اخبار لايف

رسوم ترامب تفتح جبهة جديدة.. الغضب يجتاح العالم


في خطوة تحمل أبعادًا تتجاوز الخلافات التجارية، أشعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة من الغضب العالمي بقراره فرض رسوم جمركية جديدة على واردات السيارات.

لم يكن هذا الإجراء مفاجئًا تمامًا، لكنه جاء في توقيت حساس يعكس توجهًا تصعيديًا يهدد بفتح جبهة مواجهة جديدة مع حلفاء واشنطن التقليديين.

فبينما تبرر الإدارة الأمريكية قرارها بحماية الصناعة الوطنية، يرى مراقبون أن هذه الخطوة تحمل رسائل سياسية واضحة، سواء تجاه الاتحاد الأوروبي أو القوى الاقتصادية الكبرى مثل اليابان، ما يضع النظام التجاري العالمي أمام اختبار جديد قد تكون تداعياته أوسع من مجرد أرقام ونسب جمركية.

رجة بالأسواق

وأحدث قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع واردات السيارات وقطع الغيار صدمة كبيرة في الأوساط الاقتصادية وصناعة السيارات العالمية.

وجاء الإعلان عن هذا القرار وسط تصاعد الخطاب الحمائي لترامب، الذي يسعى إلى تقليل العجز التجاري الأمريكي وإعادة توطين الصناعات داخل الولايات المتحدة.

إلا أن هذه الخطوة أثارت قلقًا كبيرًا في الأسواق المالية وبين كبرى الشركات المصنعة للسيارات.

أزمة بالداخل

فور الإعلان عن القرار، تراجعت أسهم كبرى شركات السيارات في أمريكا والعالم.

فقد خسرت أسهم جنرال موتورز 8% من قيمتها، في حين انخفضت أسهم فورد وستيلانتس بنسبة 4.5% لكل منهما.

كما تأثرت الشركات الآسيوية بشدة، حيث تراجعت أسهم تويوتا وهوندا اليابانيتين بنحو 3%، بينما سجلت هيونداي وكيا الكوريتان انخفاضًا مشابهًا.

حتى تسلا، التي تُصنع سياراتها داخل أمريكا، شهدت انخفاضًا بنسبة 1.3%، نظرًا لاعتمادها على بعض الأجزاء المستوردة، ما يوضح أن التأثير لم يقتصر فقط على الشركات الأجنبية، بل امتد ليشمل الشركات الأمريكية أيضًا.

السوق الأمريكية

برّر ترامب هذا القرار بأنه سيحفّز الشركات العالمية على الاستثمار داخل الولايات المتحدة بدلًا من الاعتماد على الإنتاج في دول مثل المكسيك وكندا، خاصة بعد التعديلات التي أُجريت على اتفاقية التجارة بين أمريكا وجارتيها في 2020.

لكن في المقابل، حذر خبراء اقتصاديون من أن هذه السياسة قد تؤدي إلى زيادة كبيرة في تكاليف الإنتاج داخل أمريكا، ما سيؤثر بشكل مباشر على أسعار السيارات في الأسواق المحلية.

وفقًا لتقديرات «رابطة مصنّعي السيارات في أمريكا»، فإن فرض هذه الرسوم سيؤدي إلى ارتفاع متوسط سعر السيارة الجديدة بمقدار 3000 إلى 5000 دولار، ما قد يُضعف الطلب على السيارات الجديدة ويزيد من الضغوط على المستهلكين الأمريكيين.

كما أن هذا القرار قد يؤثر سلبًا على صناعة قطع الغيار، حيث تستورد العديد من الشركات مكونات حيوية من الخارج، وسيؤدي فرض رسوم عليها إلى زيادة تكاليف الصيانة والإصلاح.

على المستوى العمالي، هناك مخاوف من أن يؤدي ارتفاع التكاليف إلى تراجع الوظائف في قطاع السيارات بدلًا من زيادتها.

إذ قد تلجأ بعض الشركات إلى تقليص الإنتاج أو نقل المزيد من عملياتها إلى الخارج لمواجهة ارتفاع الأسعار، مما يتعارض مع الهدف الأساسي الذي يسعى إليه ترامب.

تنديد أوروبي 

ولقيت هذه الخطوة الأمريكية انتقادات حادة من الاتحاد الأوروبي، حيث أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن «أسفها الشديد» للقرار، معتبرة أنه سيؤدي إلى تصعيد التوترات التجارية بين ضفتي الأطلسي.

وقالت فون دير لاين في بيان رسمي: «نشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء القرار الأمريكي بفرض رسوم جمركية على صادرات السيارات الأوروبية».

وأضافت أن الاتحاد الأوروبي سيواصل البحث عن «حلول تفاوضية» لحماية مصالحه الاقتصادية.

في الوقت نفسه، حذّر مسؤولون أوروبيون من أن الاتحاد قد يضطر إلى اتخاذ تدابير مضادة، تشمل فرض رسوم على المنتجات الأمريكية مثل الدراجات النارية والمنتجات الزراعية والمعدات الصناعية، في خطوة قد تعمّق الخلافات التجارية بين بروكسل وواشنطن.

غضب ياباني كوري جنوبي

لم يقتصر القلق من هذا القرار على الداخل الأمريكي، بل امتد ليشمل الدول المنتجة الكبرى مثل اليابان وكوريا الجنوبية.

حيث اعتبرت طوكيو أن هذه الخطوة تمثل «إجراءً غير عادل»، محذرة من تأثيره السلبي على العلاقات التجارية بين البلدين.

وأوضح رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا أن صناعة السيارات تشكل 28% من إجمالي صادرات اليابان إلى أمريكا، أي ما يعادل 40 مليار دولار سنويًا، مما يجعل هذا القرار يشكل ضربة قوية للصناعات اليابانية.

وأكدت الحكومة اليابانية أنها ستبحث عن «جميع الخيارات المتاحة» للرد، بما في ذلك تقديم شكوى إلى منظمة التجارة العالمية، أو فرض إجراءات مضادة على المنتجات الأمريكية المصدّرة إلى اليابان.

أما في كوريا الجنوبية، فقد كان التأثير واضحًا على أسواق المال، حيث تراجعت أسهم هيونداي بنسبة 3.4 وأسهم كيا بنسبة 2% في بورصة سول.

وتعتمد هذه الشركات بشكل كبير على السوق الأمريكية، حيث تُباع نسبة كبيرة من سياراتها هناك، ولذلك فإن فرض الرسوم قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على السيارات الكورية، مما يُهدد فرص العمل في هذا القطاع.

بدورها عبّرت حكومة كوريا الجنوبية عن استيائها الشديد من القرار، معتبرة أنه «يتعارض مع روح اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين».,

وهددت بأنها قد تعيد النظر في اتفاقاتها التجارية مع واشنطن إذا لم يتم التراجع عن هذا القرار أو تعديله.

البرازيل تتوعد بالرد

ولم تكن اليابان وكوريا الجنوبية وحدهما في انتقاد القرار الأمريكي، فقد جاء رد فعل البرازيل أكثر حدة، حيث أعلن الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه السياسة الجمركية الجديدة.

البرازيل، التي تعد أحد كبار منتجي السيارات في أمريكا الجنوبية، تعتمد على السوق الأمريكية لتصدير نسبة كبيرة من إنتاجها، خاصة من شركات مثل فيات كرايسلر البرازيلية وشيفروليه البرازيلية.

ووفقًا لتصريحات لولا، فإن حكومته تدرس فرض رسوم جمركية مماثلة على المنتجات الأمريكية الداخلة إلى السوق البرازيلية، خاصة في قطاعات الزراعة والصلب، ردًا على الإجراءات الأمريكية.

وأكد لولا في تصريحاته أن «الولايات المتحدة تفرض سياسات تجارية حمائية متجاهلة مصالح شركائها».

وأضاف أن البرازيل قد تلجأ إلى شراكات تجارية أوسع مع الصين والاتحاد الأوروبي لتعويض الخسائر المحتملة نتيجة لهذه الإجراءات.

تداعيات على الاقتصاد العالمي

ويرى محللون أن قرار ترامب بفرض رسوم جمركية على واردات السيارات قد يشعل حربًا تجارية جديدة بين أمريكا وحلفائها، مما قد يُضعف حركة التجارة العالمية ويؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي ككل.

ويشير بعض الاقتصاديين إلى أن هذا القرار قد يؤدي إلى تراجع الطلب العالمي على السيارات، حيث ستضطر الشركات المنتجة إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد الخاصة بها، ما قد يؤدي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي في العديد من الدول الصناعية الكبرى.

كما أن الشركات الأوروبية مثل مرسيدس، وبي إم دبليو، وفولكسفاغن، التي تعتمد على السوق الأمريكية، قد تتأثر سلبًا، ما قد يدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات انتقامية ضد المنتجات الأمريكية، مما سيزيد التوترات التجارية بين الطرفين.

aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز US

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى