اخبار لايف

تسلسل زمني.. «تيك توك» من الانتشار العالمي إلى الحظر الأمريكي


وقف تطبيق تيك توك الصيني عملياته في الولايات المتحدة مساء السبت، حيث اختفى من متاجر التطبيقات الخاصة بـ”أبل” و”غوغل”، تنفيذاً لقانون حظر التطبيق الذي أقره الكونغرس وأيدته المحكمة العليا.

وجاء في إشعار للمستخدمين عبر التطبيق الذي يستخدمه نحو 170 مليون أمريكي للتعبير والتواصل: “تم إقرار قانون يحظر تيك توك في الولايات المتحدة.. للأسف، لا يمكنكم استخدام التطبيق حالياً.. نحن محظوظون لأن الرئيس ترامب أشار إلى أنه سيعمل معنا لإيجاد حل لإعادة تيك توك بمجرد توليه منصبه.. انتظرونا”.

القانون، الذي أقر بأغلبية كبيرة في أبريل/نيسان 2024، يلزم شركة “بايت دانس” المالكة لتيك توك ببيع عملياتها في الولايات المتحدة، وإلا سيواجه التطبيق الحظر الكامل، وينص القانون على فرض غرامات تصل إلى 5000 دولار لكل مستخدم يتمكن من الوصول إلى التطبيق بعد موعد الحظر، ما قد يكلف متاجر التطبيقات مليارات الدولارات.

ويمنح القانون الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إمكانية تأجيل تنفيذ القرار لمدة تصل إلى 90 يوماً إذا تمكن البيت الأبيض من إثبات إحراز تقدم نحو التوصل إلى صفقة قابلة للتطبيق، لكن شركة بايت دانس -مالكة تيك توك- رفضت بشكل قاطع أي بيع.

وأكد ترامب في مقابلة مع شبكة “NBC” أنه قد يمدد مهلة الحظر، قائلا “سأقرر يوم الإثنين بعد دراسة الوضع بعناية”، أما إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن فأكدت أنها لن تتدخل، تاركة القرار للإدارة القادمة.

النشأة والتأسيس

بدأت القصة في 2012 حين أسس “زانغ يى مينغ” شركة “بايت دانس” في الصين، التي أطلقت عام 2016 تطبيق “Douyin”، الذي كان مخصصا للسوق الصينية، وتضمن ميزة إنشاء ومشاركة مقاطع الفيديو القصيرة، ومع النجاح الكبير للتطبيق قررت الشركة التوسع عالميا، لتبدأ في 2017 المغامرة خارج حدود الصين.

وفي 2018 استحوذت “بايت دانس” على تطبيق “Musical.ly” الشهير، الذي كان يحظى بشعبية كبيرة بين المراهقين في الولايات المتحدة، وتم دمجه مع “Douyin”، وأطلق التطبيق الجديد عالميا تحت اسم “تيك توك”، الذي استهدف فئة الشباب بشكل خاص، مع توفير أداة لخلق محتوى سريع وسهل في شكل مقاطع فيديو قصيرة.

واستطاع “تيك توك” تحقيق نجاح كبير في وقت قصير، حيث تجاوز حاجز 500 مليون مستخدم نشط شهريا بنهاية 2018، ليتصدر قائمة التطبيقات الأكثر تحميلا على متجر “App Store” ليصبح ظاهرة ثقافية.

ورغم نجاحه الكبير تعرض “تيك توك” لعدة تحديات، ففي فبراير/شباط 2019 غرمت لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) شركة “بايت دانس” بقيمة 5.7 مليون دولار لجمع بيانات من قُصر تحت سن 13 عاما، بما يتعارض مع قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت، وتم التوصل إلى اتفاق، وأطلق التطبيق وضعا خاصا للأطفال كاستجابة.

تيك توك في 2020

بحلول 2020 تجاوز “تيك توك” ملياري عملية تحميل على مختلف متاجر التطبيقات، حيث لقي استحسانًا خاصًا من الأجيال الشابة، ليصبح منصة أساسية للتفاعل الاجتماعي، والترفيه، والإبداع. وفي مايو/أيار زعمت مجموعة حقوقية أن التطبيق انتهك شروط الاتفاقية التي وقعها مع لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية في 2019، وقدمت شكوى رسمية ضده.

وفي أغسطس/أيلول 2020 وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرا ينص على حظر المعاملات مع “تيك توك” خلال 45 يوما إذا لم تبع الشركة الأم التطبيق، بسبب المخاوف الأمنية المتعلقة بجمع بيانات المستخدمين، كما أصدر أمرا يطالب “بايت دانس” ببيع أو فصل أعمال التطبيق في الولايات المتحدة خلال 90 يوماً.

وفي نفس الشهر نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريراً يفيد بأن “تيك توك” يتتبع بيانات مستخدمي أجهزة أندرويد، بما فيها أرقام IMEI وعناوين MAC، ما يشكل انتهاكا لسياسات “غوغل”.

تطبيق تيك توك

تحديات قانونية في 2021

في يونيو/حزيران 2021، حدّث “تيك توك” سياسة الخصوصية الخاصة به لتشمل جمع البيانات البيومترية المحتملة، مثل “بصمات الوجه والصوت”. وفي نفس العام وقع بايدن أمرا تنفيذيا يلغي الحظر الذي أصدره سلفه ترامب، كما أمر بالتحقيق لتحديد ما إذا كان “تيك توك” يشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، استجوبت مجموعة من المشرعين الأمريكيين “تيك توك” إلى جانب منصات أخرى مثل “يوتيوب” و”سناب شات”، بشأن خصوصية البيانات وإدارة المحتوى للقاصرين، وتم استجواب “تيك توك” بشكل خاص حول إمكانية تمرير بيانات المستخدمين إلى الحكومة الصينية، ما نفت “بايت دانس” صحته، مؤكدة أن بيانات المستخدمين الأمريكيين تُخزن في الولايات المتحدة مع نسخ احتياطية في سنغافورة.

سلسلة من التحقيقات في 2022

في فبراير/شباط 2022، أطلق المدعي العام لولاية تكساس كين باكستون تحقيقا في تطبيق “تيك توك” بعد مزاعم بانتهاك خصوصية الأطفال وتسهيل الاتجار بالبشر. وفي مايو/أيار توصلت “تيك توك” إلى تسوية بقيمة 1.1 مليون دولار في دعوى قضائية جماعية تتعلق بانتهاكات لقانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت، بدعوى ممارسات جمع بيانات الأطفال دون الحصول على موافقة أولياء الأمور كما يقتضيه القانون.

وفي يونيو/حزيران، نشرت صحيفة “بازفيد نيوز” تقريرا يكشف عن تسريبات صوتية لـ80 اجتماعا داخليا في “تيك توك”، أظهرت أن الشركة كانت تمتلك “مديرا رئيسيا” قادرا على رؤية جميع بيانات المستخدمين، وأشار التقرير إلى أن موظفين في الصين كانوا يصلون إلى بيانات المستخدمين في الخارج.

وفي نفس الشهر دعا بريندان كار، مفوض لجنة الاتصالات الفيدرالية، شركتي “أبل” و”غوغل” إلى إزالة “تيك توك” من متاجر التطبيقات الخاصة بهما، بسبب مخاوف من أن البيانات الحساسة للمستخدمين تم الوصول إليها من قبل أشخاص في الصين، وأن “بايت دانس” قد تُجبر على تسليم البيانات نتيجة مطالبات المراقبة من الحكومة الصينية.

تطبيق تيك توك

وفي أغسطس/آب، اكتشف الباحث الأمني فيليكس كراوز وظيفة لتتبع ضغطات المفاتيح (keylogging) داخل تطبيق “تيك توك” وفي متصفحات أخرى، بينما زعمت “تيك توك” أن الكود المتعلق بهذه الوظيفة تم تعطيله. وفي أكتوبر/تشرين الأول أفاد تقرير صادر عن “فوربس” أن فريقا من “بايت دانس” كان يخطط لمراقبة المواطنين الأمريكيين، دون الكشف عن السبب وراء هذه المراقبة.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، أعلنت “بايت دانس” أنها تحقق في مصدر التسريبات التي نشرتها “فوربس” و”فايننشيال تايمز”، مضيفة أنه تم الوصول إلى بيانات صحفيين اثنين وأفراد مقربين منهم من قبل موظفين من الصين والولايات المتحدة.

وفي خطوة جديدة حظرت الحكومة الأمريكية استخدام “تيك توك” على الأجهزة المملوكة للحكومة الفيدرالية، على خلفية مخاوف بشأن إمكانية وصول الحكومة الصينية إلى بيانات المستخدمين الأمريكيين.

تطورات قانونية وأمنية في 2023 و2024

في مايو/أيار 2023، أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” بأن موظفين سابقين في “تيك توك” اشتكوا من تتبع الشركة للمستخدمين الذين يشاهدون محتوى متعلقا بمجتمع الـ”LGBTQ+” على التطبيق. وفي يونيو/حزيران أكدت “بايت دانس” أن بعض المعلومات المالية المتعلقة بمبدعي المحتوى الأمريكيين، مثل أرقام الضمان الاجتماعي والنماذج الضريبية، يتم تخزينها في الصين. 

وفي مارس/آذار 2024، وقع بايدن مشروع قانون يطالب شركة “بايت دانس” ببيع “تيك توك” لمشترٍ معتمد من الولايات المتحدة خلال تسعة أشهر، وإذا لم يتم الامتثال للقرار فقد يواجه التطبيق حظرا شاملا في الولايات المتحدة. وفي أبريل/نيسان تبين أن مزاعم موظف سابق في “تيك توك” بشأن تسريب معلومات إلى وسائل إعلام مثل “واشنطن بوست” و”فوربس” و”بازفيد نيوز” كانت غير قابلة للتحقق.

وفي أغسطس/آب 2024، تقدمت كل من لجنة التجارة الفيدرالية ووزارة العدل الأمريكية بدعوى مشتركة ضد “بايت دانس” بسبب مزاعم بانتهاك اتفاقية الموافقة التي تم إبرامها في 2019، وسط مخاوف بشأن خصوصية بيانات المستخدمين والتزام الشركة بالمتطلبات القانونية.

تطبيق تيك توك

وفي ديسمبر/كانون الأول، أيدت محكمة استئناف فيدرالية حظر “تيك توك”، وأمرت المحكمة “بايت دانس” بالتوقف عن تقديم التطبيق للمستخدمين الأمريكيين، وطلبت الشركة تعليق القرار في ظل سعيها للحصول على موافقة المحكمة العليا للنظر في القضية، وفي ذات الشهر تم الإعلان أن المحكمة العليا الأمريكية ستسمع حجج “بايت دانس” بشأن سبب عدم بيع “تيك توك” أو حظره في الولايات المتحدة.

تطورات الحظر في 2025

في 9 يناير/كانون الثاني 2025 قدم كل من السيناتور إدوارد ماركي، والسيناتور ران بول، والنائب رو خانا، مذكرة “أميكوس” للمحكمة العليا الأمريكية، من أعضاء في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، للمطالبة بإلغاء قرار محكمة دائرة واشنطن الذي أيد حظر التطبيق في القضية المعروفة بـ”تيك توك ضد غارلاند”.

وفي اليوم التالي تقدم الرئيس المنتخب ترامب بطلب للمحكمة العليا لتأجيل تنفيذ حظر “تيك توك” حتى يتولى منصبه، إلا أن  المحكمة رفضت التحرك الفوري بشأنه، وفي ذات اليوم استمعت المحكمة إلى المرافعات الشفوية حول ما إذا كان ينبغي حظر التطبيق أو بيعه، حيث جادل محامو “تيك توك” بأن القضية تتعلق بحرية التعبير، بينما رأى المستشار العام أن الأمر يتعلق بالأمن القومي، وتقرر تأجيل اتخاذ قرار بشأن القضية.

وفي 13 يناير/كانون الثاني قدم السيناتور إدوارد ماركي مشروع قانون لتمديد المهلة التي يجب على شركة “بايت دانس” خلالها بيع “تيك توك” لتصبح 270 يوما، ما يتيح مزيدا من الوقت لحل المسائل القانونية المتعلقة بالتطبيق. وفي 15 يناير/كانون الثاني أفادت صحيفة “واشنطن بوست” بأن ترامب يدرس إصدار أمر تنفيذي لتعليق تنفيذ حكم حظر أو بيع “تيك توك” لمدة تتراوح بين 60 إلى 90 يوما.

وفي تصريحات لشبكة “فوكس نيوز”، قال مستشار الأمن القومي المتوقع لإدارة ترامب مايك والتز إن الإدارة “ستجد وسيلة للحفاظ على تيك توك ولكن مع حماية بيانات المستخدمين”. وفي نفس اليوم أعلنت مصادر قريبة من “تيك توك” أن الشركة قد تغلق عملياتها في الولايات المتحدة بشكل كامل في 19 يناير/كانون الثاني 2025 إذا تم تنفيذ الحظر النهائي على التطبيق.

وعقب القرار كتب ترامب عبر منصته “تروث سوشيال” “كان قرار المحكمة العليا متوقعا، ويجب على الجميع احترامه.. سأتخذ قراري بشأن تيك توك في المستقبل غير البعيد، لكن يجب أن يكون لدي الوقت لمراجعة الوضع”.

aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز US

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى