جورجيسكو ورئاسة رومانيا.. «الناتو» يخشى صدمة في «درعه وسيفه»
رومانيا قوة عسكرية خطيرة، ولهذا السبب فإن احتمال أن يصبح المرشح المتشكك في “الناتو”، كالين جورجيسكو رئيسًا لها، يربك الحلف.
البلد الذي يبلغ عدد سكانه 19 مليون نسمة عضو في حلف شمال الأطلسي “الناتو” منذ عقدين من الزمن، وهو موقع قاعدة جوية تتوسع لتصبح أكبر قاعدة جوية للحلف في أوروبا.
وتقع رومانيا على الحدود مع أوكرانيا، وتطل عبر البحر الأسود على شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا، وأرسلت أسلحة وذخائر إلى كييف في العامين الماضيين، بل تستضيف نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي إيجيس آشور في ديفيسيلو “جنوب”، حيث تتمركز قوات رومانية وأمريكية.
لكن هذه الأمور تثير استهجان جورجيسكو الذي أدان تواجد الصواريخ في ديفيسيلو ووصفها بأنها ”عار“ وطني، وقام بحملة لإنهاء المساعدات الرومانية لأوكرانيا، ودعا إلى ”الحكمة الروسية“ في تشكيل السياسة الخارجية.
هل الانسحاب ممكن؟
وفي الوقت نفسه، يصر جورجيسكو متصدر استطلاعات الرأي قبل أيام من الانتخابات، على أنه لا يريد الانسحاب من حلف شمال الأطلسي، وفق مجلة بوليتيكو الأمريكية.
وقال جورجيسكو الأسبوع الماضي: ”لا أريد الخروج من حلف الناتو، ولا أريد الخروج من الاتحاد الأوروبي“، موضحا: ”ما أريده، مع ذلك، هو اتخاذ موقف، وليس الركوع.. يجب أن نفعل كل شيء من أجل مصلحتنا الوطنية.“
وحتى لو كان جورجيسكو يميل إلى الانسحاب من حلف “الناتو”، فإن ذلك سيكون هدفًا صعب التحقيق لأن اليمين المتطرف الذي ينتمي له، لا يتمتع بأغلبية في برلمان البلاد.
وقد تثير مثل هذه الخطوة، أيضًا غضب الرومانيين الذين يؤيد 88 في المئة منهم العضوية في الحلف، وفقًا لاستطلاع رأي أجري مؤخرًا.
ولكن في ظل النظام السياسي الحالي في رومانيا، فإن الرئيس هو رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة والمسؤول عن السياسة الخارجية.
وبالتالي، فإن وجود شخص متشكك في حلف الناتو في قصر كوتروتشيني، يمكن أن يخلق مشاكل كبيرة للحلف.
وعلى سبيل المثال، يمكن أن يقلد جورجيسكو رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، ويتصرف كـ”مؤيد للكرملين داخل حلف الناتو”، على حد قول “بوليتيكو”.
ومن ثم، يمكن أن يؤدي التحول السياسي الدراماتيكي في بوخارست إلى تقويض دور رومانيا كأحد اللاعبين الأمنيين الإقليميين الرئيسيين في الحلف العسكري.
ورومانيا هي واحدة من أكثر الدول إنفاقًا في الحلف، وتستخدم طائرات مقاتلة من طراز F-16، وتشتري دبابات القتال الرئيسية من طراز “M1” أبرامز من أمريكا، كما نشرت قواتها في كل من العراق وأفغانستان.
أدوار جديدة
وتأتي هذه القوة العسكرية المتنامية على خلفية أكثر من عقدين من النمو الاقتصادي السريع الذي حوّل البلاد إلى دولة مزدهرة بشكل متزايد، حتى إنها تفوقت على منافستها القديمة المجر من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
في هذا السياق، قالت أنكا أغاتشي، محللة السياسات في مركز راند للأبحاث: ”تطور دور رومانيا كثيرًا في السنوات العشرين الماضية منذ انضمامها إلى حلف الناتو، واتخذت خطوات نحو أن تكون مزودًا للأمن وليس مستهلكًا للأمن فقط”.
ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا قبل ثلاث سنوات تقريبًا، أرسلت رومانيا أسلحة، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي باتريوت، وساعدت في نقل المساعدات الدولية إلى كييف. كما أنها تطل على البحر الأسود – حيث يهاجم الروس السفن المدنية ويزرعون الألغام.
وقالت أنتونيا كوليباسانو، المحللة الجيوسياسية المقيمة في رومانيا في مؤسسة جيوبوليتيكال فيوتشرز: ”القرب من أوكرانيا جعل رومانيا شريكًا لوجستيًا حيويًا“، مضيفة أن رومانيا هي أيضًا مركز تدريب لطياري طائرات إف-16 الأوكرانية.
درع الناتو
وافق قادة حلف الناتو في مارس/آذار 2022 على إنشاء أربع مجموعات قتالية إضافية متعددة الجنسيات على طول الحافة الشرقية للحلف، بما في ذلك مجموعة بقيادة فرنسية في رومانيا.
وبناء على ذلك، ستتم ترقية الوحدة، المتمركزة في سينكو برومانيا، إلى لواء قوامه 4000 جندي بحلول العام المقبل، على أن تضم قوات من بلجيكا ولوكسمبورغ ومقدونيا الشمالية وبولندا والبرتغال والولايات المتحدة.
وبالإضافة إلى الدفاعات الصاروخية في ديفيسيلو، تهدف رومانيا إلى إنفاق 2.7 مليار دولار لتحويل قاعدة ميهايل كوغالنيتشانو الجوية إلى واحدة من أكبر منشآت “الناتو”.
وبمجرد الانتهاء من التحديثات في عام 2030، ستستضيف قاعدة كوغالنيتشانو أكثر من 10,000 جندي ومدني، سيتم نقل بعضهم من قاعدة رامشتاين الأمريكية في ألمانيا.
وقال جورج سكوتارو، الرئيس التنفيذي لمركز الاستراتيجية الجديدة للأبحاث ومستشار الأمن القومي السابق لرئيس رومانيا: ”ستكون هذه القاعدة أداة ردع ملموسة للغاية على الجناح الشرقي“.
وفي الربيع المقبل، ستستضيف رومانيا مناورات عسكرية واسعة النطاق يطلق عليها اسم (ربيع داتشيان 2025) والتي ستختبر قدرة فرنسا على تحريك لواء جاهز للحرب عبر أوروبا في غضون 10 أيام.
تنفق بوخارست حاليًا 2.25 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وهي نسبة أعلى من النسبة المستهدفة للحلف البالغة 2 في المئة، وتهدف إلى زيادة الإنفاق العسكري إلى 2.5 في المئة العام المقبل، و3 في المئة في عام 2026. والهدف هو تحديث ترسانتها واستبدال المعدات القديمة التي تعود إلى الحقبة السوفيتية.
وبوخارست بصدد شراء 32 طائرة مقاتلة من طراز F-35 من الولايات المتحدة. كما أن لديها أيضًا دفاعات جوية من طراز باتريوت ومنظومة صواريخ مدفعية عالية الحركة من طراز (HIMARS).
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA==
جزيرة ام اند امز