«هزائم» تكرس «واقعا جديدا» في لبنان.. هل يقبل حزب الله «شروط اللعبة»؟
طالبت قوى سياسية بارزة وخبراء حزب الله بضرورة التأقلم مع الواقع الجديد في لبنان، وإدراك ميزان القوى المتغير في الإقليم.
كما دعت هذه الأطراف الحزب إلى الدخول في مرحلة سيادة الدولة، وطيّ صفحة “الدويلة”، وعدم تعطيل تشكيل الحكومة التي تستأنف مشاوراتها الأربعاء. وأكدت أن الدستور اللبناني يضمن حقوق الجميع دون استثناء.
وفي حديث لـ”العين الإخبارية”، اعتبر خبراء أن فقدان حزب الله السيطرة على منصبي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة يشكّل ضربة مزدوجة لنفوذه السياسي. وأوضحوا أن هذا التراجع يمكن أن يمهّد لتعزيز التعددية السياسية في لبنان.
ميزان قوى جديد
رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية، شارل جبور، قال في تصريحات لـ”العين الإخبارية”: “هناك واقع جديد في لبنان والمنطقة على حزب الله إدراكه، بعد تراجعه عسكريًا وخسارته نفوذه السياسي”.
وأوضح أن الحزب لم يعد قادرا على استخدام سلاحه كما في السابق، مشيرا إلى تراجع دور إيران، الداعم الرئيسي له، في غزة ولبنان وسوريا، مما أدى إلى فقدانه القدرة على السيطرة على مفاصل الدولة.
وفي أوائل الشهر الماضي دخلت دمشق فصائل مسلحة تقودها هيئة تحرير الشام لتنهي نصف قرن من حكم عائلة الأسد سوريا، التي كانت حلقة رئيسية في حصول الحزب على السلاح من إيران، وداعم سياسيا له ثقل على الساحة اللبنانية.
وأضاف جبور: “على حزب الله الاختيار بين المشاركة في الاستشارات النيابية وطرح رؤيته للحكومة الجديدة، أو البقاء في المعارضة ضمن محددات النظام السياسي الجديد. أما إذا قرر التصعيد، فسيتحمل تبعات ذلك، حيث لم يعد بإمكانه استخدام السلاح في الداخل أو مواجهة إسرائيل”.
وأثار امتناع كتلة حزب الله، إلى جانب حليفتها حركة أمل، عن التصويت لأي مرشح خلال الاستشارات النيابية الملزمة، قبل أيام، مخاوف من تفاقم الأزمة السياسية وإمكان تفجير أزمة حكومية جديدة.
وكانت الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون قد دعا إلى الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس حكومة جديد منذ الإثنين الماضي.
وكان الحزب يساند رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لكن أصوات غالبية القوى السياسية التي شاركت في الاستشارات منحت المنصب للقاضي نواف سلام.
وفي اختيار منصب رئيس الحكومة لا يوجد نصاب قانوني على خلاف انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان.
ضربة مزدوجة لنفوذ الحزب
من جانبه، وصف المحلل السياسي اللبناني، الدكتور طارق أبوزينب، خسارة حزب الله في معركتي الرئاسة والحكومة بأنها ضربة مزدوجة لنفوذه، معتبرًا أن المرحلة الجديدة تحمل في طياتها تحولات جوهرية قد تؤدي إلى تراجع هيمنته.
وأوضح أن هذا التراجع يُضعف قدرة الحزب على فرض أجنداته كما في الماضي، ويتيح المجال لتعزيز التعددية السياسية وتقوية مؤسسات الدولة المدنية.
لكن أبوزينب حذر من احتمال تصاعد التوترات الداخلية إذا لجأ الحزب إلى استعراض قوته العسكرية، مؤكدًا أن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة بدلاً من حلها.
وكان حزب الله قد انخرط منذ أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023 في مواجهة مع إسرائيل تدحرجت إلى حرب على لبنان بعد عام بعد توجيه ضربات مؤلمة للحزب بما في ذلك مقتل أمينه العام حسن نصر الله وغالبية قيادات الصف الأول والثاني، وقادة قوة النخبة في الجماعة الموالية لإيران.
وتوقفت الحرب باتفاق برعاية أمريكية عبر اتفاق دخل حيز التنفيذ في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، واعتبرت شروطة اعترافا من الحزب بخسارته في المواجهة العسكرية.
لا قدرة على التعطيل
أما الخبير الاستراتيجي العميد ناهي جبران، فأكد لـ”العين الإخبارية” أنه لم يعد بمقدور أي طرف تعطيل المسيرة الحالية، مشددًا على أن المصلحة الوطنية العليا باتت تتفوق على كل الاعتبارات.
وأشار جبران إلى وجود إجماع دولي وعربي على دعم إعادة بناء لبنان، مما يضع ضغوطًا على حزب الله للتكيف مع المرحلة الجديدة.
إعادة بناء لبنان
من جانبه، أوضح العميد والخبير الاستراتيجي ناجي ملاعب أن الحزب لم يعد قادرًا على تعطيل إعادة بناء الدولة، نظرًا للتوافق اللبناني والدولي على المضي قدمًا في هذه العملية.
وأضاف: “حزب الله قاد لبنان إلى أزمات كبرى نتيجة انفراده بالقرار العسكري، وها هو الآن يواجه ضغوطًا كبيرة لإعادة التوازن إلى الساحة اللبنانية”.
وأكد ملاعب أن نجاح قائد الجيش، جوزيف عون، في الوصول إلى رئاسة الجمهورية يعكس مرحلة جديدة تقوم على الوحدة الوطنية والشراكة، حيث لا يوجد منتصر أو خاسر، بل الهدف هو بناء الدولة.
يبقى حزب الله أمام تحدٍ وجودي لإعادة تعريف دوره ضمن إطار النظام اللبناني الجديد. ومع تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية، تلوح في الأفق فرصة تاريخية لتعزيز الديمقراطية واستعادة سيادة الدولة، شريطة أن تتجنب القوى السياسية أي تصعيد قد يعيد لبنان إلى دائرة الأزمات.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز