«دبلوماسية الهوكي».. بوتين يسجل هدفا سياسيا في مرمى ترامب

لم تكن أوكرانيا هي الملف الوحيد في الاتصال الهاتفي الطويل بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، فوسط التفاصيل الغامضة كان هناك اتفاق واضح وحيد.
فالزعيمان اللذان ناقشا حرب أوكرانيا ووقف الهجمات على البنية التحتية للطاقة، انتهى اتصالهما، باتفاق واضح، تمثل في استئناف واشنطن وموسكو لعب هوكي الجليد.
وعلى الرغم من أنها تبدو في ظاهرها كفكرة جيدة بما يكفي، إلا أن تنظيم مباريات في الولايات المتحدة وروسيا، بين لاعبي البلدين، كانت بمثابة «تنازل آخر من ترامب لبوتين»، بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.
وقالت الصحيفة، إنه على عكس هدايا ترامب السابقة لبوتين مثل السماح لروسيا استباقيًا بالاحتفاظ بالأراضي التي تسيطر عليها، ورفض تقديم أي ضمانات أمنية لأوكرانيا، والتلميح إلى قرب رفع العقوبات الأمريكية على موسكو، كان استئناف مباريات الهوكي قوة ناعمة، مُغلفة بأربطة أحذية التزلج.
ومن الواضح أن استبعاد روسيا من بطولات «الأمم الأربع» الأخيرة للهوكي قد أزعج بوتين المعروف بعشقه لرياضة «هوكي الجليد» التي يلعبها بنفسه، كما تعد روسيا قوة عالمية في هذه الرياضة.
ولطالما كان للهوكي الروسي أبعاد جيوسياسية حيث كانت الفرق السوفياتية في القرن العشرين بمثابة وكلاء عسكريين صريحين وكان اللاعبون جنودًا في الجيش الأحمر يدربهم عقيد وكانوا يبيتون في الثكنات لمدة 11 في السنة.
وعندما بدأ الروس اللعب والفوز على فرق أمريكا الشمالية لأول مرة، كانت المباريات صراعًا أيديولوجيًا بين الشيوعيين، الذين نشؤوا منذ الصغر على اللعب معًا في نظام جماعي على الجليد، مقابل المحترفين الأمريكيين والكنديين الذين يحاولون تسجيل الأهداف بمفردهم، وعندما لا ينجح ذلك يحاولون ضرب الروس في رؤوسهم.
وفي ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، فاز الاتحاد السوفياتي بخمس ميداليات ذهبية أولمبية من أصل ست، وكان هناك استثناءان كبيران لهيمنة روسيا على الرياضة في ذروة الحرب الباردة الأول عام 1972، عندما حقق فريق كندا فوزًا صعبًا في 8 مباريات ضد الجيش الأحمر.
الاستثناء الثاني في أولمبياد بحيرة بلاسيد عام 1980 عندما تغلب فريق أمريكي شجاع من لاعبي الدوريات الصغيرة وغير المتوافقين على السوفيات، الذين كانوا مرشحين بقوة، ليحصلوا على الذهب على أرضهم وهو الفوز الذي عرف باسم «معجزة على الجليد»، وألهم هوليوود لصناعة فيلم حوله.
ولتقدير الأهمية الجيوسياسية لهوكي الجليد يمكن النظر إلى مسابقة الأمم الأربع الأخيرة التي عقدت وسط التوترات بين الولايات المتحدة وكندا التي فجر فوزها بالكأس موجة من المشاعر الوطنية في البلاد.
وبالنسبة لترامب، الذي يبدو أنه يرى أن بوتين ليس عدوًا بل ندًا له، وأنهما اثنان من الرجال العظماء يقودان قوى عظمى ويقسمان العالم فيما بينهما فإن فكرة مسابقة «أربع دول» كانت سخيفة على أي حال.
ومن الآن يمكن تخيل ترامب وبوتين وهما يشاهدان معًا مباراة لهوكي الجليد في ملعب سيسكا موسكو، دون أن يتطرقا أبدا إلى حرب أوكرانيا.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز