بلينكن يؤسس لتخفيف النار في غزة.. والتطبيق مرهون بحكومة إسرائيل
أسس وزير الخارجة الأمريكي أنتوني بلينكن لتخفيف النار في غزة ولكن التطبيق مرهون بوقف التجاذبات في الحكومة الإسرائيلية.
فالجيش الإسرائيلي بدأ بالانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب ولكن دون تحديد موعد الانتهاء من استكمال الانتقال في ظل رفض أطراف بالحكومة الإسرائيلية هذا الإجراء، غير أن العملية بدأت بالفعل وإن كان بوتيرة بطيئة.
وجاء التحدي الأول لبلينكن من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الذي قال في تغريدة على منصة “إكس” (تويتر سابقا) إن “الوزير بلينكن، هذا ليس الوقت المناسب للتحدث بهدوء مع حماس، لقد حان الوقت لاستخدام تلك العصا الغليظة”.
وسبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن توصل إلى تفاهمات مع واشنطن ولكن توقف تنفيذها بسبب ضغوط بن غفير ورفيقه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
وجاء بلينكن إلى إسرائيل وهو يحمل 6 ملفات هي؛ انتقال الحرب على غزة إلى المرحلة الثالثة لتفادي المزيد من قتل المدنيين، زيادة المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وجوب استئناف إسرائيل تحويل أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية، ومنع التهجير من غزة، وتفادي توسيع جبهة الحرب إلى لبنان، وأخيرا إن الرؤية لما بعد الحرب هي توسيع نطاق اندماج إسرائيل بالمنطقة من خلال رؤية سياسية تتضمن قيام دولة فلسطينية.
ولكن البيانات الصادرة عن الجانب الإسرائيلي تشي بأن الزيارة الخامسة لبلينكن إلى إسرائيل منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي حققت نتائج محدودة.
فقد سارع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للرد على بلينكن من خلال منصة “إكس” (تويتر سابقا) بقوله: “فيما يتعلق بوجودنا في بلادنا، فإننا سنتصرف دائما وفقا للمصلحة الإسرائيلية. ولذا سنواصل القتال بكل قوتنا لتدمير حماس، ولن ننقل شيكلًا إلى السلطة الفلسطينية يذهب إلى عائلات النازيين في غزة”، على حد وصفه.
وأضاف: “سنعمل على تمكين فتح أبواب غزة أمام الهجرة الطوعية للاجئين، كما فعل المجتمع الدولي تجاه اللاجئين من سوريا وأوكرانيا”.
وحقيقة اعتماد نتنياهو على بقاء سموتريتش وبن غفير في حكومته من أجل ضمان بقاءه السياسي، يدفع المحللين الإسرائيليين للاعتقاد بأن فرص استجابة إسرائيل لمطالب بلينكن ضئيلة.
ولعل الأهم في الاجتماعات التي عقدها بلينكن كانت اللقاء الثنائي مع نتنياهو والموسع مع مجلس الحرب وأيضا مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ويبقى المفتاح في الاجتماع الذي عقده مع الوزير في المجلس الوزاري الحربي بيني غانتس.
فاللقاء مع غانتس جاء في وقت تتصاعد فيه الضغوط المحلية عليه للانسحاب من حكومة نتنياهو لإفساح الطريق أمام تغيير رئيس الحكومة أو على الأقل استبعاد بن غفير وسموتريتش منها وهي أيضا رغبة أمريكية ملحة.
وبشأن اللقاء مع نتنياهو ومجلس الحرب، قال الناطق بلسان وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في بيان تلقته “العين الإخبارية”: “شدد الوزير بلينكن على أهمية تجنب المزيد من الأذى للمدنيين وحماية البنية التحتية المدنية في غزة. وناقش الوزير ورئيس الوزراء الجهود الجارية لضمان إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين وأهمية زيادة مستوى المساعدات الإنسانية التي تصل إلى المدنيين في غزة”.
وأضاف: “وأكد الوزير مجددا على ضرورة ضمان سلام دائم ومستدام لإسرائيل والمنطقة، بما في ذلك من خلال إقامة دولة فلسطينية”.
أما في اللقاء مع غانتس، فقد أشار ميلر إلى أن “الوزير شدد على الحاجة الملحة لحماية أرواح المدنيين وتسريع إيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك من خلال آلية فعالة لمنع الاشتباك”.
ولا غرابة إن بيان ميلر كان أكثر حزما عن الاجتماع مع وزير الدفاع غالانت الذي يؤيد استمرار الحرب على غزة ومنع عودة الفلسطينيين إلى شمالي القطاع ويشجع توسيع الحرب إلى لبنان.
إذ قال ميلر: “حث الوزير بلينكن إسرائيل على اتخاذ جميع التدابير الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين، وحماية البنية التحتية المدنية، وتفادي العمليات الإسرائيلية بشكل فعال لضمان توزيع المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء قطاع غزة”.
وأضاف: “شدد الوزير أيضًا على أهمية منع انتشار الصراع، بما في ذلك عن طريق تجنب التصعيد في لبنان أو الضفة الغربية”.
ولكن البيان الصادر عن مكتب غالانت والذي تلقته “العين الإخبارية” لا يشير إلى تجاوب كبير، إذ قال: “تحدث الوزير غالانت عن التغييرات في التكتيكات القتالية في المنطقة الشمالية من قطاع غزة، والتي ستمكن دولة إسرائيل من تحقيق أهدافها في الحرب. وأكد في هذا الصدد أن العمليات في منطقة خان يونس ستتكثف وتستمر حتى يتم الكشف عن قيادة حماس وعودة الرهائن الإسرائيليين إلى ديارهم سالمين”.
وبشأن توسيع الحرب إلى لبنان، أضاف مكتب غالانت: “بشأن الساحة الشمالية، فقد أكد وزير الدفاع على الأولوية القصوى لعودة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم، مع تغيير الواقع الأمني في المنطقة. وتفضل دولة إسرائيل تحقيق هذه الأهداف من خلال التفاهمات الدبلوماسية، لكنها تقوم أيضًا بإعداد بدائل عسكرية”.
الخطوات العملية
وحدد بلينكن في مؤتمر صحفي عقده في تل أبيب الخطوات العملية التي اتفق عليها مع الجانب الإسرائيلي.
وقال: “اتفقنا على خطة للأمم المتحدة للقيام بمهمة تقييم. وسوف تحدد ما يجب القيام به للسماح للفلسطينيين النازحين بالعودة إلى ديارهم في الشمال. لن يحدث هذا بين عشية وضحاها، فهناك تحديات خطيرة تتعلق بالبنية التحتية والإنسانية، لكن البعثة ستبدأ عملية لتقييم هذه العقبات وكيفية التغلب عليها”.
وأضاف: “لقد كنت واضحا تماما – يجب السماح للمدنيين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم بمجرد أن تسمح الظروف بذلك، ويجب عدم الضغط عليهم لمغادرة غزة. وكما قلت لرئيس الوزراء، فإن الولايات المتحدة ترفض بشكل لا لبس فيه أي مقترحات تدعو إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة. وأكد لي رئيس الوزراء مجددا أن هذه ليست سياسة الحكومة الإسرائيلية”.
وبشأن توسيع الحرب الى لبنان، قال بلينكن: “التصعيد ليس في مصلحة أحد. لا أحد يسعى إليه، ولا أحد يريد أن يرى جبهات أخرى مفتوحة في هذا الصراع. أجرينا محادثات مكثفة حول ذلك اليوم، وركزنا هنا بشكل خاص على الوضع في شمال إسرائيل”.
وأضاف: “الأمر واضح جدًا بالنسبة لي: نحن نؤيد بقوة الاقتراح القائل بأن الإسرائيليين بحاجة إلى أن يلمسوا الأمن حتى يتمكنوا من العودة إلى منازلهم في شمال إسرائيل”.
وتابع بلينكن: “وبالمثل، نعتقد – وتعتقد حكومة إسرائيل – أن المسار الدبلوماسي هو أفضل وسيلة لتحقيق هذا الأمن. وهذا بالضبط ما سنواصل السعي إليه، وهذا ما قالته الحكومة اليوم”.
aXA6IDE5Mi4yNTAuMjM5LjExMCA= جزيرة ام اند امز