«غموض استراتيجي».. «دليل» ترامب لـ«ترويض» إسرائيل
هل تعني عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض منح إسرائيل حرية أكبر في الشرق الأوسط؟ سؤال أعرب البعض عن اعتقاده بصوابه، إلا أن الواقع قد
هل تعني عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض منح إسرائيل حرية أكبر في الشرق الأوسط؟ سؤال أعرب البعض عن اعتقاده بصوابه، إلا أن الواقع قد يثبت أنه «خاطئ تماما».
فبحسب موقع «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكي، فإنه من الواضح أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لا يستطيع أن يتحمل تحدي الحلفاء بالطريقة التي تحدت بها إسرائيل الرئيس الحالي جو بايدن في مسألة وقف إطلاق النار في غزة.
وأشار إلى أن إحباط تل أبيب لخطط ترامب الطموحة لإحلال السلام في الشرق الأوسط، قد يدفعه لمحاولة السيطرة على إسرائيل، لكن السؤال: كيف يمكن أن يفعل الرئيس الأمريكي المنتخب ذلك؟
وأوضح التقرير، أن الإجابة تكمن في تغيير هيكل التحالف الأمريكي الإسرائيلي عن طريق جعله أكثر غموضًا، حيث إن التحالف الغامض استراتيجيًا سيفيد كلا من تل أبيب وواشنطن، ومن شأنه أن يضمن الدفاعات الإسرائيلية ضد الأعداء الإقليميين، ويخفف من حدة المغامرة الإسرائيلية، ويوفر الأساس لتوسيع اتفاقيات إبراهيم، الأمر الذي يحرص عليه ترامب.
وتكمن الظاهرة التي يطلق عليها علماء السياسة «الخطر الأخلاقي» في قلب المشكلات التي من المؤكد أن ترامب سيواجهها مع إسرائيل مثلما حدث مع بايدن.
ويميل الخطر الأخلاقي إلى الظهور عندما تقدم قوة عظمى تعهدًا أمنيًا قويًا لحليف يائس من إصلاح مشكلاته الأمنية و/أو تغيير النظام الأمني السائد.
ويوفر دعم القوة العظمى للحليف حماية من عواقب أفعاله، مما يجعله أكثر تقبلاً للمخاطر وأقل استجابة لمطالب تلك القوة العظمى الملزمة بإنقاذ الحليف، إلا أنها تجد أن تكاليف أمنها ترتفع إلى مستويات غير مستدامة.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترك الخطر الأخلاقي واشنطن تحت رحمة حليفتها إسرائيل وبدعم من التزام واشنطن الأمني “الصارم” تجاه تل أبيب والإمدادات الضخمة من الأسلحة الأمريكية، يتباهى القادة الإسرائيليون علانية بالتلاعب بالولايات المتحدة.
وفي يوليو/تموز الماضي، قال نتنياهو بثقة: “الولايات المتحدة تدعمنا”. واستنادا إلى ذلك، تجاهلت إسرائيل إلى حد كبير واشنطن مما أدى إلى تقويض الجهود الرامية إلى إحلال السلام الذي يريد ترامب رؤيته في الشرق الأوسط.
ووفقا لأحد الخبراء، فإن إسرائيل تخبر الولايات المتحدة بأن الحرب في غزة ستنتهي “بشروطنا وجدولنا الزمني.. وليس بشروطكم”.
وفي أوائل يوليو/تموز الماضي، ضغط بايدن على نتنياهو للتفاوض وبدلاً من ذلك، شددت تل أبيب شروطها التفاوضية، وشنت غارات جوية في لبنان وغزة، واغتالت الزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية.
وتكرر الأمر في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، حيث دفع بايدن تجاه وقف إطلاق النار وهو ما رفضته إسرائيل التي وسعت الحرب من خلال تفجيرات البيجر في لبنان واغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
وشبه أحد المسؤولين الأمريكيين الحصول على تعاون إسرائيلي بأنه “مثل اقتلاع الأسنان”.
خطر أخلاقي
وكان ثمن الخطر الأخلاقي الإسرائيلي باهظا فمنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أنفقت الولايات المتحدة 26 مليار دولار للدفاع عن إسرائيل، وتزايدت الضغوط على مخزونات الأسلحة الأمريكية بسبب مستويات تاريخية من الشحنات إلى إسرائيل كما قُتل 3 من أفراد الخدمة الأمريكية وأصيب 183 آخرون.
ولقد شجعت المكاسب ضد حماس وحزب الله وإيران، إسرائيل بطرق قد تؤدي إلى إفشال خطط ترامب لتهدئة الصراعات الإقليمية وخفض تكاليف الأمن الأمريكية.
ويبدو أن انتخاب ترامب قد يجعل الخطر الأخلاقي الإسرائيلي أسوأ، وليس أفضل. ويتوقع القادة الإسرائيليون أن “يدعم ترامب بلادهم دون قيد أو شرط”، ما يعززه ميل المعينين من قِبَل ترامب إلى تأييد تل أبيب.
ورغم تصريح ترامب بأنه يريد وقف إطلاق النار في غزة قبل تنصيبه، فقد ساعدت إسرائيل في قتل محادثات وقف إطلاق النار بعد انتخاب الرئيس الأمريكي مباشرة، ويبدو أن موقفها لم يتغير إلى حد كبير.
وبالمثل، فإن سيطرة إسرائيل على أجزاء من سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد «يكذب رغبات ترامب المعلنة في أن يعمل السوريون على تحديد مستقبلهم بمفردهم، دون تدخل خارجي»، بحسب الموقع الأمريكي.
وأشار إلى أنه إذا ظلت المخاطر الأخلاقية تمثل مشكلة في المستقبل، فسيتعين على ترامب أن يفعل ما لم يفعله بايدن؛ بسبب «افتقاره إلى البصيرة أو الشجاعة»، مؤكدًا أنه يتعين على الرئيس المنتخب أن يضيف غموضا استراتيجيا إلى الشراكة مع إسرائيل.
هذا الغموض سيبدأ من خلال تغيير الالتزام “الصارم” تجاه إسرائيل، وبدلا من ذلك إعلان الولايات المتحدة احتفاظها “بحقها”، في الدفاع عن إسرائيل حسب اختيار واشنطن على أساس كل حالة على حدة، مثلما فعلت مع تايوان.
ومثل تايوان أيضا يمكن لترامب، أن يقلص إمدادات المعدات العسكرية الهجومية إلى إسرائيل ويرسل بدلا من ذلك إمدادات دفاعية.
سحب تدريجي؟
وقد يساعد السحب التدريجي للقوات الأمريكية التي تم إرسالها لحماية إسرائيل، في الإشارة إلى الغموض أيضا.
ورغم أن البعض قد يسمي ذلك تخليا عن إسرائيل، إلا أن الأمر ليس على هذا النحو؛ فالولايات المتحدة لم تتخل عن تايوان رغم اتباع سياسة الغموض الاستراتيجي.
وسيساعد الغموض في الحد من المخاطر الأخلاقية مثلما حدث في الماضي مع تايوان من خلال جعل إسرائيل تتحمل، أو تعتقد أنها ستتحمل، المزيد من تكاليف أمنها.
وبالتالي، ستحتاج إسرائيل إلى التعامل مع الدبلوماسية بجدية أكبر، وهو ما يمنح ترامب المزيد من النفوذ لتهدئة الصراع وتحويل الانتباه بعيدًا عن الشرق الأوسط في ظل وجود مشكلات أكبر في أماكن أخرى في آسيا.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز