اخبار لايف

«سلام أوكرانيا».. هل يغتال ترامب الناتو بغصن الزيتون؟


قد يعنى تخلي الولايات المتحدة وأوروبا عن أوكرانيا دعوة روسيا لمهاجمة إحدى دول حلف شمال الأطلسي.

في مايو/أيار 2023، كان دونالد ترامب في خضم حملته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية عندما قال “إنهم يموتون، الروس والأوكرانيون.. أريد أن أوقف موتهم وسأفعل ذلك.. سأفعل ذلك في غضون 24 ساعة”.

وواصل ترامب تكرار هذا التعهد الانتخابي قائلا إنه سيكون مشروطًا بجلوسه مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي كما زعم أنه لو كان رئيسًا، وليس جو بايدن، لما اندلعت الحرب.

ومنذ فوزه في الانتخابات الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لم يقدم ترامب أي تفاصيل أخرى حول مبادرة السلام التي وعد بها لكن كان هناك الكثير من الحديث من قبل طرفي الحرب وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة “تلغراف” البريطانية.

وأعرب الروس عن سعادتهم بالمحادثات، وإن كانت وفقًا لشروطهم مثل إجرائها في سلوفاكيا في حين أشار زيلينسكي إلى أن الطريقة الوحيدة لإبعاد القوات الروسية عن الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها هي الوسائل الدبلوماسية وليس العسكرية.

ومع دخول الحرب شهرها الـ35 ورغم خسارة الأراضي فليس من المستغرب أن ترغب أوكرانيا في إنهاء الأمور بعدما أشارت تقديرات أمريكية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى مقتل 57500 أوكراني وإصابة 250 ألف آخرين منذ بدء الحرب في حين تشير تقديرات هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” إلى مقتل ما بين 150 ألفاً و200 ألف روسي وإصابة ما يصل إلى 600 ألف آخرين.

ونحن ننتظر تفاصيل مبادرة ترامب لإنهاء هذا الرعب؛ ما لم تتأخر بالطبع بسبب التحفظات التي أعرب عنها بعض حلفاء الناتو له ولفريقه. وعلى وجه الخصوص، قد تثير هذه التحفظات مخاوف بشأن الكيفية التي قد تؤثر بها التسوية التي يُنظر إليها على أنها لصالح الروس على العلاقات الدولية، وتكافئ بوتن فعلياً على عدوانه.

وفي الوقت الذي قد يعتقد فيه حلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلنطي (ناتو) أن عزمهم على عدم منح بوتين النصر قد تعرض للخطر بسبب ضغوط ترامب، فإن تماسك التحالف، بل مستقبله بالكامل، قد يتعرض للتهديد.

ومثلما حدث في ولايته الأولى، اشتكى ترامب خلال حملته الانتخابية من عدم قيام الدول الأوروبية في الناتو بدفع التزاماتها لذا فإنه سيشعر بمجرد عودته للبيت الأبيض وإمساكه بزمام الأمور في التحالف بأن حلفاءه الأوروبيين ليسوا في وضع يسمح لهم بإلقاء محاضرات على أمريكا.

والحقيقة أن هذه الشكوى ليست جديدة فسبق وقدمها الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عندما كان في منصبه من 2008 وحتى 2012.

والواقع أن حرب أوكرانيا دفعت العديد من بلدان حلف الناتو إلى زيادة الإنفاق الدفاعي لتصل للمرة الأولى إلى الحد المتفق عليه وهو 2% من الناتج المحلي الإجمالي.

ومن المتوقع أن يحقق 23 دولة من بين 31 دولة عضو في الناتو هدف 2% الذي لم يحققه سوى 3 أعضاء فقط في 2014.

وهي المرة الأولى منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين التي يتمكن فيها التحالف من إنفاق ما يصل إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع أما الدول الأعضاء الثمانية التي لم تحقق الهدف ومن بينها إيطاليا وإسبانيا وكندا فإنها زادت إنفاقها بدرجة ما هذا العام.

في المقابل، انخفض إنفاق الولايات المتحدة هذا العام مقارنة بالعام الماضي، بنسبة 3.38% من الناتج المحلي الإجمالي لكن يظل المبلغ الفعلي ضخم بالنظر إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي الكبير. .

وتميل الدول الواقعة بالقرب من روسيا إلى الإنفاق الأكبر إذ تنفق إستونيا نسبة مئوية تزيد بأكثر من 3.43% عن الولايات المتحدة التي تظل الأساس الذي يرتكز عليه الناتو.

وإذا أراد الأعضاء الآخرون مواجهة ترامب بمجرد عودته إلى البيت الأبيض، فيجب أن يتذكروا أنه قد تكون هناك عواقب وخيمة على أمنهم وهو ما يزيد التوتر حول الأمور التي قد يسعى إلى القيام بها أو لا يسعى إليها.

ووفقا للتقارير الواردة من الجبهة، فهناك شكوك واسعة حول قدرة ترامب على إنهاء الحرب بالسرعة التي يأملها كما أن مطالب الروس بإعادة رسم الحدود مع أوكرانيا ومع دول أوروبا الشرقية ستثير المشكلات خاصة في بولندا.

وقد تسعى إدارة ترامب إلى عقد نوع من المؤتمرات حول أوكرانيا لفترة طويلة وسيعتمد طول المدة بالضبط على استعداد بوتين وزيلينسكي لعقد مثل هذه المحادثات، وعلى الاتفاق بشأن لأجندة والمكان.

وباعتبارها القوة الرائدة في العالم وفي ضوء دعمها لأوكرانيا ستكون الولايات المتحدة محورية لأي محادثات سواء اقترحها ترامب أم لا وسيقود وزير الخارجية الأمريكية في الإدارة القادمة ماركو روبيو هذه الجهود رغم أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قد ترغب في لعب هذا الدور.

ويواجه أغلب القادة الأوروبيين صعوبات محلية تشتت انتباههم وتعرقل قيامهم بدور في المحادثات حيث تقترب أيام المستشار الألماني أولاف شولتز في السلطة من نهايتها وارتكاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سلسلة أخطاء هزت البلاد في حين تشهد بريطانيا انحدارا سريعا لحكومة كير ستارمر العمالية المنتخبة حديثا.

ومع ذلك، إذا بدأت عملية السلام، فإن حكومات حلف الناتو ستستخدم القنوات الدبلوماسية للتأثير على اتجاه المحادثات لكن أوروبا ولأسباب أمنية، ستكون هي الخاسرة الأكبر.

وتثور المخاوف حاليا في القارة العجوز من سعي روسيا إلى تأمين ممر بري إلى مدينة كالينينجراد الساحلية المطلة على بحر البلطيق والتي تعد حاليا جيبا روسيا يحدها بولندا إلى الجنوب وليتوانيا إلى الشمال والشرق.

ويمكن لروسيا الوصول إلى المدينة عن طريق الجو والبحر لكن ليس عن طريق البر وتتمتع كالينينجراد بأهمية استراتيجية لكونها البؤرة الفعالة لروسيا في الاتحاد الأوروبي وهي في الواقع أحد الأسباب الرئيسية التي تمنع أوروبا من التخلي عن أوكرانيا حتى لا يقوم بوتين يإرسال رتل مدرع من أراضي بيلاروسيا عبر ليتوانيا لتأمين الممر البري الذي يريده وسيكون ذلك هجوما على الأراضي السيادية لعضو في الناتو وعضو في الاتحاد الأوروبي.

وستكون وزارة الخارجية، والعديد من الجمهوريين في الكونغرس، على دراية بكل هذه المخاطر وفي مقدمتها إثارة الخلاف مع أفضل أصدقاء الولايات المتحدة ومن الأمور المبشرة تخفيف ترامب لخطابة حول الحل الفوري لأزمة أوكرانيا.

aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز US

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى