تقارب ترامب وبوتين.. كيف ينعكس على شراكة روسيا وإيران؟

مع اتجاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تحسين العلاقات مع روسيا، أثيرت تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين موسكو وطهران.
ففي حين ركزت الاتصالات بين الولايات المتحدة وروسيا في الأساس على جهود التوصل لتسوية لحرب أوكرانيا، فقد استغل البيت الأبيض الكرملين لدوره «المؤثر» في الشرق الأوسط الذي شهد أعمالا «عدائية» مباشرة بين إسرائيل وإيران التي تربطها علاقة معقدة ومهمة استراتيجيا مع روسيا.
كانت موسكو من بين أطراف الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي تخلى عنه دونالد ترامب خلال ولايته الأولى، وأعربت مؤخرا عن استعدادها لاستكشاف إحياء الدبلوماسية بين واشنطن وطهران، خاصة بعدما اقترح الرئيس الأمريكي التفاوض حول صفقة جديدة تسمح لإيران بـ«النمو والازدهار سلميًا».
لكن تاريخ العداء الذي بين ترامب وإيران وعودة حملة «الضغط الأقصى» من العقوبات يؤجج حالة عدم اليقين بالنسبة لروسيا، وفقا لما ذكرته مجلة «نيوزويك» الأمريكية.
استعداد روسي
وفي تصريحات للمجلة، قال السفير أندريه باكلانوف، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط: «روسيا مستعدة للمساعدة في حل مشكلة الملف النووي الإيراني، وعلاقاتها مع الولايات المتحدة وبعض جيرانها في المنطقة».
وأضاف: «لكننا ما زلنا تحت انطباع الإجراءات الأمريكية أحادية الجانب التي دمرت الاتفاق النووي»، بعد انسحاب ترامب منه عام 2018، مشيرا إلى اهتمام روسيا حاليا بـ«فهم جوهر الخط الجديد لترامب، وإذا كان يختلف حقًا عن مساره السابق».
تأتي هذه التطورات في حين أبرمت إيران وروسيا «معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة»، في 17 يناير/كانون الثاني الماضي قبل 3 أيام فقط من تولي ترامب منصبه.
وتعد الاتفاقية التي كانت قيد الإعداد لسنوات أول اتفاقية رئيسية بين البلدين منذ عام 2001، لكنها لم تقدم ضمانات أمنية متبادلة بشكل ملحوظ.
وقال باكلانوف إن «هذه الأحكام صيغت بعناية وحذر شديدين»، مشيرا إلى النص الذي يقول «إذا تعرض أحد الطرفين المتعاقدين للعدوان، فلا ينبغي للطرف المتعاقد الآخر أن يقدم أي مساعدة عسكرية أو غيرها للمعتدي تساهم في استمرار العدوان».
وأشار إلى أن «الطرفين لن يسمحا باستخدام أراضيهما لدعم الحركات الانفصالية وغيرها من الإجراءات التي تهدد استقرار وسلامة أراضي الطرف الآخر، إلخ».
وفي هذا الصدد، تختلف المعاهدة عن «معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة» التي وقعتها روسيا مع كوريا الشمالية في يونيو/حزيران الماضي، وتنص على أن يقدم كل طرف «المساعدة العسكرية وغيرها.. في حالة وضع الطرف الآخر في حالة حرب».
ووفقا لباكلانوف فقد يكون من غير المناسب في ظل الظروف الحالية، إجراء مقارنات، قائلا: «كل حالة فردية للغاية بسبب الاختلافات في مكانة الدولة في نظام العلاقات الدولية والإقليمية، والاختلافات في أنظمة كل جانب».
وعلى مدار 3 سنوات من حرب أوكرانيا، عززت إيران وكوريا الشمالية علاقاتهما العسكرية مع روسيا فاستخدمت موسكو على نطاق واسع المسيرات الإيرانية (شاهد)، كما قدمت بيونغ يانغ أسلحة وقوات شاركت في المعارك.
ويظل ما قدمته موسكو لبيونغ يانغ ردا على ذلك أقل وضوحا مما قدمته لطهران التي حصلت على طائرات تدريب. ومن المقرر أن تحصل على طائرات مقاتلة متعددة الأدوار من طراز سو-35 وهو أمر حاسم لتعزيز الأسطول الجوي الإيراني الذي عفا عليه الزمن.
وقبل وقت طويل من حرب أوكرانيا، أظهرت روسيا وإيران لأول مرة قدرتهما على التعاون العسكري في الحرب السورية منذ 2011 حيث نسق البلدان مساعداتهما للرئيس السوري السابق بشار الأسد، لكنهما تنافسا أيضًا على النفوذ في دمشق قبل أن تصبح أولوية موسكو هي حرب أوكرانيا.
اتفاق روسي تركي
ونقلت «نيوزويك» عن جواد هيرانيا، مدير دراسات الخليج في مركز البحوث العلمية ودراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية في طهران قوله: «لقد أدى التعاون بين طهران وموسكو إلى إبقاء الأسد في السلطة، ومع تغير الظروف الجيوسياسية واندلاع الحرب الأوكرانية، اتفقت روسيا وبدون إيران مع تركيا بشأن نشر الفصائل المدعومة من أنقرة في غرب إدلب».
واعتبر هييرانيا، أنه «من غير المرجح أن تكون موسكو غير مبالية تمامًا بدعوات ترامب لها لتقليص علاقاتها مع طهران، ويبدو أن روسيا تدفع إيران نحو الدبلوماسية خوفًا من خسارة شريك رئيسي في حرب أوسع نطاقًا محتملة من شأنها أن تدفع المنطقة إلى فوضى أعمق وتعيق المصالح الروسية بشكل أكبر».
سر رغبة روسيا في دفع إيران للاتفاق
وقال: «روسيا تعلم أن تنفيذ التهديد العسكري الأمريكي والإسرائيلي ضد إيران، سيضعفها وهو ما لا يصب في مصلحة موسكو، كما أن أي تغيير للنظام في إيران وإمكانية تشكيل نظام قريب من الغرب هو أمر يتعارض تماما مع المصالح الجيوسياسية والأيديولوجية لروسيا»، مضيفا: «لذلك، تحاول روسيا إجبار إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات ومنع الحرب».
وأضاف أنه «نظرًا للوضع الحالي في العلاقات الروسية الأمريكية، لا يبدو أن روسيا تريد إعطاء إيران أسلحة قد تثير غضب الولايات المتحدة وإسرائيل وهو إجراء قد يضر بعلاقات روسيا مع العرب في الخليج».
وفي النهاية، قد يجد بوتين طريقة للعب دور بناء في إعادة المحادثات النووية إلى مسارها في ضوء التحول الصارخ في العلاقات الأمريكية الروسية.
ووصف أندرو كوريبكو، المحلل السياسي الأمريكي المقيم في موسكو، التقارب الحالي بين ترامب وبوتين بأنه يقترب من «الوفاق الجديد»، ما يحفز كلا الجانبين على مناقشة مجموعة من القضايا، بما في ذلك إيران.
وقال إن روسيا قلقة بشأن ما قد تفعله الولايات المتحدة وإسرائيل إذا لم توافق إيران على اتفاق نووي جديد، وهو ما قد يزعزع استقرار المنطقة، مضيفًا: «يمكن لروسيا أن تشارك إيران ما تعلمته من التعامل مع ترامب في ولايته الثانية».
وتابع: «نظرًا للثقة بين روسيا وإيران على المستويين الوطني وفي حال تسوية القضية الأوكرانية سلميا فقد تكون إيران متقبلة تمامًا لهذا».
ورغم تشكك المرشد الإيراني علي خامنئي، فقد يلعب الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان دوراً داعماً محتملاً في تهيئة المسرح للمحادثات بين واشنطن وطهران.
ووفقا لكوريبكو فإنه «كلما طالت مدة المحادثات الصينية الأمريكية، كان من الأفضل لروسيا وإيران أن تتوصلا بالفعل إلى صفقاتهما الخاصة مع الولايات المتحدة مع تحقيق التوازن بين المعسكرين” وقال إن الأمر نفسه ينطبق على الهند.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA==
جزيرة ام اند امز