تنازلات مدروسة واستعانة بالصديق الأوروبي
ركز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأيام الأولى من ولايته الثانية بشكل كبير على أمريكا اللاتينية، في حين كانت إجراءاته الملموسة منصبة بشكل مباشر على المكسيك.
ووفقا لتقرير نشرته مجلة فورين بوليسي، ذكر ترامب بنما ست مرات في خطاب التنصيب، مشيرًا إلى تهديداته السابقة بمحاولة استعادة السيطرة على القناة. كما تقرر أن يقوم وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بأول رحلة خارجية له إلى بنما ودول أخرى في أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي خلال الأيام المقبلة.
وجاءت معظم الإجراءات الملموسة التي اتخذها ترامب تجاه المنطقة في شكل سياسات الهجرة الأمريكية، خصوصًا على الحدود الأمريكية-المكسيكية. ورفعت إدارته القيود على اعتقال المهاجرين في الكنائس والمدارس، وأغلقت تطبيقًا كان يسمح لبعض طالبي اللجوء بحجز مواعيد، وأمرت باستئناف سياسة “البقاء في المكسيك”، التي بموجبها كان يُطلب من بعض طالبي اللجوء الانتظار في المكسيك حتى جلسات محاكم الهجرة الأمريكية.
كما جاء توجيه آخر من إدارة ترامب قبل أيام يهدف إلى إغلاق حق اللجوء تمامًا على الحدود الأمريكية. حيث طُلب من الوكلاء طرد المهاجرين فورًا حتى لو طلبوا اللجوء، وفقًا لتقرير شبكة سي بي إس الأربعاء، مع استثناءات قليلة جدًا للحالات “التي تهدد الحياة”.
مقاومة مكسيكية
من جهتها، قاومت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم بعضًا من خطط الهجرة الأمريكية الجديدة. لكنها أظهرت تعاونًا مع البعض الآخر.
وقالت شينباوم إن المكسيك ستقبل المواطنين المكسيكيين المرحلين وحتى أولئك من جنسيات أخرى، بهدف إعادتهم إلى بلادهم في النهاية.
وقد تشمل هذه المجموعة المهاجرين من دول تعاني من علاقات دبلوماسية متوترة مع الولايات المتحدة مثل كوبا وفنزويلا. لكن لن تقبل بلادها طالبي اللجوء الأجانب كجزء من استئناف “البقاء في المكسيك”، أي أنها لن تسمح ببقاء أجانب في بلادها انتظارا لبت المحاكم الأمريكية في طلبات لجوئهم، حسبما أخبرت الصحفيين يوم الأربعاء. وكان وزير الخارجية المكسيكي قد تحدث مع روبيو في اليوم السابق.
واستعدت أمريكا اللاتينية من جهتها لسياسة ترامب، حيث اجتمع مبعوثون من 10 دول في مكسيكو سيتي الأسبوع الماضي وأصدروا بيانًا مشتركًا يدعو إلى احترام القانون الدولي ويعد بـ “التواصل الوثيق”. ودون أن يتم تسمية الولايات المتحدة، دعا البيان إلى “نهج إنساني … في مواجهة تهديد الترحيل الجماعي”.
كما قامت المكسيك بتوظيف محامين متخصّصين في الهجرة في قنصلياتها الأمريكية وأطلقت تطبيقًا للمهاجرين المكسيكيين في الولايات المتحدة، سواء كانوا موثّقين أو غير موثّقين، يوضح حقوقهم ويسمح لهم بتنبيه جهات الاتصال الطارئة والموظفين القنصليين إذا شعروا أنهم قد يتم توقيفهم من قبل السلطات الأمريكية.
توسيع التجارة مع أوروبا
في الوقت نفسه، وبعيدًا عن الهجرة، وافقت المكسيك يوم الجمعة الماضي على توسيع اتفاقها التجاري الحر القائم مع الاتحاد الأوروبي. والاتفاق الجديد سيزيل الرسوم الجمركية على المنتجات الزراعية ويُسهل قدرة الشركات على التقدم بعروض للحصول على عقود حكومية في الدول الشريكة. كما يسهل التجارة في الخدمات، في حين أن الاتفاق السابق كان يركز على السلع الصناعية، كما هو الحال مع اتفاقية ميركوسور-الاتحاد الأوروبي التي تم التوصل إليها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وكانت تهديدات ترامب الحمائية عاملاً رئيسيًا في دفع اتفاق المكسيك-الاتحاد الأوروبي نحو إتمامه. حيث تسعى المكسيك أيضًا إلى توسيع علاقاتها التجارية مع البرازيل، وفقًا لما ذكره وزيرا الاقتصاد والخارجية في البلاد مؤخرًا.
وبعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على البضائع المكسيكية، تعهدت شينباوم في وقت سابق قائلة: “سنرد بالمثل”.
ومثل الاتفاق مع ميركوسور، لا يزال الاتفاق الجديد بين المكسيك والاتحاد الأوروبي بحاجة إلى موافقة البرلمانات في كلا الجانبين، لكنه في الوقت الحالي، يُعتبر رمزًا لجهود المكسيك في تنويع شركائها مع تزايد عدم استقرار جارتها الشمالية.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز