الخير في الإسلام السياسي، فإن المؤشر يلبي الحاجة المتزايدة للحصول على إشارات مبكرة وواضحة عن التطورات الحالية والمستقبلية لمدى نفوذ الجماعة دولياً، بشكل يؤدي لسرعة الاستجابة المناسبة تجاه الجماعة على صعيد السياسات، فضلاً عن أنه يوفر إجابات صادقة وموضوعية عن قدرة الجماعة على الوصول لأهدافها واستشراف مستقبلها.
فأين يقف الإخوان الآن؟
تساؤل أجاب عنه حمد الحوسني، الباحث في قسم الإسلام السياسي بـ«تريندز»، والذي قال إن نفوذ وتأثير جماعة الإخوان المسلمين على المستوى الدولي وصل إلى أقصاه أثناء ما يسمى بـ«الربيع العربي»، إلا أنها منذ مطلع عام 2012 بدأت الجماعة تفقد عناصر نفوذها وقوّتها، على المستويات السياسية والاقتصادية والمجتمعية والإعلامية كافة، وفي كل المناطق الجغرافية محل الرصد والدراسة، وبالتحديد في الفترة بين عامي 2021 و2023.
الخبير في الإسلام السياسي، أوضح أن التغيرات التي شهدتها الجماعة في تلك الفترة أدت إلى تناقص مجموع القوة الشاملة للإخوان المسلمين من 64% في عام 2021، وإلى 49.3% في 2022، وإلى 48% عام 2023، متوقعًا استمرار الجماعة في فقدان المزيد من قوتها وتأثيرها خلال العام الجاري.
أما البروفيسور باتريس برودور، الأستاذ المساعد في جامعة مونتريال بكندا، فأشار إلى أنه بين عامي 2021 و2023، انخفض مؤشر نفوذ الجماعة السياسي والأمني من 64% إلى 48%.
ليس هذا فحسب، بل إن مؤشر النفوذ الاقتصادي للإخوان انخفض من 89.2% إلى 60.4%، فيما انحسر مؤشر النفوذ الإعلامي من 70.3% إلى 46.6%، بينما تراجع مؤشر النفوذ المجتمعي من 77.5% إلى 61.8%.
وأوضح البروفيسور برودور، أنه حدثت إعادة توزيع لقوة نفوذ جماعة الإخوان بين المناطق الجغرافية في عام 2023 بشكل مختلف عن تقرير مؤشر عام 2021، مشيرًا إلى أنه بينما انتقلت قوة نفوذ وتأثير الإخوان من الأمريكيتين إلى آسيا، اضمحلت قوة الجماعة في العالم العربي وأوروبا، لصالح صعودها في أفريقيا.
صعود بأفريقيا
صعود في القارة السمراء، كان الواقع شاهدا عليه؛ فالإخوان نجحت في تأسيس وجودها وتعزيزه في جنوب أفريقيا، حتى إنها أنشأت مكتبا لرابطة الإخوان المصريين بالخارج في هذه الدولة، وهو واحد من 12 مكتبا للرابطة، تعمل بوصفها كيانا إداريا وتنسيقيا يتولى مسؤوليات التسكين والرعاية والإشراف على شؤون الإخوان المصريين الذين انتقلوا إلى خارج مصر، سواءً للعمل أو القيام بمهمات تنظيمية للإخوان، والتي تُعرف في أوساطها بالمهام الدعوية، ويُفرض على أعضاء الإخوان في البُلدان التي توجد بها مكاتب للرابطة أن يعملوا تحت قيادتها.
واستطاعت جماعة الإخوان تكوين شبكة واسعة من الجمعيات والمراكز الإسلامية، كما دشنت استثمارات خاصة بها وافتتحت مصنعا تبلغ قيمته السوقية نحو 2 مليون دولار (أي ما يزيد على 38 مليون راند جنوب أفريقي)، فضلا عن امتلاكها مجموعة من الاستثمارات العقارية وغيرها.
وتُدار شبكة الإخوان في جنوب أفريقيا عن طريق قيادة تنفيذية/مكتب تنفيذي يضم قيادات مصرية بالجماعة، ويتولى هؤلاء القادة الإشراف على الفرع بما في ذلك الجمعيات والمراكز والكيانات التابعة له، والتنسيق مع الجماعة الأم (إخوان مصر) والتنظيم العالمي، كما يتحكمون في إدارة الملف المالي وعملية جمع الاشتراكات الشهرية (تُعرف بسهم الدعوة)، وهي مبالغ مالية ثابتة يدفعها كل أعضاء التنظيم وتتراوح نسبتها من 7 إلى 10% من راتب العضو الشهري.
aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA=
جزيرة ام اند امز