5 سنوات لأرتيتا.. قائد رحلة إعادة هيبة أرسنال بعد حقبة مظلمة
تحول الإسباني ميكيل أرتيتا المدير الفني لأرسنال الإنجليزي، إلى رمز عودة الغانرز إلى هيبتهم في عصر ما بعد الأسطورة الفرنسية أرسين فينغر.
واحتفل أرتيتا يوم الجمعة بالذكرى الخامسة لتوليه المسؤولية الفنية لأرسنال الذي استلم زمامه في 20 ديسمبر/ كانون الأول 2019، خلفاً لمواطنه إوناي إيمري الذي أعقب أرسين فينغر.
وعانى فريق أرسنال في سنوات فينغر الأخيرة وعهد إيمري وسنوات أرتيتا الأولى من التراجع في ترتيب الجدول، حيث تحول من فريق ينافس على اللقب ويحققه وأحد مرعبي أوروبا إلى المركز الثامن وأسوأ من هذا أحياناً.
لكن أرتيتا نجح في تشكيل كتيبة تنافس على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز وتحتل الوصافة خلف مانشستر سيتي في آخر عامين، وحتى الآن الفريق يحل ثالثاً هذا الموسم وتبقى كل الأمور واردة في صراعه مع المتصدر ليفربول والثاني تشيلسي.
كيف أعاد أرتيتا تكوين أرسنال؟
شهدت فترة أرتيتا الأولى حالات تعثر وتراجع في المستوى ونتائج سلبية، لكن كل هذا جرى ضمن عملية إعادة بناء.
ويعتبر أرتيتا بين المدربين الحاليين في البريميرليغ، الثالث من حيث المدة الزمنية خلف مواطنه وأستاذه بيب غوارديولا، مدرب مانشستر، وتوماس فرانك المدير الفني لبرينتفورد.
ويتحدث المدرب الذي لقبه جمهور أرسنال بـ”سوبر ميك أرتيتا” لشبكة “سكاي سبورتس” البريطانية قائلاً: “كانت أول وظيفة كبيرة لي وتوليت المهمة في منتصف الموسم وأنا أعرف مدى صعوبة الموقف”.
وقتها كان الغانرز في المركز العاشر في أعقاب رحيل إيمري الذي لم تمنحه إدارة أرسنال ما يحتاجه لمنع الانهيار، وقبل ذلك كانت سنوات فينغر السوداء الأخيرة، حيث لم يتجاوز فريق شمال لندن المركز الخامس منذ احتلال الوصافة في موسم 2015-2016.
كيف فكر ملاك أرسنال في سقطات أرتيتا؟
تسامحت إدارة أرسنال برئاسة ستان وجوش كرونكي مع احتلال الفريق للمركز الثامن في الموسم الأول للإسباني، فهم أدركوا جيداً أن الجراحة الحرجة لا تحدث بين عشية وضحاها.
لكن في الموسم الثاني 2020-2021 لم يكن الوضع وردياً، حيث تلقى رجال أرتيتا 8 هزائم في 12 مباراة، مما وضع مصير لاعب الوسط السابق على المحك.
وشهدت الفترة الأولى عملية تغيير جلد كبيرة فيما يخص نجوم الفريق في ذلك التوقيت ومصائر عقودهم المرتفعة، والحديث هنا عن الألماني مسعود أوزيل والغابوني بيير إيميريك أوباميانغ والأرميني هنريك مخيتاريان وشكودران موستافي والبوسني سياد كولاسيناك واليوناني سوكراتيس باباستاثوبولوس.
وطبق أرتيتا قوانينه الصارمة مع أوباميانغ وأوزيل، حيث استبعد الأول في مباراة ضد ساوثهامبتون في 11 ديسمبر/ كانون الأول 2021 لأسباب تأديبية، وأتبع ذلك بتجريده من شارة القيادة، وهو ما أدى في النهاية لرحيل اللاعب، بينما تم إجبار أوزيل على التدريب مع فريق 23 سنة.
وحتى لاعب مهم مثل المدافع الفرنسي ويليام ساليبا الذي بات أحد أركان الغانرز الرئيسية في عصر جني الثمار الحالي، كان في وقت ما معرضاً للإطاحة به.
وقضى ساليبا فترة مع فريق 23 سنة خلال موسم 2020-2021 ثم أعير إلى نيس الفرنسي.
فلسفة أرتيتا
خلال المؤتمر الصحفي الأول له الذي عقده الإسباني قبل 5 سنوات من الآن، قال: “أريد من الناس أن يتحملوا مسؤولية وظائفهم، وأشخاصًا ينقلون الشغف والطاقة”.
وأكمل: “أي شخص لا يشتري هذا، أو يكون له تأثير سلبي، فإنه لن يلائم البيئة والثقافة الخاصة بنا هنا”.
وأظهر أرتيتا أنه قام بعمل كبير عند النظر للتشكيلتين الحالية والتي استلمها قبل 5 سنوات، فلم يتبق منها إلا بوكايو ساكا، مع حقيقة تحول الأخير من ظهير أيسر إلى جناح، هذا إلى جانب ريس نيلسون المعار إلى فولهام.
ولم يكن لدى أرتيتا اللاعبين أصحاب الجودة التي يرغب فيها، لكنه مثل أي مدرب في بداياته أدرك أن عليه التكيف مع المجموعة التي بين يديه.
وتبين ذلك في حملة تتويج أرسنال مع أرتيتا بكأس الاتحاد الإنجليزي 2020، حيث جاء اللقب من خلال فلسفة الهجمات المرتدة، تاركاً للخصوم الاستحواذ.
أكبر دليل على تطبيق هذه الفلسفة الفوز 2-0 على مانشستر سيتي في نصف النهائي آنذاك، في مباراة لم يتجاوز استحواذ الغانرز على الكرة فيها نسبة 29%، فيما سدد على المرمى 4 مرات مقابل 16 لرجال غوارديولا.
طفرة وتحول
يعتبر موسم 2022-2023 نقطة تحول للمدرب أرتيتا، حيث سجل الفريق خلاله 88 هدفاً، وهو رقم قياسي للغانرز.
وخلال الموسم الفائت 2023-2024، لم يستقبل أرسنال إلا 29 هدفاً كأفضل سجل دفاعي له منذ 20 عاماً، وهو ما قادهم للمنافسة على اللقب المحلي حتى الجولة الأخيرة.
وفي الموسم الحالي يعتمد أرسنال بشكل كبير على الكرات الثابتة، مستغلاً إمكانيات نجومه ساكا والألماني كاي هافيرتز.
لكن هذا التحول لم يكن مجانياً، حيث تشير بيانات موقع “فوتبول ترانسفيرز” العالمي إلى أن الغانرز أنفقوا صافي أموال يتجاوز 500 مليون جنيه استرليني في آخر 5 سنوات مقابل 234 في آخر السنوات التي سبقت قدوم أرتيتا.
وبالنظر إلى فريق مثل مانشستر سيتي، فإن صافي إنفاقه خلال الفترة ذاتها لم يصل إلى 60 مليونا.
تلك الأموال أنفقت على أسماء لمعت ونجحت في صناعة الشكل الحالي للغانرز ومع لاعبين أكفاء من أمثال هافيرتز من تشيلسي (65 مليونا) والحارس الإسباني ديفيد رايا في صفقة إعارة تحولت لشراء نهائي بإجمالي 30 مليونا.
وفي النهاية، فإن كل هذه العوامل تضافرت مع شخصية أرتيتا القوية وتفاهمه مع مجلس إدارة النادي وتحديداً إيدو المدير الرياضي حتى رحيله الشهر الماضي، وهو الشخص الذي جلب المدرب الإسباني في البداية ثم دعمه خلال المسيرة.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA==
جزيرة ام اند امز