اخبار لايف

ماكرون ينتزع «توهجه» من قلب الفوضى رغم «هزائم» الداخل


يعود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الواجهة السياسية العالمية بقوة، بعد تحديات داخلية كبيرة هددت نفوذه السياسي.

ورغم الأزمة البرلمانية التي أضعفته في الداخل، نجح ماكرون في تحويل تركيزه نحو السياسة الخارجية، حيث بات لاعبًا رئيسيًا في إعادة تشكيل سياسة الدفاع الأوروبي وتعزيز مكانة فرنسا على الساحة الدولية، بحسب وكالة “أسوشيتدبرس”.

وعمل ماكرون على تحسين علاقاته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أجل قيادة الجهود الأوروبية لدعم أوكرانيا، لإثبات أن فرنسا لا تزال قوة لا يُستهان بها.

قوة عالمية رئيسية

ويعد ماكرون، البالغ من العمر 47 عامًا، واحدًا من القادة القلائل الذين عرفوا ترامب خلال ولايته الأولى، وحافظ على علاقة ودية رغم الخلافات الاستراتيجية، مثل الموقف من حلف الناتو والتجارة الدولية وتغير المناخ، حيث يصف كلاهما هذه العلاقة بـ”الصداقة”.

وكان ماكرون أول زعيم أوروبي يزور ترامب بعد إعادة انتخابه، في محاولة لإقناعه بعدم التخلي عن أوكرانيا لصالح صفقة سلام مع روسيا.

وعلى المستوى الأوروبي، تُعد سياسات الولايات المتحدة المتغيرة دفعة كبيرة لرؤى ماكرون. فمنذ انتخابه عام 2017، دعا إلى أوروبا أقوى وأكثر سيادة، وطالب بسياسة دفاعية أوروبية مشتركة، مع تعزيز التعاون العسكري والمبادرات الدفاعية المشتركة.

وفي خطاب له بجامعة السوربون في العام نفسه، أكد على الحاجة إلى جيش أوروبي موحد، لكنه انتقد لاحقًا حلف الناتو واصفًا إياه بأنه في “حالة موت دماغي”، مشددًا على أهمية تحول الاتحاد الأوروبي إلى قوة استراتيجية عالمية.

القوة النووية الفرنسية

في إعلان قوي الأسبوع الماضي، كشف ماكرون عن استعداده لمناقشة توسيع الردع النووي الفرنسي ليشمل شركاء أوروبيين من أجل حماية القارة.

ويعود امتلاك فرنسا لقوة نووية مستقلة إلى سياسة الجنرال شارل ديغول، الذي سعى للحفاظ على استقلال فرنسا عن الولايات المتحدة وتعزيز دورها كقوة عالمية، من خلال تطوير ترسانة نووية مستقلة.

وقد رحبت بولندا ودول البلطيق بالمقترح الفرنسي. وقال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي بنجامين حداد إن تحركات ماكرون تهدف إلى ضمان أن “الأوروبيين ليسوا مجرد متفرجين، بل لاعبين في هذا العالم المتغير”.

ويبدو أن بعض القوى الرئيسية تدعم نهج ماكرون. فقد سعى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي تولى منصبه منذ ثمانية أشهر، إلى تعزيز التعاون الدفاعي مع أوروبا، في إطار إعادة ضبط العلاقات بين لندن وبروكسل بعد توترات “البريكست”.

ويقود ماكرون وستارمر الآن جهودًا دبلوماسية لإنقاذ أوكرانيا، عبر خطة سلام تضع كييف في صلبها، تشمل احتمال إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا لتطبيق أي اتفاق سلام محتمل.

أما في ألمانيا، فقد أكد زعيم الحزب المحافظ الفائز في الانتخابات، فريدريش ميرتس، أن أولوية بلاده ستكون “تعزيز أوروبا في أسرع وقت ممكن” والتحرك تدريجيًا نحو “الاستقلال الحقيقي” عن الولايات المتحدة.

بعد فوزه بثلاثة أيام فقط، توجه ميرتس إلى باريس لعشاء عمل مع ماكرون، حيث ناقشا التعاون الدفاعي الأوروبي، بما في ذلك مسألة “المشاركة النووية” مع فرنسا.

انتقادات روسية

من جانبها، اتهمت وزارة الخارجية الروسية ماكرون بالقيام بـ”استعراض عسكري مدفوع بأجندة داخلية”، زاعمة أنه يحاول إلهاء الشعب الفرنسي عن مشاكله الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة.

كما سخرت موسكو من عرض ماكرون حول الردع النووي، واصفة إياه بأنه “مواجهة متطرفة”، متهمة باريس بالسعي إلى أن تصبح الحامية النووية لأوروبا، رغم أن قوتها النووية أصغر بكثير من نظيرتها الأمريكية.

وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى ماكرون بطريقة ساخرة، قائلاً إن “البعض يريد العودة إلى عصر نابليون، ناسين كيف انتهى الأمر” – في إشارة إلى فشل غزو نابليون لروسيا عام 1812.

ورد ماكرون بوصف بوتين بـ”الإمبريالي”.

انتقادات داخلية

في الداخل الفرنسي، تعرض ماكرون لانتقادات من المعارضة، فوصف نائب رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، سيباستيان شينو، ماكرون بأنه شخصية “مزاجية ومتقلبة”، مما أثر سلبًا على الدبلوماسية الفرنسية.

أما ماتيلد بانو، رئيسة مجموعة فرنسا الأبية اليسارية في البرلمان، فقد أعربت عن قلقها بشأن قرارات ماكرون المنفردة، قائلة: “الوضع خطير جدًا، والرئيس ضعيف جدًا ليتخذ هذه القرارات بمفرده… لا نريد مجرد استشارتنا، بل يجب أن يكون القرار بيد البرلمان.”

aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA==

جزيرة ام اند امز

US

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى