يمنيات خلف القضبان.. «إكليلات» يعرين «وصمة الحوثي»
“أنصحك تتبرأ منها”.. هكذا ترد مليشيات الحوثي على ذوي المختطفات في معتقلات الجماعة، إذ تستخدم وصمة العار كورقة لتطويع فئات المجتمع اليمني.
ولطالما كانت حملة اختطافات مليشيات الحوثي للنساء لتكميم الأصوات المعارضة في مناطق سيطرتها، وتلفيق تهم للنساء بغية القمع السياسي، إلا أنهن تحولا يوما بعد آخر لإكليلات يفضحن إرهاب الجماعة من خلف القضبان.
والإكليلات، اسم أطلقته الحضارات اليمنية القديمة على النساء المناضلات.
وتستعرض “العين الإخبارية” هنا قصص 4 مختطفات أثار اعتقالهن موجة تنديدات محلية ودولية ورفضت المليشيات إطلاق سراحن وباتت تتخذهن رهائن سياسية.
حنان المنتصر.. فخر الصناعة الطينية
نزحت حنان المنتصر مع أطفالها الـ5، أحدهم معاق ووالدتها من الحديدة إلى صنعاء وكانت تعيل أسرتها من صناعة المباخر الطينية الفاخرة ليتم اختطافها من قبل جهاز الأمن والمخابرات للحوثيين في 3 يوليو/تموز 2019, بتهمة ملفقة تزعم إعانة دول التحالف.
على مدى عامين، تعرضت حنان للضرب والتعذيب القاسي مما تسبب لها بتقيح في الدماغ وتورم جسمها، وقد أحالتها للنيابة الجزائية المتخصصة بصنعاء في 8 مارس/آذار 2021, وبعد التحقيق معها تم إحالة ملفها للمحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة بصنعاء، والتي تعد عصا غليظة بيد زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي.
في رسالة كتبتها بخط يدها من السجن وطالعتها “العين الإخبارية”، تقول المنتصر إن الحوثيين صادروا جميع هواتف وأجهزة ثمينة للعائلة وقيّدوها 17 يوما وأخفوها قسرا في زنزانة انفرادية داخل السجن المركزي بصنعاء لنحو 20 يوما.
وسخرت حنان من تهم مليشيات الحوثي لها وهي “إرهاب دولة” وقالت إنها أُمية لم تكمل تعليمها الأساسي ولم تدرس اللغة الإنجليزية واستغربت من تلفيق المليشيات لها تهم النشاط العسكري وتزويد دول التحالف بـ300 هدف، وفقا للرسالة.
ورغم ذلك، أصدرت مليشيات الحوثي في 22 فبراير/شباط 2023, عبر المحكمة الجزائية بصنعاء إدانة حنان شوعي المنتصر بجانب محمد أحمد البشارى بالتهم المنسوبة إليهما ومعاقبتها بالحبس مدة 12 عاما تبدأ من تاريخ القبض عليها، فيما قررت إعدام البشاري.
ومنذ اختطافها، تبقى لحنان (50 عاما) “, نحو 7 أعوام من فترة العقوبة أي أنها ستمكث في المعتقل حتى بلوغ عمرها 57 عاما، وحتى ذلك، ستبقى قصتها شاهدة على سياسة إرهاب ممنهجة لجماعة اجرامية لا تعرف الرحمة.
انتصار الحمادي.. عارضة الأزياء
في يوم الجمعة 20 فبراير/شباط 2021، كانت الساعة تشير لـ9 مساء، عندما استحدث عناصر جهاز الأمن والمخابرات للحوثيين حاجز تفتيش جوار مقر عمل عارضة الأزياء انتصار الحمادي في صنعاء.
واقتيدت الحمادي إلى مكان مجهول، وأخضعت لنحو 10 أيام لجلسات تحقيق في مقار مظلمة للبحث الجنائي وتعرضت لأبشع أنواع التعذيب النفسي حتى أُجبرت على التوقيع والإقرار بأقوال واعترافات غير صحيحة.
وبحسب الحمادي فإن مليشيات الحوثي قامت باختطافها ومن معها لرفضها العمل مع إحدى الخلايا الاستخباراتية لاستقطاب معارضين سياسيين والاختلاء بهم والتصوير معهم في أوضاع مخلة، ليتم ابتزازهم وضمانة ولائهم والسيطرة عليهم.
وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، هددت المليشيات انتصار الحمادي بفحص العذرية قبل تدخل بعض المنظمات الدولية كمنظمة العفو الدولية ليتم لاحقا ضربها وكسر أنفها من قبل مديرة المعتقل (كريمة المروني)، المعروفة بـ”أم الكرار”.
في 19 يناير/ كانون الثاني 2022، تعرضت انتصار للضرب والإهانة وحلاقة شعر الرأس، وفي 29 أكتوبر/تشرين الثاني، اشتد مرض الفتاة ورُفضت المليشيات إسعافها بالرغم من سوء حالتها وتدهور صحتها الشديد بسبب ضربها بسلك كهربائي حتى فقدان الوعي.
فاطمة العرولي.. رائدة العمل النسوي
في 14 أغسطس/آب 2022, كانت فاطمة صالح العرولي مسافرة من عدن إلى صنعاء الخاضعة للحوثيين قبل أن يقوم جهاز الأمن والمخابرات للحوثيين باختطافها من في حاجز تفتيش في مدينة الحوبان شرق تعز.
ولم تر العرولي ضوء الشمس لعام كامل وظلت مخفية قسراً وممنوعة من الزيارة والاتصال مع أقاربها، وفي 14 فبراير/ شباط 2023، أحالت مخابرات المليشيات قضيتها للنيابة الجزائية المتخصصة في صنعاء لتحقق معها بعد شهر من إحالتها.
وخلال رحلة الموت هذه، قدم محاميها وعائلاتها طلبات متكررة للإفراج عنها والسماح لأقاربها بزيارتها ولكن لم يتم السماح لأحد بزيارتها لأكثر من 6 أشهر، وفي 31 يوليو/تموز 2023 لفقت لها نيابة المليشيات تهمة “إعانة دول التحالف” وأحالتها للمحكمة الجزائية المتخصصة.
في 19 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، أقام الحوثيون أولى جلسات محاكمتهم الصورية برئاسة القاضي الحوثي “يحيى عبد الكريم المنصور” وقد شهدت الجلسة طرد جهاز الأمن والمخابرات محاميها من القاعة وشرعنة التهم بقوة السلاح.
وخلال الجلسة، اشتكت فاطمة العرولي من اعتقالها في بدروم أرضي ولم تر الشمس لنحو عام كامل وأنها ترغب في رؤية أطفالها الموجودين، لكن مليشيات الحوثي رفضت ذلك وأصدرت في 5 ديسمبر /كانون الأول 2023 قرارا بمعاقبتها وإعدامها تعزيرا.
وتعد العرولي إحدى رائدات العمل النسوي الاقتصادي والفكري والتنموي البشري على مستوى الوطن العربي، ورئيس مكتب اتحاد قيادات المرأة العربية في اليمن.
سحر الخولاني.. صوت صنعاء
في 10 سبتمبر/أيلول 2024، اقتحم مسلحو مليشيات الحوثي منزل الناشطة الإعلامية سحر الخولاني في صنعاء وقاموا باختطافها واقتيادها إلى أحد سجونهم مع زوجها وأطفالها إثر نشاطها المكثف في تعرية فساد الجماعة.
وبعد نحو ستة أشهر من اختطافها، وتحديدا في 25 يناير/كانون الثاني الجاري، أحالت مليشيات الحوثي الناشطة الخولاني، إلى النيابة الجزائية الإبتدائية المتخصصة في صنعاء، لإخضاعها لجلسات محاكمة قسرية.
والخولاني هي موظفة سابقة في قناة اليمن الفضائية الخاضعة للحوثيين وصاحبة مقولة “أقسم سنستعيد حقوقنا” التي مثلت صرخة مدوية في وجه الجماعة عقب تبنيها عنصرية الجماعة في المدارس ومصادرة المليشيات للراتب كسلاح لتطويع الخصوم.
أوراق ضغط
لم يسبق أن تم اعتقال المرأة اليمنية لرأيها السياسي على مر التأريخ، وبحسب تقارير أممية، فإن الحوثيين يعتقلون النساء لانتمائهن السياسي، أو مشاركتهن في منظمات المجتمع المدني أو نشاطهن في مجال حقوق الإنسان.
وتتعرض النساء المختطفات لدى الحوثيين للتعذيب وغيره من أنواع المعاملة السيئة، ووفقا لرئيس ائتلاف “نساء من أجل السلام” باليمن نورا الجوري فإن “جميع الانتهاكات الحوثية بحق النساء والعنف، هو استنساخ للتجربة الإيرانية، ولم يسبق أبدا في تاريخنا كيمنيين اختطاف نساء، على خلفية الانتماء السياسي”.
وأكدت الجروي لـ”العين الإخبارية”، أن “اختطاف المليشيات للنساء ارتفعت منذ ديسمبر/كانون أول 2017، وطالت أكثر من 2800 امرأة، وهي جريمة تضفيها المليشيات بعدا سياسيا وتعرف جميع الأطراف باليمن حساسيتها لمدى قدسية المرأة بالمجتمع”.
وأكدت أن “المليشيات تستخدم النساء المختطفات كأوراق ووسيلة ضغط سياسي وعسكري وقبلي إما على المواطنين المناهضين لها، أو على فئات أو وجهات معينة لاسيما القبائل كما حال سحر الخولاني”.
وارتكبت أكثر من 21500 حالة انتهاك ضد المرأة خلال الفترة سبتمبر/أيلول 2015، وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2022، فيما اعتقلت تعسفًا أكثر من 18 ألف مدنيًا منهم 17 ألف حالة تعرضت للتعذيب ووثقتها المنظمات.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز