«كروز الفقراء».. كيف غيرت المسيرات شكل الحرب؟
من أوكرانيا مرورًا بالبحر الأحمر إلى إسرائيل، ساحات عدة غيرت فيها الطائرات بدون طيار معادلة القوى، وفرضت تحديات وتهديدات، كان التعامل معها مكلفًا للغاية.
فالهجمات القاتلة على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، والتحرش بالسفن في البحر الأحمر، وتوازن القوى في حرب روسيا ضد أوكرانيا، تشترك جميعها في خيط مشترك خطير، يتمثل في صعود الطائرات بدون طيار الرخيصة.
هذا التطور في الحرب، جاء مدفوعًا بمواد يمكن الوصول إليها وغير مكلفة، مما ساهم في قلب عقود من التخطيط العسكري الأمريكي والإنفاق والهيمنة، بحسب موقع «أكسيوس» الأمريكي.
تهديدات معقدة
وقال نائب وزير الدفاع للجيش الأمريكي غابي كاماريلو: «إن التهديد معقد، وهو موجود في كل مكان، ويغير بالفعل شكل ساحة المعركة.
وبحسب «أكسيوس»، فإن الطائرات بدون طيار غيرت شكل الحرب بالفعل؛ ففي أوكرانيا، تمتلئ السماء بأنظمة جوية بدون طيار يمكنها توجيه القصف أو العمل كقنابل، مشيرًا إلى أن القوات الأوكرانية سحبت دبابات أبرامز المقدمة من الولايات المتحدة من الخطوط الأمامية بسبب تهديد المسيرات.
الأمر نفسه تكرر في الصراع الإيراني الإسرائيلي؛ فطهران استخدمت سلسلة الطائرات بدون طيار (شاهد) في قصفها لإسرائيل في أبريل/نيسان الماضي، بحسب الموقع الأمريكي، الذي قال إن ذلك الهجوم استخدم فيه أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ.
وفي ساحة ثالثة، عبرت طائرات بدون طيار كورية شمالية الحدود وهددت عاصمة كوريا الجنوبية، فيما تعهدت سول بتعزيز الإجراءات المضادة، وأنشأت قيادة مركزية للطائرات بدون طيار.
البحر الأحمر كان ساحة رابعة استخدمت فيها المسيرات؛ فالمليشيات الحوثية تطلق طائرات بدون طيار مفخخة لتوسيع نطاق وصولها إلى المياه قبالة اليمن، فيما ترد الولايات المتحدة وحلفاؤها على تلك الهجمات بذخائر باهظة الثمن.
الأمر لم يكن بعيدًا عن السودان، التي عملت الطائرات بدون طيار المقدمة من الخارج، بما في ذلك طائرات «مهاجر»، على «تأجيج» الحرب في البلد الأفريقي.
فكيف غيرت الطائرات بدون طيار ساحة الحرب؟
يقول «أكسيوس»، إن الأنظمة غير المأهولة تتراوح من تلك التي تشبه الألعاب والتي يتم إنتاجها بكميات كبيرة إلى الأنظمة عالية التقنية والباهظة الثمن، ويمكن استخدامها للمراقبة ونقل المعلومات والخداع والهجوم، مع إبقاء مستخدمها، بعيدًا عن الأذى.
وبحسب الموقع الأمريكي، فإن الطائرات بدون طيار قد تصل تكلفتها إلى قرابة 500 دولار، مشيرًا إلى أنها مجهزة بمكونات رخيصة الثمن، ويمكنها تدمير أهداف أكبر بكثير، مثل الدبابات.
وأشار إلى أن «إيران تقوم بتسليح بعض المليشيات التابعة لها، إضافة إلى المقاتلات الروسية البعيدة بطائرات بدون طيار، شبهها أحد الخبراء بصاروخ كروز الرجل الفقير»، مؤكدًا أنها قادرة على «شل الحركة على الأرض واستنفاد الدفاعات الجوية».
وقال سيث فرانتزمان، زميل مساعد في مؤسسة الدفاع: «إن الأنظمة الأكثر تكلفة وتعقيدًا، مثل طائرات جلوبال هوك الأمريكية أو طائرات ريبر بدون طيار، لم تعد هي أنواع [المركبات الجوية بدون طيار] التي يتم الحصول عليها بأعداد كبيرة».
بدوره، أكد صامويل بينديت، الخبير في مركز الأمن الأمريكي الجديد ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن استخدام الطائرات بدون طيار التجارية بلغ ذروته في سوريا، وقد تأكد إمكانية مشاركتها بشكل أكبر من خلال القتال في ناغورنو كاراباخ.
وقال بينديت: «يتمتع الجيش الأمريكي بريادة تكنولوجية غير مسبوقة. لكن الدول الأخرى تتحرك بسرعة كبيرة، فيما يتعلق بتبني القدرات التكتيكية، التي تتفوق الآن بمراحل على أي شيء يمتلكه حلف شمال الأطلسي أو حتى الولايات المتحدة».
وتابع: «يدعي الروس رسميًا أنهم والأوكرانيين يتقدمون على العالم بأسره عندما يتعلق الأمر بتطبيق الطائرات بدون طيار التكتيكية، وFPVs، والمروحيات الرباعية».
كيف تتعامل أمريكا مع ذلك التحدي؟
بحلول عام 2025، تخطط وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لنشر الآلاف من الطائرات والمركبات البحرية المسيرة، وربما الأرضية، لمواجهة المخزونات الضخمة في الصين، في عرض للقوة قد يتكلف مليار دولار.
وتعاقدت القوات الجوية في أبريل/نيسان مع شركة Anduril Industries وشركة General Atomics Aeronautical Systems Inc. لبناء أجنحة روبوتية، أو ما يسمى بالطائرات المقاتلة التعاونية.
بدروه، قال براندون تسينغ عضو سابق في القوات البحرية الأمريكية، إنه «قبل عام 2001، كانت الولايات المتحدة تعتمد على منصات باهظة الثمن ومأهولة. الطائرات المقاتلة والمروحيات، سمها ما شئت. ثم من عام 2001 إلى عام 2020، تعلمنا القتال بالطائرات بدون طيار».
وتابع: «ثم من عام 2020 إلى الآن، وعلى مدى السنوات العشرين المقبلة، نتجه نحو عالم من الطائرات بدون طيار الذكية وبأسعار معقولة».
aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA= جزيرة ام اند امز