نائبة البعثة الدبلوماسية الإماراتية في واشنطن تكشف لـ«العين الإخبارية» أبعاد الشراكة بين الإمارات وأمريكا
من المناخ إلى الذكاء الاصطناعي
في ظلّ تحديات عالمية متشعبة، من نمو قدرات الذكاء الاصطناعي ومواجهة التغيرات المناخية، تبرز الشراكة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة كقوة دافعة لتعزيز الاستقرار العالمي.
تُساهم هذه العلاقات الثنائية في توطيد التعاون الدولي، حيث يسعى البلدان إلى تحقيق الأمن الغذائي، وتسريع تحول الطاقة النظيفة، وتعزيز الابتكار التكنولوجي.
«العين الإخبارية» أجرت حواراً مع نائبة رئيس بعثة دولة الإمارات في واشنطن، السفيرة علياء السويدي، حيث كشفت لنا عن أبعاد الشراكة الاستراتيجية بين واشنطن وأبوظبي ودورها في استشراف مستقبل عالمي أفضل ليس لصالح شعبي البلدين فحسب، بل لصالح العالم أجمع.
وكشفت السويدي، عن أن حجم التجارة غير النفطية بين دولة الإمارات وأمريكا بلغ 40.3 مليار دولار في 2023، وأشارت إلى وجود نحو 1500 شركة أمريكية في دولة الإمارات.
وقالت الدبلوماسية الإمارتية، إن الشراكة التاريخية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة تستشرف مستقبل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
وأضافت أن التعاون بين البلدين، يشمل مجالات جديدة واعدة مثل التعاون الفضائي والمناخي لصالح البشرية في ظل التحديات العالمية الراهنة، وقالت: “تعزز دولة الإمارات والولايات المتحدة التعاون لمستقبل مزدهر لصالح شعبيهما ولصالح العالم”.
وإلى نص الحوار …
في تقديرك، كيف تساهم العلاقات بين دولة الإمارات والولايات المتحدة في تحقيق الاستقرار على مستوى العالم، خاصةً في ظل التحديات الراهنة؟
اتخذت دولة الإمارات خطوات استباقية في مواجهة التحديات العالمية المستقبلية وعلى رأسها التغيرات المناخية. وتجلى التزامها بمصادقة اتفاقية باريس في عام 2016 بكونها من أوائل الدول التي صادقت على هذه الاتفاقية. وتُرجمت جهود دولة الإمارات في مواجهة تحديات التغير المناخي على أرض الواقع، في اكتساب ثقة المجتمع الدولي في استضافة مؤتمر الأطراف COP28 في دبي، وحشد جهود 198 دولة لتحقيق توافق تاريخي بين الدول الأطراف والإعلان عن “اتفاق الإمارات التاريخي” والذي يرسي معايير جديدة للعمل المناخي العالمي.
من منطلق الشراكة الثنائية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة، يقود البلدين الصديقين معاً “مهمة الابتكار الزراعي للمناخ” والذي يُعد تحالفاً دولياً يضم 55 دولة و600 شريك لحشد 17 مليار دولار لتعزيز الأمن الغذائي.
كما أطلق البلدين شراكة لتسريع الطاقة النظيفة (PACE)، والتي ستحشد 100 مليار دولار وتنشر 100 غيغاواط جديدة من الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة ودولة الإمارات والاقتصادات الناشئة في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2035.
مثل هذه الشراكات في هذه المجالات الحيوية تُعد خطوة استباقية لضمان مستقبلٍ مزدهر ليس فقط للبلدين، ولكن للدول المتضررة من مخاطر التغير المناخي وقلة مصادر الطاقة أيضاً. والذي يُعد التزاماً واضحاً من قبل دولة الإمارات للاستقرار العالمي.
أما بالنسبة لقطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؛ تشهد الشراكة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة تعاونًا متزايدًا يعزز الابتكار ويساهم في النمو الاقتصادي لكلا البلدين. يتجلى هذا التعاون من خلال استثمارات استراتيجية مثل استثمار مايكروسوفت بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة G42 الإماراتية، التي تهدف إلى تسريع الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي. كما عززت G42 تعاونها مع Nvidia لتطوير أحد أكبر أجهزة الكمبيوتر الفائقة للذكاء الاصطناعي عالمياً.
في قطاع أشباه الموصلات، استثمرت شركة مبادلة الإماراتية في شركة GlobalFoundries الأمريكية، مما ساعد في إعادة تنشيط الصناعة الحيوية في الولايات المتحدة. هذا بالإضافة إلى التعاون بين G42 Cloud وIBM لتسريع التحول الرقمي في المنطقة.
أيضًا، دخلت G42 في شراكة مع OpenAI لتقديم حلول متقدمة للذكاء الاصطناعي في مجالات مثل الطاقة والرعاية الصحية. من جهة أخرى، تهدف شراكة Global AI Infrastructure Investment Partnership التي تشمل BlackRock وMicrosoft إلى استثمار 100 مليار دولار في بنية تحتية تدعم الذكاء الاصطناعي، مما يعزز القدرة التنافسية الأمريكية في هذا المجال.
ماذا عن العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة؟ وكيف تحولت إلى نموذج يُحتذى؟
إن سوق الولايات المتحدة الأمريكية؛ يُعد أحد أهم الأسواق العالمية التي تهدف دولة الإمارات إلى ضخ الاستثمارات به. إذ أن متانة الاقتصاد الأمريكي وتنوعه يعد عامل جذب. ففي عام 2023، بلغ حجم التجارة الثنائية غير النفطية بين البلدين الصديقين 40.3 مليار دولار أمريكي. وتعد دولة الإمارات أكبر سوق للصادرات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والتي بلغت 24.8 مليار دولار أمريكي في عام 2023. وأيضاً، تتوزع الاستثمارات الإماراتية في كافة الولايات الـ50 للولايات المتحدة والتي ساهمت في خلق أكثر من 166 ألف فرصة وظيفية مباشرة وغير مباشرة في الداخل الأمريكي.
على الجانب الاخر، من المهم أيضأ الإشارة إلى مقدرة السوق الإماراتي ونضوجه لاستقطاب الاستثمارات الأمريكية. إذ تتواجد في دولة الإمارات زهاء الـ1500 شركة أمريكية تتخذ دولة الإمارات مقراً لها. وشهدت دولة الإمارات مؤخراً التوقيع على اتفاقية استثمار من شركة مايكروسوفت في مجموعة جي 42 والتي تجاوزت 1.5 مليار دولار أمريكي والتي تُعد أحد أضخم الاستثمارات في مجال التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي.
هل هناك مشروعات إماراتية محددة في الولايات المتحدة تودين الإشارة إليها كقصص نجاح يمكن أن نشاركها مع قرائنا؟
كما ذكرت لك، تتركز الاستثمارات الإماراتية في العديد من المجالات الحيوية كالعقارات، والطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة والصحة، وكمثال على أحد الأمثلة الناجحة إدراج شركة “جلوبال فاونديرز” في السوق الأمريكي والتي تتخصص في أشباه الموصلات.
كيف ترين أهمية التعاون الفضائي بين دولة الإمارات والولايات المتحدة؟ وما هو الدور الذي قد تلعبه الإمارات في مستقبل استكشاف الفضاء؟ هل من الممكن أن نرى قريباً أول رائد فضاء إماراتي وعربي يهبط على سطح القمر ضمن برامج التعاون الفضائي بين دولة الإمارات والولايات المتحدة؟
بصراحة، التعاون الوثيق بين مختلف الجهات المعنية بشؤون الفضاء في الدولة ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) وغيرها من الكيانات المتصدرة في هذا المجال خلق مثالاً إيجابياً يحتذي به للشراكات الاستراتيجية. إذ أنها في تنامي مستمر منذ نشأتها.
وجاء إعلان مركز محمد بن راشد للفضاء ووكالة “ناسا” عن مساهمة دولة الإمارات في تطوير غرفة معادلة الضغط الخاصة بمحطة الفضاء القمرية “Gateway” دليل ثقة من الرائدين في هذا المجال لتمكن وقدرة دولة الإمارات من تحقيق أعلى مراتب التقدم العملي والتكنولوجي. وستتولى دولة الإمارات تشغيل هذه الغرفة لمدة 15 عام قابلة للتمديد. وتعد المحطة القمرية أول محطة دولية تدور حول القمر مما يعد اختراقاً عليماً يضاف لإنجازات دولة الإمارات المتعددة.
بالإضافة إلى هذا، تهدف دولة الإمارات إلى إطلاق مهمة استكشافية إلى حزام الكويكبات بحلول عام 2028 بالتعاون مع جامعة كولورادو بولدير. وأيضا، تهدف الدولة إلى إرسال أول رائد فضاء إماراتي إلى القمر مستقبلاً بالتعاون مع وكالة “ناسا”. وتشير هذه المشاريع الثنائية إلى أن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين تجاوزت نطاق العلاقات التقليدية وتجلت في نطاق الفضاء.
كانت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، للولايات المتحدة الأمريكية، خلال سبتمبر/أيلول 2024، الأولى من نوعها منذ توليه رئاسة دولة الإمارات، كما جاءت بالتزامن مع مرور أكثر من خمسين عاماً على علاقات الصداقة التاريخية بين واشنطن وأبوظبي. هل يمكن أن تحدثينا قليلاً عن نتائج الزيارة وتطلعينا على أبرز الملفات التي تناولها الرئيسين الإماراتي والأمريكي في البيت الأبيض؟
بالفعل، كانت الزيارة في توقيت بالغ الأهمية للعلاقات الإماراتية-الأمريكية وللمنطقة بشكل عام. إذ كانت الأولى من نوعها للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والأولى لرئيس دولة منذ تأسيس اتحاد دولة الإمارات على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ” طيب الله ثراه”.
في الحقيقة، التعاون بين دولة الإمارات والولايات المتحدة يشهد تنامياً ملحوظاً كما ذكرت لك، وتشهد العلاقات الثنائية تنامياً ملحوظاً في العديد من المجالات وعلى رأسها الاستثمار والتعاون الوثيق في التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة. إذ يعتبر الاستثمار في هذه المجالات خصيصاً أبرز أولويات المرحلة المقبلة من التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين.
وفي الإشارة إلى تصريحات يوسف العتيبة سفير دولة الإمارات لدى الولايات المتحدة، فإن التعاون بين دولة الإمارات والولايات المتحدة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة يسير بوتيرة سريعة وغير مسبوقة، مما يعكس عمق العلاقة وأهمية هذه الشراكة للمستقبل.
aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA= جزيرة ام اند امز