هذه تحديات اتفاق هدنة غزة
بعد نحو 15 شهرا من الحرب المدمرة يستعد قطاع غزة لدخول هدنة طال انتظارها.
ومساء الأربعاء الماضي، أعلن الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة حماس.
الاتفاق ينهي حربا استمرت لأكثر من 15 شهرا قتل خلالها نحو 47 ألف فلسطيني وأدت إلى دمار شامل في قطاع غزة، لكن يظل تطبيق الاتفاق محاطا بعدد من التحديات والمخاوف من العودة للحرب.
ويقول خبراء عرب في أحاديث منفصلة لـ”العين الإخبارية” إن تطبيق اتفاق وقف النار المدعوم من أطراف إقليمية ودولية يواجه تحديدات أبرزها، عدم وجود ضمانات واضحة لإنهاء الصراع بشكل دائم، وخطة اليوم التالي من الحرب والتي تتعلق بإدارة عزة.
الدكتور مبارك آل عاتي، المحلل السياسي السعودي قال إن أبرز التحديات التي تواجه الاتفاق، هي الالتزام الحقيقي بوقف إطلاق النار، في ظل انعدام الثقة بين الطرفين المتصارعين سواء الجانب الإسرائيلي أو حركة حماس، وعدم وجود ضمانات واضحة تضغط على إسرائيل للتغيير من سلوكها، إضافة إلى مسألة إدارة قطاع غزة بعد الحرب.
وأضاف “إدارة غزة بعد الحرب تمثل نقطة خلاف كبيرة جدا، فإسرائيل لا تريد أن تكون هناك سلطة فلسطينية في غزة، والجانب العربي يرى ضرورة أن تكون إدارة غزة تحت سلطة السلطة الفلسطينية، وأن تكون هناك دولة فلسطينية قابلة للعيش على الضفة الغربية وعلى غزة”.
لكن”آل عاتي” أكد أن التوصل لاتفاق وقف النار، أمر مهم جدا ونقطة تحول مهمة جدا لفرض السلام في المنطقة وحقن الدم الفلسطيني، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، ومعالجة أوضاع المستشفيات وفتح الطرق، وهي نقاط أساسية يحتاجها المواطن الفلسطيني الذي أنهكته الحروب.
وأشار المحلل السياسي السعودي، إلى أن “مسألة الحكم في غزة ستكون خاضعة لتجاذبات ومفاوضات ومحادثات عربية أمريكية”، مضيفا “ننتظر كيف سيكون الأمر مع قدوم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي قد يكون له رأي آخر”.
بدوره، قال المحلل السياسي الفلسطيني، عادل شديد، في حديث خاص لــ”العين الإخبارية” إن “مجرد وجود مراحل بهذه الصفقة لا يبعث على التفاؤل”.
وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معني فقط بمرحلة هدوء لشهور من أجل إعادة ترتيب الجيش، وامتصاص نقمة الشارع الإسرائيلي، وإرضاء بعض الأطراف الإقليمية، وإعادة الحد الأقصى من الأسرى الإسرائيليين الأحياء، وعدم إغضاب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، وبعد ذلك فمن الوارد، العودة للحرب.
وأشار إلى أنه مما يعزز من احتمال الحرب ونسف الصفقة سواء في المرحلة الأولى أو الثانية، زيادة الانتقادات في إسرائيل للصفقة وشروطها، حيث أن نتنياهو تراجع إلى حد كبير في مجموعة من الشروط، والتي كان يعتبرها خطوطا حمراء قبل شهور، إضافة إلى أن هنالك أصواتا قوية داخل الحزب الجمهوري الأمريكي عبرت عن موقف رافض للصفقة.
وأوضح أن الوفد الفلسطيني تمسك إلى حد كبير بخطوطه العريضة، والشروط التي وضعها للمفاوضات وللصفقة، واضطرت إسرائيل للتراجع بفعل الصمود الفلسطيني وضغط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، الخميس، حماس بـ”التراجع عن أجزاء” من اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال نتنياهو، في بيان صادر عن مكتبه: “حماس تراجعت عن جزء من الاتفاق.. في محاولة للابتزاز لتقديم تنازلات في اللحظات الأخيرة”، مشيرا إلى أنه “لن يتم عقد اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي حتى يؤكد الوسطاء أن حماس وافقت على جميع عناصر الاتفاق”.
وهو ما رد عليه القيادي في حماس سامي أبوزهري لوكالة فرانس برس أنه “لا أساس لمزاعم نتنياهو عن تراجع الحركة” عن بنود في اتفاق وقف إطلاق النار، مطالبا الإدارة الأمريكية بـ”إلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق”.
ومتفقا، مع رؤية سابقيه، قال الدكتور محمود علوش، المحلل السياسي التركي، في حديث خاص لـ”العين الإخبارية”، إن “هناك تحديات عديدة ستواجه الاتفاق على رأسها مخاطر عدم التزام إسرائيل بشكل واضح بتنفيذ الاتفاق، والضغط الداخلي الذي يتعرض له نتنياهو من جانب اليمين المتطرف”.
وأضاف أن “عقبة اليوم التالي للحرب، ومن سيدير غزة يمثلان تحديا رئيسيا أمام وقف مستدام لإطلاق النار”.
واعتبر أن قدرة المجتمع الدولي على الضغط على الأطراف ستمثل عاملًا قويا في تجنب اندلاع الحرب من جديد.
ومع ذلك، قال المحلل السياسي التركي، إن “هذه الصفقة تجلب فوائد متبادلة لكل من إسرائيل وحماس في هذه الفترة، وسيكون من مصلحة الطرفين تنفيذ الصفقة وصولا إلى تعزيز وقف مستدام لإطلاق النار.
وأضاف: “هناك دول ضامنة لهذا الاتفاق وسيتعين عليها التأكد من التزام الأطراف المعنية به، وضمان تنفيذه وفق المراحل المنصوص عليها في الاتفاق”.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز