اخبار لايف

«فيدرالية» و«مليار» دولار.. ماذا تريد إسرائيل من دروز سوريا؟


عبر الضربات الجوية والضغوط السياسية، تسعى إسرائيل إلى تأسيس واقع في سوريا، لا يمثل تهديدا لها، وسط رفض قاطع من دمشق لهذه المحاولات.

ووفق صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، تستهدف إسرائيل المزيد من مناطق جنوب سوريا، وتضغط على القوى العالمية لإبقاء الحكومة المركزية في دمشق ضعيفة. 

الصحيفة قالت إن إسرائيل تحاول تحييد ما يعتبره مسؤولوها الأمنيون تهديدًا، “ويتمثل في الإسلاميين المدعومين من تركيا الذين يحاولون توحيد سوريا”.

في الأيام الأخيرة، استهدف الجيش الإسرائيلي المزيد من المواقع العسكرية في مناطق جديدة في جنوب سوريا لإبعاد الأسلحة عن أيدي الحكومة الجديدة.

وقالت إسرائيل، يوم الثلاثاء، إنها ستنفق أكثر من مليار دولار لمساعدة الدروز في شمال إسرائيل، فيما قال محللون أمنيون إنها خطوة لإقناع الأقلية الدرزية بالمساعدة في إقناع الدروز السوريين برفض الحكومة الجديدة، وفق الصحيفة. 

وتضغط إسرائيل على القوى العالمية فيما يتعلق بفكرة جعل الدولة الجديدة الناشئة في سوريا، نظاماً فيدرالياً يضم مناطق للحكم الذاتي العرقي، مع جعل المناطق الحدودية الجنوبية من منزوعة السلاح، وهي فكرة رفضتها حكومة دمشق.

“نزع السلاح”

والأسبوع الماضي، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ”نزع السلاح من جنوب سوريا“. وأعلن أن قوات القيادة السورية، التي كانت متحالفة في السابق مع تنظيم القاعدة، لن يُسمح لها بالتواجد في المنطقة.

وجاء تمويل الدروز بعد أن هددت إسرائيل بالقيام بعمل عسكري لحماية الأقلية الدرزية في سوريا مع اندلاع التوترات خلال عطلة نهاية الأسبوع بين بعض الدروز وقوات الأمن الحكومية في إحدى ضواحي دمشق.

وقال نتنياهو، السبت الماضي: ”لن نسمح للنظام الجديد في سوريا بإلحاق الأذى بالدروز“.

وفي حين تسعى إسرائيل على الفور إلى حماية حدودها وإنشاء منطقة عازلة، إلا أن تصرفاتها تمهد الطريق لرؤية إسرائيلية حول إنشاء سوريا فيدرالية مع منطقة حكم ذاتي يسيطر عليها الدروز على طول حدودها.

نظام فيدرالي

في مثل هذا السيناريو، ستصبح سوريا اتحادًا من الولايات، معظمها مستقل عن حكومة مركزية ضعيفة، مع مزيد من السلطة في أيدي السكان المحليين، خاصة في المناطق القريبة من حدود إسرائيل.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في 24 فبراير/شباط: ”لا يمكن لسوريا المستقرة إلا أن تكون سوريا فيدرالية تضم مختلف أشكال الحكم الذاتي وتحترم أساليب الحياة المختلفة”.

لكن رؤية إسرائيل تخاطر بإبقاء سوريا ضعيفة ومقسمة، وفق الصحيفة، فيما يقول بعض المحللين إنها قد تأتي بنتائج عكسية. 

في هذا السياق، قال دانيال شابيرو، السفير الأمريكي الأسبق لدى إسرائيل، لـ”وول ستريت جورنال”: ”لإسرائيل مصلحة مشروعة في ضمان عدم صدور تهديدات ضدها من سوريا. لكن لها مصلحة أيضاً، كما للولايات المتحدة، في أن ترى ما إذا كان من الممكن بناء عملية انتقالية مستقرة في سوريا”.

وأضاف: ”إذا استمر الجيش الإسرائيلي في السيطرة على الأراضي السورية والتدخل بقوة، فلا مفر من أن تصبح إسرائيل قضية قوية في السياسة الداخلية السورية“.

ومن غير المرجح أن تقبل القيادة الجديدة في سوريا بنظام فيدرالي قوي، لكن إسرائيل مع ذلك مضت قدماً في هذا الاتجاه.

وفي الأشهر الثلاثة التي تلت سقوط نظام بشار الأسد، استهدفت إسرائيل، البنية التحتية العسكرية لمنع وقوع الأسلحة في أيدي القادة الجدد، مما أضعف قدرات الإدارة الجديدة عسكريا.

الشرع يندد

وندد الرئيس السوري، أحمد الشرع، في كلمة ألقاها يوم الثلاثاء في القمة العربية في القاهرة، بالممارسات الإسرائيلية الأخيرة داخل سوريا.

ومضى قائلا: ”منذ احتلال إسرائيل للجولان السوري في عام 1967، لم تتوقف عن انتهاك حقوق شعبنا“. 

كما أن إسرائيل قلقة بشكل خاص من الدور الذي تلعبه تركيا في سوريا، حيث إنها لأول مرة تجد نفوذ منافسها الجيوسياسي الرئيسي في المنطقة على عتبة بابها.

فتركيا حليف للولايات المتحدة وعضو في حلف شمال الأطلسي، لكن العلاقات الإسرائيلية التركية متوترة منذ فترة طويلة، خاصة منذ الحرب في غزة.

ولمواجهة تركيا، تأمل إسرائيل أيضًا في أن تستعيد روسيا موطئ قدم لها في سوريا بعد أن تخلت عن قواعدها خلال مرحلة سقوط الأسد، بحسب الصحيفة.

وعلى مدى العقد الماضي، شنت إسرائيل مئات الغارات الجوية ضد أصول عسكرية مرتبطة بإيران في سوريا، وكان لديها خط اتصال مفتوح مع روسيا لفك الاشتباك. 

لماذا الدروز؟

وتسعى إسرائيل إلى تعزيز الروابط مع الأقلية الدرزية داخل إسرائيل وفي سوريا. وبالنسبة لإسرائيل، فإن الروابط العائلية والمصالح الأمنية المشتركة مع الدروز تمثل فرصة لإسرائيل للتحالف مع أقلية قوية تعيش بالقرب من حدودها.

وقال أمير أفيفي، وهو مسؤول عسكري كبير سابق يرأس مركز أبحاث ذو توجهات أمنية في إسرائيل: ”لكي تخلق إسرائيل عمقًا استراتيجيًا في سوريا، تحتاج إلى بناء هذا التحالف مع الدروز“.

وتظهر خطط التمويل الأخيرة أن إسرائيل تستثمر في علاقتها مع سكانها الدروز، الذين اشتكوا من معاملة من الدرجة الثانية من قبل الحكومة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمسألة الإسكان وتصاريح البناء. 

ووفق وول ستريت جورنال، أبدى بعض الدروز خوفهم من حكام سوريا الجدد وأعربوا عن دعمهم لإسرائيل، بما في ذلك الدعوة إلى انفصال طائفتهم عن دمشق. 

وعلى الرغم من ذلك، تظاهر كثيرون آخرون في الشوارع في سوريا، منددين بأطماع إسرائيل، في الوقت الذي أعلن فيه زعماء الطائفة تفضيل الوحدة مع سوريا.

في هذا السياق، يشعر بعض قادة المجتمع السوري بالقلق من أن هدف إسرائيل توسعي، ويقولون إن إسرائيل تسيطر اليوم بحكم الأمر الواقع على القنيطرة، وهي واحدة من ثلاث محافظات سورية متاخمة لها، وفق ما نقلته الصحيفة الأمريكية.

بل يعبّر بعض قادة الطائفة الدرزية في سوريا عن قلقهم من أن أهداف إسرائيل الإقليمية طويلة الأمد قد تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في سوريا، وتعمق الانقسامات داخل مجتمعاتها المحلية، مما قد يؤجج الفوضى على طول الحدود الإسرائيلية، وفق ما نقلته الصحيفة الأمريكية.

وقال ليث البلعوس، أحد قادة المليشيات الدرزية البارزين في السويداء بسوريا: ”موقفنا واضح: نحن لا نريد الحرب، ولا نريد أن تصبح سوريا طائفية”.

aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز US

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى