صمت إخوان تونس بعد الرئاسيات.. تكتيك حرباء أم انحناء للعاصفة؟
منذ انتهاء الانتخابات وإعلان فوز الرئيس التونسي قيس سعيد، تباينت ردود أفعال الإخوان، فبينما التزم عناصر الجماعة في الداخل الصمت المطبق، نشط إخوانيو الخارج، مما طرح تساؤلات حول الأسباب.
فسره مراقبون على أنه “انحناء أمام العاصفة”، في محاولة لإعادة ارتداء ثوب الحرباء المعتاد. وفي الوقت نفسه، نشطت عناصرهم بالخارج في محاولة لإفساد فرحة الشعب التونسي بتجديد الثقة في قيس سعيد.
وفي محاولة لحفظ ماء الوجه، أصدرت حركة النهضة الإخوانية، في وقت سابق من الأسبوع، بيانًا تؤكد فيه: “المواقف الشخصية، والتحليلات السياسية المخالفة لسياسات الحركة، التي ترد في وسائل الإعلام والفضاء الافتراضي، لا تلزم إلاّ أصحابها”.
كيان هش
ارتباك ظهر عليه إخوان تونس عقب الانتخابات الرئاسية، فسره المحلل السياسي التونسي محمد الميداني بأنه دليل على تراجع التنظيم في تونس، خاصة في ظل سجن قياداتهم البارزة.
وأوضح الميداني لـ”العين الإخبارية” أن “الهزائم المتتالية التي عاشتها حركة النهضة جعلتها كيانًا هشًّا، لا مكان له في الخارطة السياسية التونسية».
وأضاف: “لكن ذلك لا يمنع أن خلايا التنظيم النائمة تترقب انتظارا لاقتناص الفرص للعودة إلى المشهد السياسي، والتحرك من أجل إرباك الوضع في البلاد خدمة لمصالحها”.
ودلّل الميداني على ذلك باستمرار قيادات الإخوان في الخارج، ومنهم صهر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، رفيق عبد السلام، في محاولاتهم لاستمالة الشارع التونسي عبر إعادة توظيف خطاب المظلومية.
أسلوب الحرباء
إلا أن المحلل السياسي التونسي نبيل غواري، قال إن إخوان تونس، وفق المعطيات في الشارع منذ 2011، أجادوا اللعب على وتر الشارع التونسي، مشيرًا إلى أن التنظيم عزز خلال سنواته الأخيرة من توظيف خطاب المظلومية، وهو ما قادهم للفوز في الانتخابات البرلمانية لعام 2011 بأغلبية ساحقة.
وذكر غواري لـ”العين الإخبارية” أن “الشعب التونسي اكتشف حقيقة سجلهم الإجرامي، الذي يتضمن اغتيال رجال الأمن والسياسيين، وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر، مما دفع الشعب التونسي إلى التصدي بقوة لهم، من خلال مظاهرات الخامس والعشرين من يوليو/تموز 2021 للإطاحة بالبرلمان الإخواني”.
وأفاد بأن “الحركة لم تعد تمتلك حضورًا دعويًا ولا شعبيًا في الشارع التونسي، ما يشير إلى تلاشي هذا التنظيم”، مشيرًا إلى أن “النهضة فقدت القدرة على تحريك الشارع، مما يعكس تراجع الامتداد المجتمعي لهذه الحركة”.
ونوّه بأن حركة النهضة “تعتمد حاليًا أسلوب التلون كالحرباء، وهو أسلوبها المعتاد، لذلك لا تريد تقديم أي موقف واضح حول المجريات السياسية”.
القيادة السرية
وحول رفض الإخوان الإعلان عن رئيس للحركة في الآونة الراهنة، أرجع غواري ذلك إلى توجه الحركة نحو القيادة السرية، أي عدم الإعلان عن اسم رئيس الحركة أو أمينها العام والعمل في الخفاء هربًا من أي ملاحقات قانونية ومن المحاسبة.
وأشار إلى أن ذلك الوضع تكرار لما حدث في بداية التسعينيات من القرن الماضي، عندما تم تعيين الصادق شورو رئيسًا للحركة، حيث لم يتم الإعلان عن ذلك، وجرى العمل في السر فقط إلى أن تم القبض عليه في 17 فبراير/شباط 1991.
وفي الفترة الأخيرة، عرفت الحركة شغورًا أول بعد سجن رئيسها راشد الغنوشي (أبريل 2023)، وشغورًا ثانيًا بسجن نائب الرئيس المكلف بتسييرها المنذر الونيسي (سبتمبر 2023)، ثم شغورًا ثالثًا بسجن الوريمي في 14 يوليو/تموز الماضي. وتداول على رئاسة الحركة نحو 14 قياديًا، ويعد الغنوشي رئيس الحركة الأطول مدة، حيث تولى رئاستها من 1972 إلى ديسمبر/كانون الأول 1980، ثم لفترة قصيرة من أبريل/نيسان 1981 إلى يوليو/تموز 1981، ومن ديسمبر/كانون الأول 1984 إلى مارس/آذار 1987، ومن نوفمبر/تشرين الثاني 1991 إلى 17 أبريل/نيسان 2023.
aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA= جزيرة ام اند امز