اخبار لايف

عبد الغني الحايس يكتب: اختراع الثانوية العامة





الأحد 12/يناير/2025 – 08:52 م

التعليم هو قاطرة التنمية الحقيقة في أي بلد بالعالم، وعندما يتلقى المواطن تعليمًا صحيحًا يكون أساسُ الدولة قويًا، فهو السبيل إلى التنمية الذاتية والمستقبل المشرق، وتحقيق التنمية المستدامة.

وفي مصر تأخرنا في جميع المجالات بسبب سوء التعليم، فهو البداية لكل المناحي المختلفة؛ ولذلك أصدرت الدولة في ظل الجمهورية الجديدة قانون رقم 163 لسنة 2024 بإنشاء المجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار، الذي قدمته الحكومة كرؤية لإصلاح التعليم بجلسات الحوار الوطني.

والذي ينص في إحدى مواده على: يهدف المجلس إلى وضع السياسات العُليا للدولة في مجال التعليم بجميع أنواعه، وجميع مراحله وتحقيق التكامل بينها، والإشراف على تنفيذها، بهدف النهوض بالتعليم وتطوير مخرجاته بما يتوافق مع الأهداف القومية للدولة ومتطلبات سوق العمل المحلية والدولية، كما يهدف إلى وضع السياسات العليا للدولة في مجال البحث والابتكار.

ورغم ذلك خرج علينا السيد وزير التربية والتعليم بعد اجتماع مجلس الوزراء الفائت بنظام جديد للثانوية العامة البكالوريا، دون احترام للقانون والرؤية الجديدة ودون مشورة وتشاور مع المتخصصين، أو أن يسعى لتفعيل القانون 163، وتشكيل مجلسه ومستشاريه، ويصدر لائحته التنفيذية، ولكنه صرخ وجدتها!! كأن الثانوية العامة حقل تجارب مستمر منذ معالي الدكتور حسين كامل بهاء الدين، نهاية بالسيد محمد عبداللطيف الوزير الحالي.

أصبحت الثانوية العامة مستباحة من كل وزير خلال ولايته يغير ويعدل، ويأتي خلفه ليقرر شيئا آخر، فهل اطلع الوزير على الدستور وقرأ المادة 19 التي يخالفها نظامه المقترح، والتي تنص كذلك على أن التعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها؟ وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، أو نصحه أحد مستشاريه بالاطلاع على قانون التعليم 139 لعام 1981، إذ نص في المادة الثالثة منه على أن: التعليم الجامعي حق لجميع المواطنين في مدارس الدولة بالمجان، ولا يجوز مطالبة التلاميذ برسوم مقابل ما يقدم لهم من خدمات تعليمية أو تربوية.

فدعونا نتكلم بواقعيه وبعيدا عن الكلام المنمق، التعليم بمصر في أزمة حقيقية، ويجب وضع استراتيجية للتعليم من الخبراء والمتخصصين والتربويين، وتكون بداية لانطلاقة حقيقية، كما يجب تفعيل المجلس الوطني للتعليم وإعلان تشكيله، ولا تترك الأمور مستباحة للاجتهاد وزير ويأتي خلفه ليمارس رؤيته من منظوره الشخصي، نحن في دولة وننطلق إلى جمهورية جديدة فيجب الأخذ بكل أسباب النجاح والتقدم، فلا نهضة في الصناعة والزراعة والتجارة وكل مناحي حياتنا، سوى بالتعليم والبحث العلمي ورعاية المبدعين والمبتكرين.

إنما أن تظلَّ الثانوية بعبع للطلبة وأولياء الأمور وسبوبة للمدرسين وغياب لدور المدرسة؛ فهذا أمر غير مقبول، وأطالب السيد الوزير أن يذهب إلى أقرب مدرسة بجواره دون سابق إنذار، وسيجد المفاجأة!! لا أحدَ يحضر من طلاب الثانوية العامة وحتى طلاب الشهادة الإعدادية، والدروس الخصوصية التي يحاربها كل وزراء التربية والتعليم، ليست في الثانوية العامة فقط يا سادة إنما أصبحت ظاهرة في كل مراحل التعليم ونعيشها في بيوتنا جميعا، نظرا لغياب دور المدرسة والمدرسين وغياب الرقابة.

فلا تجملوا الأشياء ولنعترف أن لدينا أزمة في كل مراحل التعليم وليس الثانوية العامة فقط، وإنما المصيبة الأكبر في التعليم الفني الذين يطلقون عليه قاطرة التنمية، وأنه يخرج فنيين قادرين على التوغل في سوق العمل، كل تلك أكلشيهات غير حقيقية، ولتنظروا بأنفسكم على الواقع.

الاعتراف بالخطأ والقصور هو نصف الحل، والمكابرة والعناد طريق إلى الفشل، ونحن نريد لوطننا العزة والرفعة فاعملوا بضمائر حية وقلوب نقية وعقول صادقة على رفعته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى