غالانت «يعتزل» الكنيست.. نتنياهو «يتخلص» من منافس محتمل
تخلص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من منافس سياسي مهم، بإعلان وزير الدفاع السابق يوآف غالانت استقالته من عضوية الكنيست.
ففي رسالة من سطر ونصف كتب غالانت في رسالة وجهها إلى رئيس الكنيست أمير أوحانا قال فيها: “وفقا للقانون الأساسي: الكنيست، أود أن أبلغكم بقرار إنهاء فترة ولايتي كعضو في الكنيست”.
وغالانت هو عضو في حزب “الليكود”، الذي يقوده نتنياهو، وقد ناكف رئيس الوزراء نتنياهو كثيرا في الأشهر الأخيرة بعدم التصويت لصالح قوانين الحكومة.
وكان أخر هذه القوانين هو قانون الميزانية الذي امتنع عن التصويت عليه، مما أجبر نتنياهو على مغادرة المستشفى لعدة ساعات من أجل ضمان تمرير القانون، بعد قرار حزب “القوة اليهودية” اليميني برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير التصويت ضده.
ويضمن قرار غالانت لنتنياهو استبداله بعضو جديد في الكنيست من “الليكود” موال له يصوت لصالح القوانين التي تطرحها الحكومة.
وسيحل مكان غالانت في الكنيست عبد عفيف وهو درزي من النشطاء في حزب “الليكود”.
ومع ذلك فإن غالانت، الذي أقاله نتنياهو من منصب وزير الدفاع قبل شهرين، لم يعلن استقالته من حزب “الليكود”.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن غالانت قوله لمقربين منه: “طريق الليكود هو طريقي، وأنا أؤمن بمبادئه وأثق في طرقه وناخبي حركة الليكود”.
وقال غالانت في رسالة مصورة إلى الإسرائيليين: “هذه محطة في رحلة أطول لم تكتمل بعد. وكما هو الحال في ساحة المعركة، كذلك الخدمة العامة: هناك لحظات يتعين عليك فيها التوقف لتقييم الوضع واختيار اتجاه العمل”.
وأعلن غالانت أن أحد أسباب استقالته من عضوية الكنيست هو دفع الحكومة باتجاه المصادقة على مشروع قانون يسمح بإعفاء متدينين يهود من الخدمة العسكرية في خطوة تستهدف إرضاء نتنياهو لحزبي “شاس” و”يهدوت هتوراه” الدينيين العضوين في الحكومة.
وقد كانت معارضة غالانت هذه أحد الأسباب الرئيسية التي دعت نتنياهو لإقالته من منصبه وزيرا للدفاع واستبداله بوزير الخارجية يسرائيل كاتس المعروف بولائه المطلق لنتنياهو.
وقال غالانت إنه “في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما.. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء (نتنياهو) ووزير الدفاع (يسرائيل كاتس) تقوم بتسريع قانون التجنيد الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل.. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكا في ذلك”.
وأضاف أنه: “في هذه الأيام وفي المستقبل المنظور، يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى كل جندي وجندية، سيُطلب من المجندين الخدمة لفترة أطول وبجهد أكبر وسيقاتلون بينما يخاطرون بحياتهم في مختلف القطاعات. وسيتم أيضًا استدعاء جنود الاحتياط إلى خدمة طويلة جدًا تنطوي على مخاطر شخصية وأضرار على الأسرة ومصدر العيش”.
واعتبر غالانت أن الوقت قد حان “لأخذ استراحة من الحياة السياسية”.
وكان “الليكود” يعتزم التحرك من أجل إقالة غالانت من عضوية الكنيست قبل أن يقدم هو على تقديم الاستقالة.
وفي الشهرين الماضيين، بالكاد وصل غالانت إلى التصويت في الكنيست، ولم يحسبه الليكود جزءا من تصويتاته.
ردود فعل
وردا على استقالة غالانت، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد على منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي: “لقد قال غالانت الحقيقة البسيطة اليوم: لقد تم فصله لتمرير قانون التهرب (من الخدمة العسكرية) والرفض المشين الذي يعد خيانة لجنودنا القتلى والجرحى”.
أما زعيم حزب “معسكر الدولة” المعارض والوزير السابق بيني غانتس فقال على منصة “إكس” مخاطبا غالانت: “يوآف، أنت رجل شجاع، فمك وقلبك متساويان. لقد قمت بعمل مهم من أجل أمن إسرائيل، منذ اليوم الأول في منصبك وحتى اللحظة الأخيرة. إن شعب إسرائيل بأكمله مدين لك بالشكر الجزيل، بالإضافة إلى المسؤولية التي تحملتها في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023”.
وأضاف غانتس: “طالما أن الحكومة لم تذهب إلى الانتخابات لتجديد ثقة الشعب، يجب عليكم إظهار نفس الشجاعة التي أظهرتموها دائما، والبقاء في الكنيست، والتصرف وفقا لما يمليه عليكم ضميركم. لا تعطي إصبع آخر لإقرار قانون التهرب (من الخدمة العسكرية) في زمن الحرب”.
وبدوره، قال زعيم حزب “الديمقراطيون” المعارض والنائب الأسبق لرئيس أركان الجيش يائير غولان على منصة “إكس”: “إن استقالة غالانت الليلة هي دليل آخر على التدني الأخلاقي والهاوية الوظيفية التي تعمل الحكومة الافتراضية على تدهور إسرائيل إليها”.
وأضاف غولان: “لو كان هناك أناس أكثر نزاهة في الليكود لكانوا هم أيضا قد تركوا حزب الفساد وعبادة القائد.. تفكك الحكومة قريب وهذا أمر جيد”.
مقرب من واشنطن
وغالانت هو من القادة الإسرائيليين المقربين من واشنطن، حيث أعربت الإدارة الأمريكية عن معارضتها لقرار نتنياهو قبل شهرين إقالته من وزار الدفاع.
وبرغم إقالته من منصبه فقد استقبله الشهر الماضي وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في البنتاغون، فيما استقبله المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي بريت ماكغورك في البيت الأبيض.
كما التقى غالانت بنواب من الحزبين الديمقراطي والجمهوري على رأسهم ليندسي غراهام الذي يعتبر من المقربين من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
مذكرة الاعتقال تطارده
وقد تكون استقالة غالانت من عضوية الكنيست مريحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، إلا أنهما مع ذلك يبقيان مطاردان بمذكرتي الاعتقال الصادرتين عن المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في غزة.
فرغم إقالته من منصبه كوزير للدفاع واستقالته من عضوية الكنيست فإن مذكرة الاعتقال بحق غالانت ما زالت قائمة.
وكانت مذكرة الاعتقال قد صدرت رسميا يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ففي ذلك اليوم أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق كل من نتنياهو وغالانت والقائد في حركة حماس محمد دياب إبراهيم المصري (المعروف باسم محمد الضيف) بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
وقالت دائرة المحكمة في بيانين إن مذكرات الاعتقال تُصنف على أنها “سرية”، لحماية الشهود وضمان سير التحقيقات، ومع ذلك، قررت إصدار المعلومات الواردة في بيانها “لأن السلوك المماثل للسلوك الذي تناولته مذكرة الاعتقال يبدو أنه مستمر”.
وأضافت أنها ترى أنه من مصلحة الضحايا وأسرهم أن يتم إعلامهم بوجود مذكرات الاعتقال.
واعتبرت المحكمة أن السلوك المزعوم لنتنياهو وغالانت يقع ضمن اختصاص المحكمة.
وأشارت إلى أنها قررت بالفعل أن اختصاص المحكمة في هذا الوضع يمتد إلى غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
وفيما يتعلق بالجرائم، وجدت الدائرة أسبابا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل وقت السلوك المعني، وغالانت وزير دفاع إسرائيل وقت السلوك المزعوم، يتحمل كل منهما المسؤولية الجنائية عن الجرائم التالية باعتبارهما مشاركين في ارتكاب الأفعال بالاشتراك مع آخرين: جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية.
ووجدت الدائرة أسبابا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية باعتبارهما مسؤولين مدنيين عن جريمة الحرب المتمثلة في توجيه هجوم متعمد ضد السكان المدنيين.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز