بين تصاعد الإرهاب وهشاشة الاستقرار.. إلى أين يسير الساحل الأفريقي؟

تصاعدٌ غير مسبوق في أعمال العنف والإرهاب، تشهده منطقة الساحل الأفريقي، حتى باتت تشكل “بؤرة” عالمية.
وكشف التقرير العالمي للإرهاب لعام 2025 عن ارتفاع كبير في أعمال الإرهاب بمنطقة الساحل الأفريقي، حيث تضاعفت الوفيات الناجمة عن هذه الهجمات نحو عشر مرات منذ عام 2019.
أرقام تترجم مكانة المنطقة كبؤرة رئيسية للإرهاب عالميا، وفق التقرير الذي أشار إلى أن منطقة الساحل أصبحت أكثر المناطق تأثرًا بالإرهاب.
وسجلت المنطقة أكثر من نصف الوفيات العالمية الناجمة عن الإرهاب في عام 2024، كما شهدت 19% من إجمالي الهجمات على مستوى العالم. وفقا لمؤشر الإرهاب العالمي 2025 الذي يقدم ملخصا شاملا للاتجاهات والأنماط العالمية الرئيسية في الإرهاب على مدى العقد الماضي.
ويدرس مؤشر الإرهاب العالمي، الذي يصدر عن معهد الاقتصاد والسلام (IEP)، المشهد المتطور للإرهاب، والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والجيوسياسية التي تشكل مساره، والاستراتيجيات التي تستخدمها الجماعات الإرهابية، والتطرف، وتأثير التقنيات الناشئة.
الاستقطاب داخل التنظيمات
أظهر تقرير 2025، الذي صدر أمس الأربعاء، أن الوفيات الناجمة عن الصراع في منطقة الساحل وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ إنشاء مؤشر الإرهاب العالمي،متجاوزة 25000 لأول مرة في عام 2024، منها 4794 حالة وفاة مرتبطة بالإرهاب.
وتقع خمس من الدول العشر الأكثر تضررا بالإرهاب أيضا في منطقة الساحل.
وعلى الرغم من أن بوركينا فاسو تظل الدولة الأكثر تضررا، فقد انخفضت الوفيات والهجمات بنسبة 21٪ و 57٪ على التوالي. ومع ذلك، لا تزال البلاد مسؤولة عن خُمس جميع الوفيات الناجمة عن الإرهاب على مستوى العالم، وفقا للتقرير.
في عام 2024، سجلت النيجر أكبر زيادة في وفيات الإرهاب على مستوى العالم، حيث ارتفعت بنسبة 94% إلى إجمالي 930.
يقول ستيف كيليليا، مؤسس ورئيس معهد الاقتصاد والسلام، ومحلل الشؤون الخارجية والأمن العالمي المرشح مرتين لجائزة نوبل للسلام: “هناك استقطاب بين مجموعات مختلفة داخل دول الساحل، تفاقم بسبب انتهاكات أمن الدولة”.
وفي حديثه مع صحيفة أفريقيا ريبورت، أضاف “هناك صراعات رعوية بين مجموعات مختلفة وأيضا بين المزارعين والرعاة الذين تداخلت مصالحهم مع المصالح العابرة للحدود الوطنية، ثم هناك أيضا المقاتلون الوافدون”.
غياب الاستقرار السياسي
وبحسب التقرير نفسه، لا تزال منطقة الساحل تعاني من آثار عدم الاستقرار السياسي المتزايد، والتوترات الجيوسياسية المتضخمة، واستخدام تدابير مكافحة الإرهاب الصارمة لردع وتدمير التهديد من الجماعات المتطرفة.
وبينما سجلت أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا بنسبة 5٪ في وفيات الإرهاب في عام 2024 إلى 909 عن العام السابق، فقد شهدت منطقة الساحل أكبر زيادات في وفيات الإرهاب على مستوى العالم، مع ما يقرب من 20 ألف حالة وفاة منذ عام 2019، و3885 حالة وفاة في عام 2024، كما أضاف التقرير.
كانت بوركينا فاسو ومالي والنيجر تحت الحكم العسكري في أعقاب الانقلابات العسكرية. وعلى الرغم من أن كل انقلاب كان له خصائصه الخاصة ومحفزاته المحددة، إلا أن أسبابه من حيث البنية كانت متشابهة جدا، كما يقول أليكس ثورستون، المحلل السياسي ومؤلف كتاب “الجهاديون في شمال أفريقيا والساحل: السياسة المحلية والجماعات المتمردة”.
ويشير في حديثه لصحيفة أفريقيا ريبورت، إلى ثلاثة أسباب على وجه الخصوص: “الغضب المتزايد إزاء انعدام الأمن والفساد، والثقة العالية في الجيش من جانب المواطنين العاديين، وخيبة الأمل المتزايدة في فرنسا”.
وعلى الرغم من أن الأنظمة في البلدان الثلاثة أرجعت انقلاباتها إلى انعدام الأمن وسوء الإدارة في الإدارات التي أطاحت بها، إلا أن مثل هذه الأزمات لا تزال قائمة أو حتى تفاقمت في بعض الحالات.
لكن التمرد من قبل مختلف الجماعات الإرهابية والأخرى بما في ذلك “نصرة الإسلام والمسلمين”، والجماعات الانفصالية المختلفة التي تقاتل في شمال مالي، مثل حركة أزواد، تكثف في المناطق الحدودية الثلاثية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وانسحبت البلدان الثلاثة من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) بعد خلاف مع زعماء غرب أفريقيا وشكلت تحالف دول الساحل لمعالجة التحديات والتهديدات المشتركة التي تواجهها.
وبحسب مؤشر الإرهاب العالمي، فإن الاتجاه الحالي للإرهاب مرتبط بعوامل مثل الاستقطاب العرقي، وانتهاكات أمن الدولة، ونمو السلفية والإيديولوجية العابرة للحدود الوطنية.
وأشار المؤشر إلى أن “عجز العديد من الحكومات في منطقة الساحل عن توفير الأمن الفعال أدى إلى سيطرة الجماعات الإرهابية على مساحات كبيرة من الأراضي الريفية وجعل منطقة الساحل أكثر عنفًا”.
تهريب المخدرات
وكشف المؤشر أن الاتجار بالمخدرات يمثل أحد أكثر الأنشطة غير المشروعة المربحة ماليا المرتبطة بالإرهاب في منطقة الساحل.
ووفق ما طالعته “العين الإخبارية” في صحيفة “أفريقيا ريبورت”، كانت منطقة الساحل بمثابة طريق عبور رئيسي للكوكايين من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا منذ تسعينيات القرن العشرين، مما ساهم في مستويات مختلفة من الصراع في المنطقة.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA==
جزيرة ام اند امز