نزوح وجوع وفيضانات.. الحرب تدمي السودانيين
على وقع حرب بلا شارة نهاية، يعيش السودان مأساة إنسانية ثلاثية الأبعاد يتشابك فيها النزوح الجماعي مع الجوع القاتل والفيضانات المدمرة.
ومع تفاقم الأوضاع الإنسانية، وتصاعد معدلات الجوع، أعلنت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، الثلاثاء، ارتفاع أعداد النازحين داخليًا وخارجيًا إلى 14.8 مليون سوداني.
وأدى النزاع المندلع منذ 15 أبريل/نيسان 2023، إلى حدوث مجاعة في 3 مخيمات نزوح بولاية شمال دارفور، وسط توقعات بتوسع هذه المجاعة إلى مناطق أخرى تضم أعدادًا كبيرة من النازحين الذين يعانون من ضعف الوصول إلى المساعدات الإنسانية.
وقالت منظمة الهجرة الدولية، في بيان، إن “عدد النازحين داخليًا في السودان بلغ 11.532.774 شخصًا، فيما عبر 3.352.418 فردًا الحدود إلى البلدان المجاورة.
وأشارت إلى أن النازحين داخليًا يقيمون في 10043 موقعًا في 184 محلية عبر جميع ولايات السودان الـ18.
وأوضحت أن النازحين نتيجة النزاع القائم يبلغ عددهم 8.795.84 فردًا بينما نزح البقية من ديارهم قبل الحرب الحالية، حيث تعرض 28% منهم لنزوح ثانوي.
وكان هناك في السودان قبل اندلاع النزاع الحالي حوالي 3.8 مليون نازح، فرّ معظمهم من الحرب في إقليم دارفور منذ 2003، بينما فرّ البقية من مناطق شهدت نزاعات سابقة في النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وذكرت منظمة الهجرة أن 23% من مجموع النازحين داخليًا فروا من العاصمة الخرطوم، بينما نزح 18% من جنوب دارفور و14% من شمال دارفور.
وتشير التقارير إلى أن 52% من إجمالي النازحين هم أطفال تقل أعمارهم عن 18 عامًا، مما يبرز حجم الاحتياجات الهائلة التي يحتاجونها، خاصة في مجالات الحماية والتعليم والرعاية الصحية.
وكشفت منظمة الهجرة عن فرار 1.2 مليون شخص إلى مصر، و722 ألف فرد إلى تشاد، و696 ألف شخص إلى جنوب السودان، فيما استقبلت ليبيا 86 ألف لاجئ وأفريقيا الوسطى 36 ألف لاجئ وإثيوبيا 84 ألف لاجئ من السودانيين.
وتقول مفوضية شؤون اللاجئين إنها تعمل على تسجيل الوافدين الجدد، ونقلهم بعيدًا عن الحدود، وتحديد الأسر المعرضة للخطر بشكل خاص، ووضع آليات لمنع العنف القائم على النوع الاجتماعي والاستجابة له، بالإضافة إلى ضمان تقديم خدمات الرعاية البديلة للأطفال اللاجئين غير المصحوبين بأسرهم.
خطر المجاعة
ومع تصاعد وتيرة العنف وتوسع رقعة الاشتباكات العسكرية، أعلن نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو أداة عالمية لقياس أزمات الجوع، الثلاثاء، حدوث مجاعة في 5 مناطق بالسودان، فيما تأكد خطرها على 17 منطقة إضافية.
وعلّق السودان مشاركته في نظام التصنيف المرحلي، حيث اتهم وزير الزراعة السوداني، التصنيف المرحلي بـ”إصدار تقارير غير موثوقة تقوّض سيادة السودان وكرامته.”
وقال التصنيف، في تقرير أصدره اليوم، إن “المجاعة موجودة في 5 مناطق على الأقل في السودان، ويتوقع وقوعها في 5 مناطق أخرى بين ديسمبر الحالي ومايو 2025، فيما تأكد خطرها على 17 منطقة إضافية.”
وأوضح التقرير أن المجاعة موجودة في مخيمات “زمزم” و”السلام” بولاية شمال دارفور، وجبال النوبة الغربية بولاية جنوب كردفان، متوقعًا استمرارها وتوسعها في مناطق “أم كدادة، ومليط، والفاشر، والطويشة، واللعيت” في شمال دارفور بين ديسمبر/كانون الأول 2024 ومايو/أيار 2025.
وذكر التقرير أن خطر المجاعة يواجه مناطق جبال النوبة الوسطى، بما في ذلك “دلامي” وغرب كردفان، و”أم دورين” و”البرام” بولاية جنوب كردفان، إضافة إلى مناطق “طويلة، بليل، شطايا، برام، وكاس” في جنوب دارفور، علاوة مدني الكبرى وشرق ولاية الجزيرة والفردوس بشرق ولاية دارفور و”مايو” جنوبي العاصمة الخرطوم.
نزوح بسبب الفيضان
ولا يزال فيضان النيل الأبيض، يجتاح مناطق جديدة، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، في منطقة “الجزيرة أبا”، بولاية النيل الأبيض.
وكانت قوات “الدعم السريع”، قد حملت الجيش السوداني الكارثة لاستهدافه العاملين في خزان “جبل “أولياء جنوبي العاصمة الخرطوم بالقصف الجوي.
وأفاد ناشطون لـ”العين الإخبارية”، أن فيضان النيل الأبيض اجتاح مدن كوستي، والكوة والقطينة، والشوال والدبيبات والمرابيع وود اللبيح وقرى الجبلين وشيكان والملاحة وأولاد ناصر، بالإضافة إلى الجزيرة أبا التي تعد أكثر المناطق تضررا.
ونزحت آلاف الأسر من المناطق المتضررة من الفيضانات بعد انهيار المنازل، حيث فقدت جميع ممتلكاتها بما في ذلك المواشي والزراعة، مما يزيد من أزمة الجوع في السودان.
وذكرت منظمة “قباء” لتنمية المجتمع أن إدارة مياه الشرب في منطقة “الجزيرة أبا”، أوقفت عمل المحطة، حيث بدأ العاملون في تفكيك المضخات والمواتير بغرض تحويلها إلى مكان آمن.
وطالبت المنظمة بضرورة وضع تروس وسدود واقية حول محطة مياه الشرب الواقعة قرب “غار المهدي”، والتي تحاصرها المياه من جميع الجوانب، ويعتمد قرابة 70 ألف مواطن على مياه الشرب من محطة “الجزيرة أبا”.
وبينما قال وزير البني التحتية في ولاية النيل الأبيض، الطيب محمد الحسن، إن إغلاق قوات “الدعم السريع”، لخزان “جبل أولياء” الواقع جنوب الخرطوم أدى إلى ارتفاع مناسيب النيل خلف بحيرة السد، ذكرت قوات “الدعم السريع” في بيان، مساء الإثنين، أن الفيضان نتج عن أعطال في بوابات الخزان جراء الأضرار الكبيرة التي لحقت ببنية السد بعد قصفه وإسقاط البراميل المتفجرة عبر أكثر من 70 غارة جوية تم تنفيذها منذ سيطرة القوات على المنطقة العسكرية في جبل أولياء جنوبي العاصمة الخرطوم.
وقالت إن “استهداف الطاقم العامل في الخزان وكسر عدد من الترع في الجزيرة والنيل الأبيض لتنساب في النيل الأبيض ضاعف مناسيب النيل”.
وكشفت قوات “الدعم السريع”، عن عمل مجموعات فنية لتدارك الموقف، وأبدت استعدادها للتعاون مع أي جهات فنية متطوعة مستقلة للمساعدة في المعالجة.
ويؤدي إغلاق بوابات خزان جبل أولياء، الذي تخزن بحيرته حوالي 2.3 مليار متر مكعب من المياه، إلى تراكم المياه داخل الخزان مما يزيد من خطر الفيضانات في المناطق الواقعة على النيل الأبيض.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز