رغم الهدنة.. مستقبل غزة لا يزال مجهولا
بعد 15 شهرا من الحرب، لا يزال مستقبل غزة غير واضح كما أنه لا أحد بإمكانه أن يجزم إن كان الأمر يستحق هذا العناء أو مفيدا لأمن إسرائيل.
ومع استعدادهم لمغادرة مناصبهم، يبدو أن مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن ينظرون إلى ما هو أبعد من غزة، وتحديدا للعواقب الوخيمة للحرب على الشرق الأوسط بأكمله، وفق صحيفة “الغارديان” البريطانية.
وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي لبايدن: “ما هي نتيجة كل هذا؟ أعتقد أنه من السابق لأوانه التنبؤ.. حتى عندما تحدث أشياء جيدة، فهناك أشياء سيئة في الجوار.. هذا صحيح في السياسة الخارجية.. إنه صحيح بشكل خاص في الشرق الأوسط”.
وبالمثل، اعتبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين أن التغيير في الشرق الأوسط غالبًا ما يكون ليس كما يبدو عليه.
مستقبل غامض
حتى لو صمد وقف إطلاق النار في غزة، فإن المستقبل يظل غامضا، وقال بلينكن في خطابه أمام المجلس الأطلسي هذا الأسبوع، إنه يدرك الحاجة إلى حرب إسرائيل، لكنه لا يستطيع دعم ما قد تكون خطتها للسلام.
ومنذ مايو/أيار 2024، اعتبرت إدارة بايدن أن إسرائيل حققت هدفها الرئيسي في غزة وهو “ضمان عدم قدرة حماس على ارتكاب هجمات مثل هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023”.
وبحسب الصحيفة، أكد بلينكن على عبثية استمرار الحرب من خلال الاعتراف بأن “حماس كانت قادرة على تجنيد عدد من المسلحين الجدد يكاد يكون مساويًا لما خسرته، وهي وصفة لتمرد دائم وحرب دائمة”.
وجادل بأن أمن إسرائيل يجب أن يشمل أفقًا سياسيًا موثوقًا به للفلسطينيين.
وربما ساعدت عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوقف إطلاق النار.
لكن من غير المرجح أن يتبنى الرئيس الأمريكي المنتخب إشراف سلطة فلسطينية خاضعة لمراقبة الأمم المتحدة على حكم غزة والضفة الغربية الموحدتين.
وستخاطر إسرائيل بفراغ أكبر من خلال التزامها بعدم التعاون مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والمنظمات غير الحكومية الأخرى.
فقط إذا تم توسيع المنظور بعيدًا عن غزة، يمكن لنتنياهو والجيش الإسرائيلي أن يزعموا أنهم غيروا مسار المنطقة.
وقد يكون إضعاف إيران هو التأثير الإقليمي الأكبر لحرب غزة، وذلك بعد إضعاف حزب الله ومقتل أمينه العام حسن نصر الله وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا.
وكان لهذه الأحداث تأثيرها على النخبة في السياسة الخارجية الإيرانية حيث يضع الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان ومستشاره الاستراتيجي جواد ظريف، العديد من أغصان الزيتون عند أقدام ترامب.
وفي مقابلة على قناة “إن بي سي”، قال بيزشكيان إن بلاده مستعدة لمفاوضات صادقة ومشرفة مع الولايات المتحدة، ومع ذلك، فإن طبيعة السياسة الداخلية الإيرانية تجعل من الصعب علي طهران إيصال رسالة متسقة إلى الغرب.
لا اقتناع
حاليا، لا يوجد الكثير من الدبلوماسيين الأوروبيين المقتنعين بعرض إيران التفاوض على اتفاق نووي جديد حيث تشتهر طهران بشراء الوقت من خلال تقديم محادثات غير مثمرة كما أن فريق ترامب عدائي جدا تجاه طهران.
وفي لبنان، انتهى عامان من الشلل وسيستمع الرئيس الجديد جوزيف عون إلى حزب الله، لكنه لن يدين له بالولاء.
إلا أن رئيس الوزراء الجديد، نواف سلام، هو الرئيس السابق لمحكمة العدل الدولية الذي أصدر حكماً تاريخياً بأن احتلال إسرائيل لفلسطين غير قانوني ويجب أن ينتهي في غضون عام.
وفي اليمن التي تعاني منذ 10 سنوات من انقلاب الحوثي، فإن كراهية إسرائيل هي الإيديولوجية الموحدة للمليشيات.
وفي العراق، لا يزال نفوذ الجماعات التابعة لإيران ملموسا، أما سوريا فرغم سيرة زعيمها الجديد إلا أنه يفهم أن وضع بلاده يتطلب وضع الصراع مع إسرائيل في أسفل قائمة مهامه على أن تكون وأولويته الأولى هي إقناع الغرب بأنه لا يقيم خلافة خفية.
لكن في لحظة ما ستلتفت سوريا إلى قضية احتلال إسرائيل لأراضيها، وفق الصحيفة.
وربما لن تواجه إسرائيل بعد الآن محور المقاومة الإيراني لكنها محاطة بالمتعاطفين، وستكون هناك أيضًا تداعيات عميقة على الغرب.
وبالنسبة للحزب الديمقراطي في أمريكا، ستزداد الأوضاع سوءا بسبب التساؤلات حول سبب تسامح فريق بايدن مع القتل في غزة والقيود على دخول المساعدات للقطاع، وسيمتد الأمر لحكومة حزب العمال في بريطانيا.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA==
جزيرة ام اند امز