اخبار لايف

صورته مع ميركل غيرت حياته.. قصة لاجئ سوري حول المحنة لمنحة


عندما خرجت أنغيلا ميركل من سيارتها إلى خارج ملجأ لطالبي اللجوء في شبانداو ببرلين في سبتمبر/أيلول 2015، لم يكن لدى أنس مدماني، وهو لاجئ سوري يبلغ من العمر 18 عاما، أي فكرة عن هويتها، لحظة اقترابه منها لالتقاط صورة شخصية معها.

«افترضت أنها شخص مهتم برؤية من نحن، وكيف نتصرف»، يقول مدماني، في إشارة إلى المئات الذين وصل معهم إلى العاصمة الألمانية في اليوم السابق، بعد رحلة طويلة وشاقة من وطنه الذي مزقته الحرب، بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وتابع: قلت لها: دعينا نلتقط صورة. ثم انحنى برفق والتقط صورة شخصية مع المستشارة آنذاك، وبعد ثانية واحدة بدأ الناس يهتفون: ماما ميركل.. وفي وقت لاحق فقط اكتشفت من هي: المرأة التي كانت وراء القرار التاريخي بعدم إغلاق حدود ألمانيا والسماح بدلا من ذلك بدخول اللاجئين من سوريا».

وانتشرت صورة ميركل وهي تبتسم لهاتف مودماني وهو يضع ذراعه حول كتفها، حول العالم.

فـ«لم أكن لأتخيل أبدًا القوة التي يمكن أن تمتلكها صورة شخصية واحدة»، يقول موداماني، الذي يبلغ من العمر الآن 27 عامًا.

وبعد أن تم تضمين صورة لحظة السيلفي في السيرة الذاتية التي نشرتها ميركل مؤخرا تحت عنوان «الحرية»، غمرت الرسائل التي أرسلها الأصدقاء والمعارف إلى مودماني، والتي تحتوي على لقطات شاشة للصفحة. ويقول إن هذا اعتراف مرحب به، «وهذا يعني أنه سيصبح الآن جزءا من التاريخ إلى الأبد».

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، كان مدماني، الذي نجح في بناء حياة جديدة لنفسه ويعمل الآن منتج فيديو في برلين، يُستدعى بانتظام باعتباره أحد أبرز السوريين البالغ عددهم نحو مليون شخص في ألمانيا، لتلخيص مشاعر مواطنيه.

يضيف مدماني: «إنه أمر لا يصدق. أشعر وكأنني شخص جديد.. لم أعد مضطرًا للقلق بشأن عائلتي في سوريا كما كنت أفعل لسنوات، وأستمتع بحقيقة أنني الآن أمتلك موطنين يمكن الوصول إليهما بسهولة».

وأشار إلى أن العديد من الأصدقاء والجيران الألمان شاركوا في الاحتفالات، فـ«لقد أدركوا أهمية ذلك بالنسبة لنا، فقد كان سقوط جدار برلين بالنسبة لهم بمثابة سقوط جدار برلين».

ويعتقد أن «ثقافة الترحيب» التي استقبل بها السوريون في ألمانيا في عام 2015 لا تزال قائمة، رغم صدمتهم من الطريقة التي كان بها سياسيو حزب البديل من أجل ألمانيا (أقصى اليمين)، وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي المحافظ ــ الذين من المتوقع أن يقودوا الحكومة المقبلة ــ يضغطون من أجل عودة السوريين بعد ساعات من انهيار النظام.

ومع توقع إجراء انتخابات مبكرة في فبراير/شباط، فقد أصبحت هذه القضية بالفعل قضية رئيسية. وفي الوقت نفسه، جمدت السلطات عملية اتخاذ القرار بشأن طلبات اللجوء المعلقة من المواطنين السوريين.

ويقول إن حالة عدم اليقين تسبب الكثير من القلق لدى عشرات الآلاف من السوريين العاملين في القوى العاملة الألمانية، بما في ذلك ميكانيكو السيارات ومهندسو التدفئة ونحو 6 آلاف طبيب سوري وآلاف آخرون من العاملين في مجال الرعاية.

وبينما يعرب عن امتنانه للدولة الألمانية، التي دفعت تكاليف دراسته، ووفرت له دروس اللغة، وغطت إيجاره، وأعطته فرصة الحصول على الجنسية الألمانية، فإنه يعترف أيضًا بمدى الألم الذي كانت عليه تجربة اللجوء في بعض الأحيان وكيف عانى على أيدي أقصى اليمين في ألمانيا، بسبب صورة السيلفي.

وقد تم تعديل الصورة من قبل أقصى اليمين في ألمانيا لإظهار مدماني وكأنه إرهابي، وتم ربطه في حملات التضليل بالهجمات الإرهابية في برلين وبروكسل.

وقال مودماني: «لقد كانت أسوأ فترة في حياتي. أمضيت نحو عام مختبئًا في المنزل، خائفًا من الخروج، وفقدت الرغبة في التحدث إلى الناس، بسبب الأكاذيب على وسائل التواصل الاجتماعي، التي زعمت أنني قتلت أشخاصًا».

وأشار إلى أن الألم الذي أصاب والدته كان أشد سوءاً؛ «إذ قرأت في وسائل الإعلام العربية أن أنس إرهابي. فبكت أمي لأيام، بينما كانت تتلقى رسائل من أشخاص يقولون لها إن ابنك إرهابي في ألمانيا. وعلى الرغم من سعادتها في البداية بالصورة، قالت لي أمي: لا أريد أن أرى هذه الصورة مرة أخرى. ومنذ ذلك الحين شرحت لها الجوانب الإيجابية العديدة لهذه الصورة، وقد اقتنعت الآن بوجهة نظري».

ومن المقرر أن يعود مدماني إلى سوريا في فبراير/شباط. وستتابعه فرق التلفزيون الألماني أثناء زيارته لعائلته لأول مرة منذ تسع سنوات ومنزلهم المدمر في ضاحية داريا بدمشق.

ويخطط لإعادة بناء المنزل بمدخراته والمساهمة في إعادة بناء سوريا، التي يأمل أن «تصبح أكثر حداثة ومنفتحة على العالم مثل أوروبا».

وسيكون الطابق السفلي لوالديه، والطابق العلوي لموداماني وصديقته آنا، وهي مهندسة ميكانيكية من كييف، والتي التقى بها في برلين أثناء دراسته والتي ساعد عائلتها في الوصول إلى ألمانيا بعد بدء العملية العسكرية الروسية.

«نحن نتحدث عن كيفية تقسيم وقتنا بين برلين ودمشق وكييف، بمجرد انتهاء الحرب هناك»، كما يقول، مشيرًا إلى أن برلين ـ «المكان الذي نشأت فيه ـ ستظل موطنه الرئيسي، ما دام حزب البديل من أجل ألمانيا لا يصل إلى السلطة».

ويتأمل ما قد يقوله لميركل إذا التقى بها الآن، فيقول: «إنني لم أخيب أملها. لقد نجحت في الاستفادة من الفرص التي أتيحت لي». وباستخدام عبارتها الخاصة التي استخدمتها في ذروة أزمة اللاجئين (نستطيع أن نفعل هذا)، يضيف: «لقد نجحت».

aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز US

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى