من المغول إلى شباب اليابان.. أصل «كاميكازي» الحروب الحديثة
الحروب والتضحيات وجهان لعملة واحدة؛ إن كتبت قصة الأولى فحتما ستحمل فصولا من الثانية، وفصل الـ”كاميكازي” في اليابان لا يمكن إغفاله.
وكاميكازي مصطلح كثر استخدامه في الأشهر الماضية، مع ذروة الحرب في أوكرانيا، وظهور مسيرات تحمل هذا المصطلح، تنفذ هجمات انتحارية لمرة واحدة؛ تضرب هدفها وتتحطم.
وهذا الاستخدام يلامس أصل المصطلح، إذ أطلق على أي طيار ياباني قاد طائرة انتحارية في الحرب العالمية الثانية وارتطم بأهداف الخصم، والتي كانت عادة سفنا. كما يشير المصطلح تاريخيا أيضًا إلى الطائرة المستخدمة في مثل هذه الهجمات.
كما عرف الكاميكازي في الحرب العالمية الثانية أيضًا باسم “توكو”، ويعني طياري “الهجوم الخاص” باليابانية.
وانتشرت هذه العمليات الانتحارية بكثرة، بداية من معركة خليج ليتي في أكتوبر/تشرين الأول 1944، حتى نهاية الحرب العالمية الثانية في مايو/أيار 1945.
وطبق الأدميرال تاكيجيرو أونيشي هذا التكتيك الانتحاري على السفن الحربية الأمريكية كمحاولة أخيرة لحماية اليابان من الأسطول الأمريكي، وفقًا للأرشيف العسكري الأمريكي.
وأشارت بيانات متحفي قاعدة كانويا الجوية وشيران للسلام -وكلاهما يقع في جزيرة كيوشو اليابانية- إلى موت 1036 شابا في مهام انتحارية، وفقًا لشبكة “سي إن إن” الأمريكية.
وكانت معظم طائرات “الكاميكازي” مقاتلات عادية أو خفيفة، وعادة ما تكون محملة بالقنابل وخزانات البنزين قبل أن يتم إطلاقها جواً لتصطدم بأهدافها.
وتراوحت أعمار الطيارين من 17 إلى 19 عامًا وكانوا جميعًا يُطلق عليهم اسم الطيارين الشباب، وهم شباب انضموا إلى فيلق تدريب القوات الجوية في سن 14 عامًا، قبل إنشاء وحدات الكاميكازي.
ووفقا للشبكة الأمريكية، ذكر كتاب “عقل الكاميكازي” أنه “على الأرجح أن هؤلاء الشبان لم يعرفوا أنهم سيصبحون طيارين انتحاريين”.
واستطرد الكتاب: “ومع ذلك، بمجرد أن عرفوا مصيرهم، لم يترددوا في قبول واجبهم”، مضيفًا: “لقد اعتقدوا أن الأمر يستحق الموت من أجل وطنهم ومن أجل عائلاتهم”.
وكان أصغر طيار انتحاري هو ياسو تاناكا، الذي كان يبلغ من العمر 16 عامًا فقط، وطار بطائرة أوكا، وهي في الأساس قنبلة بأجنحة، وتُوفي في 11 مايو/أيار 1945، وفقا لـ”سي إن إن”.
وقال مسؤول بمتحف تشيران، إنهم لم يحصلوا على الرسالة الأخيرة للمراهق، لكن رسائل الشباب الانتحاريين الآخرين تظهر شجاعة كبيرة.
على سبيل المثال، كتب توراو كاتو، الملازم الثاني البالغ من العمر 18 عامًا: “عزيزتي أمي، من فضلك عيشي حياة طويلة مليئة بالحيوية”.
وكان أكبر انتحاري يبلغ من العمر 32 عامًا، وهو المقدم يوشيو إتسوي، قائد الوحدة الذي قاد الرحلات الجوية الأولى من قاعدة تشيران الجوية في الأول من أبريل/نيسان عام 1945.
وترك إتسوي وراءه زوجة وثلاثة أطفال صغار، من بينهم رضيع، ويتضمن كتاب “عقل الكاميكازي” من متحف شيران، رسالة إيتسوي الأخيرة إلى الرضيع، التي يتم عرضها في المتحف.
وكتب إيتسوي: “اعمل بجد، وأرجو أن تكبر لتصبح رجلاً يابانيًا ممتازًا وابنًا للإمبراطور”.
وإجمالا، أغرقت هجمات كاميكازي 34 سفينة وألحقت أضرارًا بمئات السفن الأخرى خلال الحرب. وفي أوكيناوا، تسببوا في أكبر الخسائر التي تكبدتها البحرية الأمريكية على الإطلاق في معركة واحدة، ما أسفر عن مقتل ما يقرب من 5000 رجل.
وتاريخيا، تعني كلمة كاميكازي “الريح الإلهية”، في إشارة إلى حدثين في 1274 و1281، حين دمر اثنان من الأعاصير الضخمة (الأعاصير المدارية) الأسطول المغولي الذي حاول غزو اليابان في العامين.
ودمرت العواصف معظم السفن المغولية وتشتت البقية، ما أجبر المهاجمين على التخلي عن خططهم وإنقاذ اليابان بالصدفة من الغزو الأجنبي.
وأرسل الأسطولين قوبلاي خان، حفيد جنكيز خان، وضم الأول الذي هاجم اليابان في خريف عام 1274 نحو 30.000 إلى 40.000 رجل (معظمهم من العرق الصيني والكوري، باستثناء الضباط المنغوليين)، وما يُقدر بنحو 500 إلى 900 سفينة.
وضرب الإعصار الأسطول بينما كانت السفن راسية في خليج هاكاتا، باليابان، ما أدى إلى غرق نحو ثلثها، في حين كانت بقية السفن تعود إلى بلادها؛ تشير التقديرات إلى أن 13000 رجل غرقوا.
وكان الأسطول المغولي الثاني أكبر بكثير، ويتكون من قوتين منفصلتين، واحدة تنطلق من ماسان (كوريا) والأخرى تبحر من جنوب الصين، بقوة مشتركة قوامها 4400 سفينة ونحو 140 ألف جندي وبحار.
والتحمت القوتان بالقرب من خليج هاكاتا، مرة أخرى في 12 أغسطس/آب 1281. وفي 15 أغسطس/آب، في حين كانوا على وشك مهاجمة القوات اليابانية الأصغر بكثير، ضرب المنطقة إعصار هائل، ما أدى إلى تدمير الأسطول المغولي وإحباط محاولة الغزو مرة الثانية.
aXA6IDE5Mi4yNTAuMjM5LjExMCA=
جزيرة ام اند امز