سماحة الإسلام ليست ضعفًا بل منهجًا حكيما
الجمعة 07/مارس/2025 – 01:17 ص
عقد الجامع الأزهر أمس الخميس، حلقة جديدة من ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان “سماحة الإسلام وأثرها في انتشاره”، وذلك بمشاركة الدكتور أبو زيد الأمير، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون، والنائب السابق لرئيس جامعة الأزهر، والدكتور جميل تعيلب، وكيل كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، والدكتور صالح عبد الوهاب، وكيل كلية العلوم الإسلامية بجامعة الأزهر، وأدار الملتقى الشيخ إبراهيم السيد حلس، مدير إدارة الشئون الدينية بالجامع الأزهر الشريف.
ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة: سماحة الإسلام ليست ضعفًا بل منهجًا حكيما
وتحدث الدكتور أبو زيد الأمير عن أن الإسلام دين يقوم على القيم والأخلاق، ويؤسس لمجتمع مترابط ونقي، مشيرًا إلى أن التسامح هو قيمة أخلاقية عظيمة يحبها الله ورسوله ﷺ، حيث قال تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾.
وأكد فضيلته أن التسامح في الإسلام يشمل العفو عند المقدرة، وكظم الغيظ والرفق والرحمة، مستشهدًا بمواقف النبي ﷺ في تعامله مع المسلمين وغير المسلمين، إذ كان العفو والإحسان من أهم أسباب انتشار الإسلام في بقاع الأرض.
ومن جانبه، أشار الدكتور جميل تعيلب إلى أن السماحة هي الركيزة الأساسية للإسلام، مستدلًا بقول النبي ﷺ: إنما بُعثت بالحنيفية السمحة.. وبيَّن أن التسامح يظهر في المعاملات الاقتصادية والاجتماعية، حيث قال ﷺ: رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى، مؤكدًا أن الإسلام لم يجبر أحدًا على اعتناقه، وإنما كان العدل والإحسان سببًا في دخول الناس فيه. واستشهد فضيلته بقول الله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.
أما فضيلة الدكتور صالح عبد الوهاب فقد تحدث عن التناقض الذي كشفه الغرب المتنمر، مشيرًا إلى أن الحرية التي يدّعونها لم تمنعهم من انتهاك حقوق المسلمين واستباحة مقدساتهم.
وأكد فضيلته أن هذه الممارسات الغربية التي استباحت المقدسات وقتلت الأطفال والصغار والكبار تجعل العالم يفكر اليوم من جديد في تلك المفاهيم المغلفة التي وردت إليه من الغرب، وأن الأمة العربية والإسلامية لديها من الدين والأخلاق ما يجعلها قادرة على النهوض الصحيح، داعيًا للعودة إلى أخلاق النبي ﷺ في التعامل بالحلم والسماحة، مستشهدًا بموقف فضالة بن عمير الليثي، الذي كان يريد قتل النبي ﷺ بعد فتح مكة، لكن النبي ﷺ قابله بالعفو، فصار أحب الناس إليه بعد أن كان أبغضهم.
وفي ختام الملتقى، تحدث مدير الملتقى الشيخ إبراهيم السيد حلس عن التوازن الفريد في شخصية النبي ﷺ، إذ جمع بين الرحمة والعفو، وبين القوة والهيبة، فكان يُؤخذ بيده حيث شاءت الجارية، وفي الوقت نفسه كانت تخشاه ملوك الأرض. وأكد فضيلته أن السماحة كانت أعظم وسيلة لنشر الإسلام، حيث كسب النبي ﷺ قلوب الناس بحسن خلقه قبل أن يكسبهم بالحجة والبرهان، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾.
وأكد المشاركون أن سماحة الإسلام لم تكن ضعفًا، بل كانت منهجًا حكيمًا قويًّا ساهم في نشره عبر الأزمان، داعين إلى الاقتداء بأخلاق النبي ﷺ وإظهار الصورة الحقيقية للإسلام، كدين للرحمة والعدل والإحسان.
ويُحيي الجامع الأزهر خطته العلمية والدعوية لشهر رمضان المبارك بتوجيهات ورعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتتضمن: مقارئ قرآنية، ملتقيات دعوية عقب الصلوات، دروسًا علمية بين التراويح، صلاة التهجد في العشر الأواخر، تنظيم موائد إفطار يومية للطلاب الوافدين، إضافة إلى احتفالات خاصة بالمناسبات الرمضانية، وذلك في إطار الدور الدعوي والتوعوي الذي يضطلع به الأزهر الشريف لنشر العلوم الشرعية وترسيخ القيم الإسلامية السمحة.