حرب غزة.. خيارات أمريكا تنفد ومخاطر اتساع الصراع ترتفع
ما إن اندلعت حرب غزة العام الماضي، دأبت إدارة جو بايدن على الحفاظ على تحالف وثيق مع إسرائيل، ووقف انتشار الحرب إلى لبنان وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط.
إلا أنه بعد ثمانية أشهر، أصبح تحقيق هذه الأهداف صعبا بشكل متزايد بالنسبة للبيت الأبيض، مما يسلط الضوء على الضعف السياسي للرئيس جو بايدن قبل مناظرته وجها لوجه ضد المرشح الجمهوري دونالد ترامب، يوم الخميس، بحسب صحيفة «وول ستريت جورنال».
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن المحادثات التي تقودها الولايات المتحدة بشأن وقف إطلاق النار لوقف الحرب وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس، انهارت تقريبًا، في الوقت الذي تكثفت فيه هجمات حزب الله عبر الحدود الشمالية لإسرائيل، مما أثار مخاوف لدى إدارة بايدن من نشوب صراع شامل.
تبادل الاتهامات
وتبادل البيت الأبيض ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتهامات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد أبطأت عمليات تسليم الأسلحة.
وتسلط هذه التوترات الضوء على التحدي الذي يواجهه بايدن المتمثل في تحقيق فوز في السياسة الخارجية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني، وهو الفوز الذي يتطلب موافقة الأطراف المتحاربة التي تعمل ضمن جدول زمني مختلف تماما.
ولم يُظهر زعيم حماس يحيى السنوار سوى القليل من الاهتمام بإبرام وقف سريع لإطلاق النار، كما أدت معارضة نتنياهو لقيام دولة فلسطينية إلى تهميش استراتيجية إدارة بايدن الأوسع للمنطقة، بما في ذلك تحقيق الاستقرار في غزة ما بعد الحرب.
وتقول «وول ستريت جورنال»، إنه في نهاية المطاف، سيتعب المتحاربون من الحرب وسيفضلون التوصل إلى اتفاق، لكن ليس بالسرعة التي يأملها بايدن.
وقال آرون ديفيد ميلر، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: «إن ساعاتهم غير متزامنة مع ساعات بايدن. إنهم أكثر انسجاما مع بعضهم البعض، ويتحركون بشكل أبطأ بكثير».
وحاول بايدن تحقيق التوازن بين تزويد إسرائيل بالأسلحة بينما انتقد العملية العسكرية التي أودت، وفقًا للسلطات الصحية المحلية، بما يقرب من 38 ألف فلسطيني في غزة، كثير منهم من النساء والأطفال.
وقد أشاد المسؤولون الأمريكيون بتسليم المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة، وضغطهم على إسرائيل لتقليص هجومها المخطط له على معقل حماس في رفح، بحيث تستخدم قوات أقل وذخائر أصغر.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بث رسالة فيديو باللغة الإنجليزية زعم فيها أن الولايات المتحدة تحجب الأسلحة عن إسرائيل، مضيفًا: «كان هناك تباطؤ كبير في توفير الذخيرة والأسلحة المهمة».
وقال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إن تصريحات نتنياهو تبدو مدفوعة بحسابات سياسية إسرائيلية، وأصروا على أن الإدارة لم تؤجل أي أسلحة، باستثناء شحنة من القنابل تزن 2000 رطل، قال البيت الأبيض إنها قيد المراجعة بسبب مخاوف بشأن المدنيين.
وقال ألون بينكاس، الدبلوماسي الإسرائيلي السابق، إن سلوك رئيس الوزراء هو جزء من نمط من التحريض على المشاحنات والمواجهات مع الإدارة لإظهار أنه يقف في وجه الولايات المتحدة، مضيفًا: «هذا أمر مفبرك بنسبة 100٪».
وتم تعليق شحنة القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل في شهر مايو/أيار الماضي، على أمل إجبار إسرائيل على إعادة التفكير في خططها لمهاجمة مقاتلي حماس في رفح. ومنذ ذلك الحين، أعادت إسرائيل تنظيم خطتها لتقسيم رفح إلى قسمين، وركزت بدلاً من ذلك على إغلاق الحدود بين مصر وغزة، وإجراء عمليات برية على نطاق أصغر في المدينة واستخدام ذخائر أصغر في غاراتها الجوية.
ويخشى البيت الأبيض من أن يؤدي استمرار القتال في غزة إلى انتشار الحرب إلى لبنان. وتتبادل إسرائيل ومقاتلو حزب الله المدعوم من إيران إطلاق النار على الحدود اللبنانية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتعتبر خطة وقف إطلاق النار التي اقترحها بايدن في غزة أفضل طريقة لتجنب مواجهة أوسع نطاقا، وفقا لمسؤولين أمريكيين. وتبدأ الخطة بوقف مؤقت لإطلاق النار وتبادل رهائن حماس مع السجناء الذين تحتجزهم إسرائيل، ويعقب ذلك وقف دائم للأعمال العدائية وتدفق المساعدات وأموال إعادة الإعمار إلى غزة.
وبينما قال نتنياهو إنه يفضل خطة وقف إطلاق النار الأولية التي طرحها بايدن، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يحدد بعد مخططًا عمليًا لحكم طويل المدى في غزة، مع التركيز بدلاً من ذلك على التدمير العسكري لحماس.
وقد دعت إدارة بايدن إلى إعادة تنشيط السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية على أمل أن تتمكن أيضًا من إدارة قطاع غزة بمجرد انتهاء الحرب بين إسرائيل وحماس، في حالة إقناع إسرائيل بقبول دولة فلسطينية.
لكن الحكومة التي تتخذ من رام الله مقرا لها، على وشك الانهيار المالي، ويرجع ذلك جزئيا إلى تعليق عائدات الضرائب الإسرائيلية بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقال خالد الجندي، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط، إن كلا من نتنياهو والسنوار يتحدثان عن تفضيل وقف إطلاق النار، لكنّ كليهما في الواقع يحصلان على ميزة سياسية من الحرب.
وأشار إلى أنه «بينما ارتفعت شعبية السنوار، رغم مستوى الضحايا المدنيين الفلسطينيين بسبب الحرب، تأثرت شعبية نتنياهو في إسرائيل، وهو يواجه خطر الإطاحة به بعد أي اتفاق سلام».
الجندي أضاف أنه: «لن يحب نتنياهو شيئاً أكثر من تمديد محادثات وقف إطلاق النار إلى الأبد حتى يتمكن من البقاء في السلطة. لأنه في اللحظة التي تنتهي فيها هذه الحرب، تبدأ الساعة تدق نحو نهاية فترة ولايته».
وفي العلن، ألقت الولايات المتحدة اللوم بشكل مباشر على حماس لعرقلتها وقف إطلاق النار والتسبب في المزيد من الخسائر في الأرواح في غزة. لكن لم يتمكن بايدن من ممارسة أي ضغط حقيقي على حماس.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن نتنياهو ملتزم بخطة وقف إطلاق النار في غزة، وإذا لم تحرز تقدما فستتحمل حماس المسؤولية، مشيرًا إلى أن «المسؤولية تقع على عاتق شخص واحد يختبئ 10 طوابق تحت الأرض في غزة»، في إشارة إلى السنوار.
وقال ديفيد ساترفيلد، الذي عمل حتى أبريل/نيسان مبعوثاً خاصاً للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط للشؤون الإنسانية، إن العقبات التي تعترض التوصل إلى اتفاق سلام هي أسوأ ما رآه منذ 45 عاماً، مشيرًا إلى أن إحدى الصعوبات هي أن طرفي الصراع، إسرائيل وحماس، ليسا قلقين بشأن تحقيق مكاسب سياسية ملموسة في المفاوضات بقدر قلقهما بشأن وجودهما.
وأضاف: «هذا تضارب أساسي في المصالح، حيث من الصعب للغاية التفكير في أي نوع من الحسابات التي تناسب جميع الأطراف المعنية – وأحد هذه الأطراف منظمة إرهابية شريرة».
aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA=
جزيرة ام اند امز