بعد مخاض عسير.. لبنان ينتظر «ولادة قيصرية» لـ«حكومة الأمر الواقع»
يقف لبنان على مشارف ساعات حاسمة في مسار تأليف الحكومة الجديدة، التي طال انتظارها.
وبعد أسبوعين من تكليف القاضي اللبناني نواف سلام بتشكيل حكومة جديدة بعد تولي الرئيس جوزيف عون منصبه، إثر شغور رئاسي استمر أكثر من عامين، اصطدمت عربة الحكومة الجديدة بعقبات وعراقيل حاولت التغلب عليها، أبرزها “عقبة الثنائي الشيعي”.
وتوقع النائب اللبناني، غسان كساف، في حديث لـ”العين الإخبارية”، أن يكون إعلان تشكيل الحكومة الجديدة في غضون أيام قليلة، وذلك بحد أقصى نهار الخميس المقبل، بعد تخطي عقبة الثنائي الشيعي.
وكشف كساف عن أن عقدة الثنائي الشيعي وصلت إلى الحل، بعد الموافقة على إسناد 4 حقائب وزارية للثنائي، على الأرجح، من بينها حقيبة المال للوزير والنائب السابق ياسين جابر، إضافة إلى وزير شيعي خامس “محايد” من اختيار رئيس الجمهورية والحكومة.
وقال كساف إن “أزمة حزب القوات الذي يرأسه سمير جعجع في طريقها إلى الحل مع استمرار اتصالات اللحظة الأخيرة بين الرئيس المكلف وحزب القوات، وما لم يتم حل الإشكالية فإن حزب القوات لن يشارك في الحكومة الجديدة”.
وأضاف أن رئيس الحكومة يجري اتصالات مكثفة حاليًا مع حزب القوات وكتل نيابية أخرى، لتخطي العراقيل التي تقف بوجه تأليف الحكومة، لكن ما لم يتم تخطيها سريعًا فإن هناك احتمال “ولادة قيصرية” للحكومة، على طريقة حكومة الأمر الواقع.
بدوره، تحدث النائب المستقل، بلال الحشيمي، عن العراقيل والتجاذبات التي تعيق عملية تشكيل الحكومة، قائلاً لـ”العين الإخبارية” إن “هناك إشكالية لدى حزب القوات، تتمثل في رفضه إسناد وزارة المال لوزير يختاره الثنائي الشيعي، باعتبار أن ذلك سيعرقل مسيرة الحكومة، كما يصر الحزب على الحصول على وزارة سيادية، وتحديدًا وزارة الخارجية، معتبرا أن عدم إسنادها لها يشكل انتقاصًا من دورها وحجم تمثيلها”.
الحشيمي قال إن “النواب السنة يطالبون بعقد لقاء مع رئيس الحكومة المكلف، انطلاقًا من حقهم في المشاركة الفعلية في عملية التشكيل، وليس مجرد منحهم حقائب وزارية دون أن يكون لهم دور في اختيار الشخصيات التي ستمثلهم”، معتبرا أن هذا اللقاء ضروري لضمان تشكيل حكومة متوازنة تأخذ في الاعتبار التمثيل العادل لجميع الأطراف.
وعلى مسار التأليف، ووفقًا لما توافر لديه من معلومات، أوضح النائب الحشيمي أن حقيبة الأشغال استُقرت لصالح الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يطالب أيضًا بالحصول على وزارة الإعلام، بينما أُسندت وزارة البيئة للطائفة الشيعية.
ودعا الحشيمي رئيس الحكومة المكلف إلى الإسراع في حسم التشكيل الحكومي، معتبرا أن “الوقت ليس في صالحه”. وقال إن “الرئيس سلام أمام امتحان تاريخي، وعليه أن يتخذ قراره الحاسم فورًا بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة قادرة على إنقاذ لبنان، من دون أي تراجع”.
واعتبر أن مسار التأليف “لا يزال يدور في حلقة مفرغة بين محاولات الرئيس المكلف الالتزام بالدستور والمواصفات التي حددها لحكومته عند تكليفه، وبين الأعراف والسوابق التي يرى البعض أنها ضرورية”.
وفي تقدير النائب عن حزب القوات اللبنانية، فادي كرم، فإن “الأمور ما زالت عالقة.. ولم تحل كافة الأمور التي هناك خلاف عليها والمرتبطة بالمعايير”.
وقال كرم لـ”العين الإخبارية” إنه “ليس هناك معايير واحدة في التعاطي مع الجميع.. وهناك محاولة لمنع تسمية “القوات” لأسماء بعض الوزارات”.
وبشأن مبررات اعتراض حزب القوات على إسناد حقيبة المال للثنائي الشيعي، قال النائب عن حزب القوات، رازي الحاج، في تصريح إذاعي إن “إبقاء وزارة المالية مع ثنائي حركة أمل وحزب الله يُشير بشكل واضح إلى تعثر الانطلاقة الفعلية للعهد الجديد ويعرّض مشاعر اللبنانيين للخيبة وثقتهم للاهتزاز”.
وأضاف: “كيف يمكن أن نرى وزارة المالية التي هي عماد الوزارات السيادية، ودورها أساسي وجوهري تقوم بالصلاح المنشود، وهي في عهدة طرف مشارك في الفساد والهدر اللذين نشكو منهما في لبنان”.
ولفت إلى أن “مشكلة القوات اللبنانية في الحكومة الجديدة ليست في الحقائب أو الحصص، بل تتمحور حول مبدأ وطني، والسعي الحثيث لعدم إضاعة الفرصة الحقيقية السانحة لقيام دولة حقيقية اليوم في لبنان”، متسائلا: “إذا كانت وحدة معايير في توزيع الحقائب، فالقوات هي أكبر تكتل نيابي لبناني في المجلس، فلماذا يخشون منها ويحاولون استبعادها أو تهميشها؟”.
وذكرت وسائل إعلام محلية نقلا عن مصادر مطلعة على التشكيلة الوزارية، أنّها أُنجزت بنسبة 90%، وأنها مكونة من 24 وزيرًا.
في هذا السياق، لم تستبعد المصادر أن تنزلق الأمور نحو احتمال “ولادة قيصرية” للحكومة على طريقة الأمر الواقع، إذا تراءى لرئيس الحكومة المكلف نواف سلام ووافقه الرئيس اللبناني جوزيف عون، بأن مطالب الفرقاء ستتحوّل إلى ما يشكل خطرًا يمنع إعلان الحكومة الجديدة.
وتحدثت وسائل إعلام محلية عن أسماء بعض الوزراء في الحكومة الجديدة، وهم شارل الحاج لوزارة الاتصالات، وجو صدي لوزارة الطاقة، وفايز رسامني (الأشغال) ونزار هاني (الزراعة)، والعميد أحمد حجار (الداخلية)، وحنين السيد (شؤون اجتماعية)، وريما كرامي (التربية)، فيما لم يتم حسم تلك الأسماء بشكل قاطع انتظارًا لمشاورات اللحظات الأخيرة بين رئيس الحكومة المكلف والرئيس اللبناني.
وفي 13 يناير/كانون الثاني الجاري، أعلنت الرئاسة اللبنانية تسمية رئيس محكمة العدل الدولية القاضي نواف سلام، رئيسًا للحكومة بعدما أيده 84 نائبًا من إجمالي 128 في الاستشارات النيابية.
ويعمل سلام منذ أكثر من أسبوعين على تشكيل حكومة بالتنسيق مع عون والكتل النيابية.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز