اخبار لايف

حدود الكوكب التسعة.. تقييم حالة الأرض لصالح الأجيال القادمة


يقدم مفهوم حدود الكواكب مجموعة من تسعة حدود كوكبية يمكن للبشرية من خلالها الاستمرار في التطور والازدهار لأجيال قادمة.

وفي سبتمبر/أيلول 2023، قام فريق من العلماء، لأول مرة، بقياس جميع العمليات التسع التي تنظم استقرار ومرونة نظام الأرض.

وتم اقتراح حدود الكواكب التسعة هذه لأول مرة من قبل يوهان روكستروم المدير السابق لمعهد “بوتسدام” لأبحاث تأثير المناخ في ألمانيا ومجموعة من 28 عالمًا مشهورًا عالميًا في عام 2009، ومنذ ذلك الحين، تم تنقيح إطارها عدة مرات.

ووفق دراسة نشرها مركز أبحاث في علوم المرونة والاستدامة بجامعة ستوكهولم، وهي مبادرة مشتركة بين جامعة ستوكهولم ومعهد بيير للاقتصاد البيئي في الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، لم يقتصر التحديث الأخير على تحديد جميع الحدود فحسب، بل خلص أيضًا إلى أنه تم تجاوز ستة من الحدود التسعة.

مفهوم حدود الكوكب

الحدود هي عمليات مترابطة داخل نظام الأرض البيوفيزيائي المعقد. وهذا يعني أن التركيز العالمي على تغير المناخ وحده لا يكفي لزيادة الاستدامة. وبدلا من ذلك، يشكل فهم التفاعل بين الحدود، وخاصة المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، أمرا أساسيا في العلم والممارسة.

ويزيد عبور الحدود من خطر إحداث تغيرات بيئية مفاجئة أو لا رجعة فيها على نطاق واسع، ولن تحدث تغييرات جذرية بالضرورة بين عشية وضحاها، ولكن الحدود معًا تمثل عتبة حرجة لزيادة المخاطر التي يتعرض لها الناس والنظم البيئية التي نشكل جزءًا منها.

ومنذ تصوره الأول، ولّد إطار حدود الكواكب اهتمامًا هائلاً في العلوم والسياسات والممارسات.

وحدود الكوكب التسعة عبارة عن إطار عمل تم تطويره يحدد العمليات التسعة الحاسمة لنظام الأرض التي يجب على البشر ألا يتجاوزوها لضمان وجود مساحة آمنة لتطور وازدهار البشرية للأجيال القادمة.

وفي عام 2015 وجد مركز استوكهولم للمرونة The Stockholm Resilience Centre (SRC) أن 4 من تلك الحدود قد تم تجاوزها، وهي التغير المناخي، وفقدان سلامة المحيط الحيوي (فقدان التنوع البيولوجي)، وتغيير نظم الأرض (تغيير استخدامات الأراضي)، والدورات البيوجيوكيميائية المتغيرة (الفوسفور والنيتروجين).

وتعتبر اثنتان من تلك الحدود، وهما كلا من التغير المناخي وسلامة المحيط الحيوي حدودا أساسية، والتي من شأن التغيير الكبير فيها دفع نظام الأرض إلى حالة جديدة.

الحدود التسعة

تشمل حدود الكوكب التسعة التغير المناخي، وفقدان التنوع البيولوجي، وتغير استخدامات الأراضي، واستخدام المياه العذبة، وتحمض المحيطات، وحمل الهباء الجوي، والتلوث الكيميائي، ونضوب طبقة الأوزون، والكيانات الجديدة، وهذه الحدود مترابطة ويمكن اعتبارها مكونات مترابطة لنظام الأرض.

  • الحد الأول: التغير المناخي وهو الحد الأكثر شهرة، ويتم تحديده من خلال تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
  • الحد الثاني: فقدان التنوع البيولوجي، ويتم تحديده من خلال معدل انقراض الأنواع.
  • الحد الثالث: تغيير استخدامات الأراضي، ويشير إلى تحويل الموائل الطبيعية إلى مستوطنات بشرية أو أراض زراعية.
  • الحد الرابع: استخدام المياه العذبة، ويتم تعريفه من خلال استهلاك موارد المياه العذبة من قبل البشر.
  • الحد الخامس: تحمض المحيطات، ويتم تعريفه من خلال تقليل درجة الحموضة في المحيطات بسبب امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
  • الحد السادس: حمل الهباء الجوي، ويتم تحديده من خلال كمية الهباء الجوي، مثل جزيئات السخام والكبريتات في الغلاف الجوي.
  • الحد السابع: التلوث الكيميائي، ويتم تعريفه من خلال إطلاق المواد الكيميائية الاصطناعية في البيئة.
  • الحد الثامن: استنفاد طبقة الأوزون، ويتم تحديده من خلال فقدان الأوزون في طبقة الستراتوسفير الناجم عن إطلاق مركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs).
  • الحد التاسع: الكيانات الجديدة، ويتم تعريفها على أنها مواد من صنع الإنسان ومواد لا تحدث بشكل طبيعي في البيئة.

أهمية تقييم حدود الكوكب

حدود الكوكب التسعة لها أهمية كبيرة للتنمية المستدامة:

 أولاً: توفر إطارًا لفهم التفاعلات المعقدة بين عمليات نظام الأرض المختلفة والأنشطة البشرية التي تؤثر عليها.

ثانيًا: توفر مجموعة واضحة من الحدود التي يمكن استخدامها لتوجيه عملية صنع القرار وتطوير السياسات، على سبيل المثال استند اتفاق باريس بشأن تغير المناخ إلى الاعتراف بحدود الكوكب للتغير المناخي والحاجة إلى الحد من الاحترار العالمي إلى أقل بكثير من 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.

ثالثًا: تسلط حدود الكوكب التسعة الضوء على أهمية معالجة التحديات البيئية بطريقة متكاملة وشاملة، على سبيل المثال قد تتطلب معالجة فقدان التنوع البيولوجي تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتغيير الممارسات الزراعية، وحماية الموائل الطبيعية.

 رابعًا: تؤكد حدود الكوكب التسعة على الحاجة إلى العمل الجماعي على المستوى العالمي، نظرًا لأن الحدود مترابطة وتؤثر على نظام الأرض بأكمله فلا يمكن لدولة أو منطقة بمفردها معالجتها بمفردها.

وفي الختام فإن حدود الكوكب التسعة توفر إطارًا لفهم التفاعلات المعقدة بين عمليات نظام الأرض المختلفة والأنشطة البشرية التي تؤثر عليها، حيث أنها توفر حدودًا واضحة يمكن استخدامها لتوجيه عملية صنع القرار وتطوير السياسات، مع إبراز أهمية معالجة التحديات البيئية بطريقة متكاملة وشاملة، وفي نهاية المطاف تؤكد حدود الكوكب التسعة على الحاجة إلى عمل جماعي على المستوى العالمي لضمان مساحة آمنة لنمو وازدهار البشرية.

تجاوز ستة من الحدود التسعة لكوكب الأرض

آخر تقييم لحدود الكوكب

في 2023 تم تقييم جميع الحدود أخيرًا في التحديث الرئيسي الثالث للإطار الذي تم نشره في “Science Advances” وكشف أنه تم الآن تجاوز ستة حدود ويتزايد الضغط على جميع العمليات الحدودية باستثناء استنفاد الأوزون.

وقد مكّنت الأدلة العلمية الجديدة فريق البحث من تحديد حدود تحميل الهباء الجوي، والتي وفقًا للدراسة لم يتم تجاوزها بعد على الرغم من الضغوط المتزايدة.

واستخدم الفريق الذي يقف وراء هذه الورقة نهجًا جديدًا لتقييم سلامة المحيط الحيوي وخلص إلى أن هذه الحدود قد تم انتهاكها في أواخر القرن التاسع عشر.

بينما في يناير/كانون الثاني 2022، خلص 14 عالما في المجلة العلمية للعلوم والتكنولوجيا البيئية إلى أن البشرية تجاوزت حدود الكوكب فيما يتعلق بالملوثات البيئية و”الكيانات الجديدة” الأخرى بما في ذلك البلاستيك.

وفي أبريل/نيسان 2022، أشارت إعادة تقييم الحدود الكوكبية للمياه العذبة إلى أنه قد تم تجاوزها الآن، ويرجع هذا الاستنتاج إلى إدراج “المياه الخضراء” – المياه المتاحة للنباتات – في تقييم الحدود لأول مرة.

ويستند التقييم، الذي نشر في مجلة “Nature Reviews Earth & Environment”، إلى أدلة على التغيرات واسعة النطاق في رطوبة التربة مقارنة بظروف منتصف عصر الهولوسين وما قبل الصناعة وزعزعة استقرار العمليات البيئية والغلاف الجوي والكيميائية الحيوية التي تسببها المياه الخضراء.

تجاوز ستة من الحدود التسعة لكوكب الأرض

مراجعة تاريخية

في 2015 تم نشر التحديث الثاني للإطار بأكمله في مجلة Science. وذكر أن أنشطة المجتمع دفعت تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والتحولات في دورات المغذيات (النيتروجين والفوسفور)، واستخدام الأراضي خارج الحدود إلى منطقة غير مسبوقة.

واستخدم مجلس الأعمال العالمي المعني بالتنمية المستدامة، وهو منتدى يضم 200 شركة بما في ذلك بعض من أشهر العلامات التجارية في العالم، إطار الحدود الكوكبية لتشكيل استراتيجية العمل لعام 2020.

ومنذ ذلك الحين، كان هناك المزيد من التعاون مع الشركات في قطاعات الاستثمار المالي والأغذية والمنسوجات والبناء والتكنولوجيا والسلع المنزلية.

وفي 2011 حث الأمين العام السابق للأمم المتحدة حينها بان كي مون المجتمع العالمي على “مساعدتنا في الدفاع عن العلم الذي يظهر أننا نعمل على زعزعة استقرار مناخنا وتوسيع حدود الكوكب إلى درجة محفوفة بالمخاطر”.

aXA6IDE5Mi4yNTAuMjM5LjExMCA= جزيرة ام اند امز GB

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى