اخبار لايف

سر التفاؤل الأفريقي بعودة ترامب.. آمال في صفقات لا إملاءات


رغم أنه أدار ظهره في ولايته الأولى للدول الأفريقية، يشعر بعض قادة القارة السمراء بالتفاؤل لعودة دونالد ترامب رئيسًا، آملين في أن تتدفق على بلادهم في ولايته الثانية، مزيد من الاستثمار، وسط ضغوط أقل.

وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، إن العودة الوشيكة للرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أنعشت آمال بعض القادة الأفارقة، الذين يتوقعون أن تؤدي إلى المزيد من الاستثمار، والمزيد من الصفقات التجارية، وتقليل المحاضرات حول قضايا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وتكشف المقابلات التي أجريت مع أكثر من عشرة مسؤولين أفارقة وأمريكيين حاليين وسابقين، إلى جانب محللين أمنيين وخبراء في مجال الأعمال، أن العديد من القادة الأفارقة، بعيداً عن الخوف من عودة ترامب، حريصون على التواصل معه.

وقالت هيلدا سوكا مافودزي، سفيرة الاتحاد الأفريقي لدى الولايات المتحدة، في مناسبة أقيمت مؤخرا في واشنطن، حيث سأل دبلوماسيون وخبراء أفارقة، مسؤولين سابقين من الولاية الأولى لترامب حول ما قد تقدمه الإدارة القادمة: «أرى شعاعا من الضوء في هذه الإدارة».

ويقول الخبراء إنه من المتوقع أن يتبنى ترامب نهجا عمليا ومعاملاتيا في تعاملاته مع أفريقيا، ولهذا السبب، يتوقع بعض القادة الأفارقة الآن أن تتمكن إدارته من جلب المزيد من الأرباح لبلدانهم من ثروة أفريقيا من الموارد الطبيعية، ومنافسة أكثر صحة مع الصين وغيرها من الشركاء الأفارقة، والمزيد من الوظائف لمساعدة أسرع قارة نموا في العالم على التعامل مع طفرة الشباب الهائلة.

ولم يحدد ترامب بعد أي رؤية لأفريقيا؛ ففي ولايته الأولى، هدد بخفض ميزانيات المساعدات للقارة السمراء، وحذر العديد من الخبراء من أن إدارته ستشكل مخاطر كبيرة على حقوق الإنسان والصحة العامة والمساعدات الإنسانية ومكافحة تغير المناخ في القارة. وتراجع النفوذ الأمريكي في أفريقيا أيضاً.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب هذا العام أن الصين كانت القوة الأكثر شعبية في أفريقيا. وفقدت الولايات المتحدة القدرة على الوصول الأمني إلى أجزاء من منطقة الساحل التي ضربها الإرهاب، وسط سلسلة من الانقلابات. وتعاني السفارات الأمريكية في أفريقيا من نقص في الموظفين.

نهج جديد؟

ويعتقد بعض القادة والمحللين الأفارقة أن إدارة ترامب قد تحدد اتجاها جديدا، يستند على التجارة، وليس المساعدات فقط، بحسب الصحيفة الأمريكية.

ومن المرجح أن يخفف ترامب القيود المفروضة على صناعة الوقود الأحفوري، مما يخلق فرصا لمنتجي النفط والغاز الأفارقة، كما قالت زينب عثمان، مديرة برنامج أفريقيا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في العاصمة واشنطن.

وقال العديد من الخبراء إن إحدى الطرق لزيادة التجارة مع أفريقيا تتمثل في تجديد وتوسيع قانون النمو والفرص في أفريقيا ــ وهو التشريع الذي يسمح لأكثر من 30 دولة أفريقية بتصدير بعض المنتجات إلى الولايات المتحدة معفاة من الرسوم الجمركية.

ومن المقرر أن ينتهي العمل بهذا القانون، الذي خلق مئات الآلاف من الوظائف، العام المقبل. ويريد الاتحاد الأفريقي تجديده لمدة 16 عاما على الأقل، لكن من غير الواضح ما إذا كان القانون سيكون أولوية للإدارة التي جعلت زيادة التعريفات الجمركية أمرا محوريا.

وقال ديفيد أوموجومولو، الخبير الاقتصادي المتخصص في الشؤون الأفريقية في شركة كابيتال إيكونوميكس للأبحاث، إن صناعة السيارات في جنوب أفريقيا وشركات تصنيع الملابس في كينيا قد تكون من بين أكبر الخاسرين إذا لم يتم تجديد القانون.

ولقد قام البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد، وهو مؤسسة مالية أفريقية مقرها القاهرة، بتعيين مجموعة ضغط في واشنطن للمساعدة في الدفع نحو تجديده. وقالت رئيسة المجموعة إن فريقها يتحدث بالفعل مع كبار المسؤولين والمطلعين في فلك ترامب.

شرط تحقق أمريكا أولا 

«إنهم سوف يتبنون نهجاً تجارياً يعتمد على المشاريع التجارية ويضع أمريكا في المقام الأول»، تقول روزا ويتاكر، مساعدة الممثل التجاري الأمريكي السابق لأفريقيا في عهد الرئيسين بيل كلينتون وجورج دبليو بوش، مضيفة: «إلا أنه لا يمكننا أن نضع أمريكا في المقام الأول إذا استمررنا في وضع أفريقيا في المرتبة الأخيرة».

ومع نمو العلاقات الاقتصادية بين أفريقيا ودول أخرى ــ وخاصة الصين ــ تراجعت أهمية أعمالها مع الولايات المتحدة. ففي عام 2000، كان أكثر من 20% من الصادرات الأفريقية تذهب إلى الولايات المتحدة. وفي عام 2022، لن تتجاوز هذه النسبة 5%، وفقاً للبنك الدولي.

وفي الفترة من عام 2000 إلى عام 2020، مثلت أفريقيا 1% فقط من الاستثمارات الأجنبية المباشرة للولايات المتحدة. وقد تقلصت هذه الاستثمارات بمقدار الثلث من عام 2014 إلى عام 2022، وفقًا لبيانات التجارة الصادرة عن الأمم المتحدة.

وقال أولوشيجون أدجادي بكاري، وزير خارجية بنين، أحد أكبر منتجي القطن في أفريقيا، إن «الشركات الأمريكية تتخطى أفريقيا وتستثمر مباشرة في الصين والهند، لكن بابنا مفتوح».

ويقول محللون سياسيون واقتصاديون إن مواجهة نفوذ الصين في أفريقيا، بما في ذلك المنافسة على المعادن الأرضية النادرة التي تستخدم في تشغيل أشياء مثل المركبات الكهربائية وطواحين الهواء، ستكون محورية في استراتيجية إدارة ترامب.

وبحسب هؤلاء الخبراء، فإنه من المرجح أن يحتفظ ترامب بممر لوبيتو – وهو مشروع سكة حديد مميز لبايدن من المقرر أن يمتد من جمهورية الكونغو الديمقراطية الغنية بالمعادن إلى ساحل أنغولا الأطلسي عبر زامبيا – لتأمين سلاسل التوريد.

لكن الإدارة القادمة سوف تحاول اللحاق بالركب؛ فالصين هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا وممول رئيسي للطرق والموانئ، وهي تعمل بسرعة على وضع شبكات الجيل الخامس التي ستدعم مستقبل أفريقيا الرقمي.

وتجد الشركات الأمريكية في بعض الأحيان صعوبة في المنافسة ضد الصين في أفريقيا، وكثيرا ما تستشهد بمخاطر السمعة ــ وخاصة عمالة الأطفال في سلاسل التوريد ــ والبيروقراطية لتفسير ترددها في الاستثمار في أفريقيا.

وقال القادة الأفارقة مرارا وتكرارا إنهم يريدون القيام بأعمال تجارية مع كل من الصين وأمريكا، وليس فقط اختيار جانب واحد.

عقد الصفقات وليس الحرب

ويقول المسؤولون الذين خدموا في عهد ترامب في أفريقيا سابقا إنه قد يعترف بأرض الصومال ، التي أعلنت استقلالها عن الصومال في عام 1991. وفي المقابل، قد تطلب الولايات المتحدة مطارا وميناء بحريا على الطريق الاستراتيجي على طول خليج عدن.

وقال بشير جوث، الذي يقود بعثة أرض الصومال إلى الولايات المتحدة: «هناك اعتقاد عام بأن أرض الصومال ستكون في وضع أفضل تحت إدارة ترامب».

وقال العديد من الأشخاص الذين التقوا مع ماركو روبيو، مرشح ترامب لمنصب وزير الخارجية، إنه أعرب عن اهتمام خاص بالانفصاليين الناطقين باللغة الإنجليزية في الكاميرون، الذين بدأوا القتال من أجل الانفصال عن مواطنيهم الناطقين بالفرنسية في عام 2016.

أوقفوا المحاضرات

واقتربت غامبيا من تشريع ختان الإناث بعد حظره، فيما أطاح الجنود في مالي وغينيا وبوركينا فاسو والنيجر بحكوماتهم المنتخبة، في تطورات قوبلت بتصريحات استنكار من جانب الحكومة الأمريكية ــ أو كما يصفها بعض الأفارقة بمحاضرات ــ وقد أسفر بعضها عن فرض عقوبات.

لكن هذا قد يتغير الآن، فقد قال تيبور ناجي، الذي شغل في السابق منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية في عهد ترامب، إنه يأمل أن «تتخلى الولايات المتحدة عن مكبر الصوت الغبي، وتتوقف عن إلقاء المحاضرات وتتراجع عما أسميه الاستعمار الثقافي».

ناجي أضاف ن الاضطهاد الديني قد يكون استثناءً، وخاصة للمسيحيين في نيجيريا. وتروج جماعة ضغط أمريكية قوية للرواية القائلة بأن المسيحيين مستهدفون من قبل الجماعات الإرهابية بسبب إيمانهم – على الرغم من أن المحللين النيجيريين يقولون إن هذا تشويه صارخ لديناميكيات العديد من الصراعات المعقدة في الدولة الأكثر سكانًا في أفريقيا.

وقد تأخذ المحاضرات حول المعايير الديمقراطية أيضا مقعدا خلفيا في «حزام الانقلابات» في منطقة الساحل – وهي شريط من البلدان الواقعة جنوب الصحراء الكبرى التي تكافح الإرهاب المتنامي، وتخضع لسيطرة المجالس العسكرية.

وكانت العديد من هذه البلدان تتمتع في السابق بشراكات أمنية قوية مع دول غربية، لكن هذه العلاقات ساءت. وبدلاً من ذلك، اشترت بعض هذه البلدان طائرات بدون طيار تركية وصينية أو استأجرت قوات فاغنر، للمساعدة في مكافحة الإرهابيين.

وقال جيه بيتر فام، المبعوث الأمريكي السابق لترامب إلى منطقة الساحل، إن قطع العلاقات مع الدول التي خضعت لانقلابات، عسكرية دفعها بشكل مباشر إلى اللجوء إلى روسيا.

وعندما رفضت إدارة بايدن طلبًا من الرئيس العسكري في مالي للحصول على جهاز إرسال واستقبال أمريكي لطائرة غير مسلحة، اشتكى الزعيم إلى وزير الخارجية الروسي وتمت دعوته على الفور إلى موسكو، وفقًا لفام.

وبعد فترة وجيزة، وصل 1500 من قوات فاغنر إلى مالي، وتم طرد القوات الفرنسية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

ومع ذلك، قال فام، إن الوقت لم يفت بعد لإصلاح العلاقات مع المجلس العسكري، مشيرا إلى أن الهزيمة الكبرى التي منيت بها شركة فاغنر في مالي هذا الصيف تقدم للولايات المتحدة «فرصة هائلة».

aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز US

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى