هل انتهى حزب الله؟
هل يكتب التصعيد في لبنان الحلقة الأخيرة بمسار حزب الله، أم أنه لا يزال حتى الآن بمرحلة الوهن التنظيمي والعسكري؟
السؤال يفرض نفسه في ظل ما يتعرض له الحزب من «نزيف» سواء على مستوى قياداته بالصفين الأول والثاني -وحتى أقل من ذلك- أو عبر استنزاف موارده في نزاع يبدو محسوما لصالح إسرائيل.
فماذا يقول الخبراء؟
خبراء عسكريون وسياسيون لبنانيون يرون أنه لا يمكن الحديث عن القضاء على قدرات حزب الله العسكرية بشكل نهائي في الوقت الحالي.
ويستدركون – رغم ذلك- بالإشارة إلى أنه لم يتبق للحزب اللبناني سوى سلاحي الصواريخ والمسيرات ومجموعات تقاتل في الجنوب.
وفي أحاديث منفصلة لـ”العين الإخبارية”، قدر هؤلاء الخبراء أن نحو 70% من الصواريخ والمسيرات التي يطلقها حزب الله يتم اعتراضها وإسقاطه، وأن ما لديه من أسلحة استراتيجية كالصورايخ البالستية لا يستطيع استخدامها إلا بأمر الحرس الثوري الإيراني”.
ورأى قسم آخر من الخبراء أنه من المبكر الحكم على انتهاء حزب الله كقوة على الأرض، أو خروجه من المعادلة السياسية في الداخل اللبناني.
واعتبروا أن المخطط الإسرائيلي يتجه إلى تدمير الحزب ككيان عسكري داخل الدولة، وهو الأمر الذي يحتاج لبعض الوقت لإنهاء قدراته في لبنان، ووجوده في سوريا واليمن والعراق.
«انتهى»؟
يقول الشيخ محمد الحاج حسن، رئيس التيار الشيعي الحر، إن “حزب الله انتهى بكل المقاييس، بعد خسارته لكثير من قدراته وقادته”، في وقت تعيش الحدود اللبنانية الإسرائيلية على وقع تصعيد متواصل وسط مخاوف من أن يتحول إلى مواجهة شاملة.
ويضيف الحاج حسن في مقابلة تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن “عملية تقليم أظافر حزب الله حدثت بموافقة إيرانية”، مشيرا إلى أن “كل التقارير توحي باجتياحٍ كبير للقوات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية”.
وشدد على أن التغيرات التي تشهدها الساحة اللبنانية تتطلب إعادة تقييم شامل لوضع الحزب ودوره في السياسة اللبنانية.
وووفق الحاج حسن، فإن “من يُمسك قرار حزب الله اليوم هو الحرس الثوري الإيراني فقط”.
لكن..
يقول المحلل العسكري اللبناني العميد الركن المتقاعد يعرب صخر، في حديث لـ”العين الإخبارية”: “لا شك أن حزب الله خسر كثيرا من قدراته وقادته وتقنييه وجهازه القيادي ومنظومة القيادة وبنيته التنظيمية وحلقة صنع القرار ومراكز وعناصر القيادة والسيطرة منذ شهر ونصف”.
ويضيف في هذا الصدد : “استطاعت إسرائيل خلال هذه الفترة أن تقوض قدرات حزب الله القيادية والتنظيمية وأجهزة الاتصال والتواصل، بل وكسرت حلقة الانسجام بين حلقة صنع القرار، والقيادة والسيطرة والميدان، والعناصر المنتشرة، وخلقت نوع من التشتيت والارتباك بصفوفه”.
ولفت إلى أن إسرائيل تمكنت باليومين الماضيين من القضاء أيضا على قدرات حزب الله المالية والمادية والتقنية، مشيرا إلى مقتل أبرز العناصر القيادية المؤثرة وقادة الميدان.
ومع ذلك، يشدد الخبير على أنه “لا نستطيع القول إنه تم القضاء على قدرات حزب الله العسكرية بشكل نهائي”، مستدركا : “لكن يمكننا القول إنه لم يتبق للحزب سوى سلاحي الصواريخ والمسيرات أضف إليهم المسلحين في الجنوب اللبناني”.
وهو ما عزاه إلى شواهد ميدانية تعكس ما وصل إليه الحزب، قائلا: “حزب الله تحت الحصار، وتنقطع عنه الإمدادات اللوجيستية، وما تبقى لديه ينفق منه وهو في انخفاض تدريجي”.
ويوضح: “إسرائيل لديها القاعدة الاستخباراتية التي تعرفها جيدا وتقصفها وأماكن التصنيع أيضا، والأماكن اللوجيستية، وكل المقدرات داخل وخارج لبنان، فهي قطعت الصلة بين لبنان وسوريا بالاستهدافات اليومية”.
ويلفت إلى أن “ما تبقى لدى حزب الله من أسلحة استراتيجية كالصواريخ البالستية والاستراتيجية لا يستطيع استخدامها إلا بأمر الحرس الثوري الإيراني، حينما يشتد عليه الضغط فيلجأ إليها”.
وفي تقديره العسكري، فإن تحريك منصات إطلاق الصواريخ الباليستية والاستراتيجية تأخذ دقائق، من هنا باستطاعة سلاح الجو الإسرائيلي رؤيتها ورصدها وضربها في أماكن إطلاقها قبل إطلاقها، وقد تنطلق بعض الصواريخ وتصل.
ويضيف :”معظم الصواريخ والمسيرات التي يطلقها حزب الله، فإن نحو 70% منها يتم اعتراضها وإسقاطها”.
وأمس الإثنين، أعلن الجيش الإسرائيلي قصف عشرات المواقع في لبنان في إطار استهداف الذراع المالية لحزب الله، من بينها مخبأ يحتوي على عشرات الملايين من الدولارات من النقد والذهب.
كما أعلن القضاء على 52 قائدا في صفوف الحزب وذلك منذ اندلاع المواجهات في جنوب لبنان ومناطق أخرى من البلاد.
وفي أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، نشرت إسرائيل صورة لعشرات القادة من حزب الله اللبناني الذين قتلتهم وذلك بعد تأكيدها مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله في غارة جوية على الضاحية الجنوبية.
سياسيا؟
يشير الكاتب والباحث السياسي ميشال الشماعي إلى أن “حزب الله لم ينته بشكل كامل وكلي”، قائلا في حديث خاص لـ”العين الإخبارية” : “حتى ومع انتهاء الحزب عسكريا فلا يعني ذلك نهايته سياسيًا”.
ويتابع الشماعي: “لا نستطيع شطب الحزب من المعادلة السياسية إلا إذا هو انكفأ عن العمل السياسي”.:
وبشأن ما تبقى من قدرات الحزب، يقول الخبير اللبناني إن القدرات العسكرية تستند إلى مسلحين على قاعدة الجيوب العسكرية المتبقية، وبالنسبة إلى القدرة الصاروخية فالمسألة مسألة وقت لإعلان ذلك.
كما قدر النائب فادي كرم، عضو تكتل الجمهورية القوية (التكتل النيابي لحزب القوات)، في حديث لـ”العين الإخبارية”، أنه “لا يمكننا أن نعتبر أن الحزب انتهى عسكريا، ولكن مشروع محور المُمانعة في المنطقة انتهى، وسيدفع ثمنا باهظا طالما لم يفهم هذا الأمر”.
واعتبر كرم أن “التدخل الإيراني السلبي قد أضرّ كثيراً بشعوب المنطقة، وبمصالحها ومصالح الدول، ولذا عليه أن ينتهي، والميدان اليوم يتكلم والمفاوضات ستترجم هذا الواقع الجديد.
من جهته، يرى الدكتور عادل محمود المحلل السياسي الأردني، في حديث لـ”العين الإخبارية”، أنه “من المبكر الحكم على انتهاء حزب الله كقوة على الأرض”.
ويقول محمود إنه “من الإشارات الأولية لبنك الأهداف، فإن المخطط يتجه إلى تدمير حزب الله ككيان عسكري داخل الدولة، وهو الأمر الذي بحاجة لبعض الوقت لإنهاء أولا قدراته في لبنان، وكوجود في سوريا واليمن والعراق”.
وتقول إسرائيل إن من بين أهداف عملياتها في لبنان القضاء على قدرات حزب الله وضمان العودة الآمنة لعشرات الآلاف من النازحين من شمال إسرائيل بسبب هجمات الحزب من لبنان، والتي شنها بالتزامن مع حرب غزة.
aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA= جزيرة ام اند امز