«لا أحد فوق المحاسبة».. تونس ترد على المفوضية الأممية بشأن «الإخوان»

عبرت تونس، الثلاثاء، عن استغرابها ورفضا لبيان المفوض السامي لحقوق الإنسان بشأن وضعية بعض المسجونين، في إشارة إلى قيادات الإخوان وحلفائهم.
وشددت الخارجية التونسية، في بيان، على أن إحالة المتهمين تمت بسبب جرائم جنائية يعاقب عليها القانون، مشيرةً إلى أن «لا أحد يمكنه الادعاء بأنه فوق المحاسبة أو استخدام وسائل ضغط داخلية أو خارجية للتهرب من العدالة».
وأكدت أن «إحالة المتهمين موضوع البيان تمّت من أجل جرائم حق عام لا علاقة لها بنشاطهم الحزبي والسياسي أو الإعلامي أو بممارسة حرية الرأي والتعبير.. فليس لأحد أن يتذرع بكونه فوق المحاسبة أو يستعمل وسائل ضغط في الداخل أو في الخارج للتفصي من العدالة أو الإفلات من العقاب».
هل التحريض على الإرهابية «حرية تعبير»؟
وقالت الوزارة في بيانها إن «تونس تتساءل كيف كان سيتصرف القضاء حين يُصرّح أحد أنه سيشعل حربًا أهلية ورتّب بالفعل لإشعالها، وماذا كان سيفعل حين يقول آخر إنه أعدّ مائة ألف انتحاري وهم مستعدون للقيام بعمليات إرهابية، وماذا كانت السلطات القضائية في أي دولة من دول العالم ستفعل حين يُذبح جنودها وتُقطع رؤوس الأبرياء وتُزرع الحقول بالألغام وغيرها من الأفعال التي تُجرّمها قوانين كل الدول، فضلًا عن تجريمها في عدد من المعاهدات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وغسيل الأموال والجرائم السيبرانية وغيرها».
وتابعت الوزارة: «ثمّ هل إنّ القذف والثلب وهتك الأعراض أفعال تدخل في خانة حرية الرأي؟ وهل في بث الإشاعات وتأجيج الأوضاع، فضلًا عن التخابر مع جهات أجنبية، أفعال لا يُجرّمها القانون كما هو سائد في كل دول العالم؟».
وأفادت وزارة الخارجية في بيانها بأن «تونس ليست في حاجة إلى تأكيد حرصها على حماية حقوق الإنسان، إيمانًا عميقًا منها بهذه الحقوق، فضلًا عن التزامها بما نصّ عليه دستورها وبما أقرّته قوانينها الوطنية وما التزمت به على الصعيد الدولي في المستويين الإقليمي والعالمي».
لا نقبل الدروس في حقوق الإنسان
وأوضحت أنه «كان يمكن للدولة التونسية أن تُندّد بممارسات تضعها في خانة اعتداءات صارخة على حقوق الإنسان، ولكنّها نأت بنفسها عن ذلك لرفضها التدخل في شؤون الغير، بل إنّ تونس يمكن في هذا الإطار أن تُعطي دروسًا لمن يعتقد أنه في موقع يُتيح توجيه بيانات أو دروس».
وأشارت إلى أنه «ولعلّه من المفيد التذكير بأنّ قوات الأمن التونسي تتولّى حين تُنظّم مظاهرات، لا ملاحقة المتظاهرين، بل تقوم بتأمينهم وحمايتهم وتُوفّر لعدد من الأشخاص المعارضين حماية خاصة حتى لا يتعرضوا لأي اعتداء».
وتابعت: «أما أولئك الذين تمت إحالتهم على القضاء، فذلك بتقدير مستقل من القضاة، ولا دخل لأي جهة غير قضائية في ما يتخذه القضاة من إجراءات في إطار تطبيق القانون الذي يفرض توفير كل الضمانات القضائية، من معاملة لا تمسّ بالكرامة الإنسانية ومن حق الدفاع وغيرها من الضمانات».
لعلّ التهم الموجهة لتونس اليوم هي أنّ شعبها أراد أن يعيش حرًا في وطن كامل الاستقلال والسيادة، ولو طأطأ رأسه، ولن يفعل أبدًا، لتهاطلت عليه من هذه الجهات التي تُعرب عن قلقها شهادات في حسن السيرة والسلوك.
وفي 18 فبراير/شباط الجاري، دعا المفوض الأممي السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، عبر متحدث المفوضية ثمين الخيطان في مؤتمر صحفي بجنيف، وفق موقع المفوضية الإلكتروني، إلى وقف «جميع أشكال اضطهاد المعارضين السياسيين»، واحترام الحق في حرية الرأي والتعبير.
كما طالب تورك بـ«الإفراج الفوري لأسباب إنسانية عمّن هم في سن متقدمة والذين يعانون من مشاكل صحية».
وأضاف أن المفوضية تحث تونس على «إعادة النظر في تشريعاتها الجنائية، وضمان توافقها مع قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان ومعاييره».
وأكد أنه «يجب الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين تعسفًا، وضمان المحاكمة العادلة ومراعاة الأصول القانونية الواجبة لمن وُجهت إليهم تهم بارتكاب جرائم».
وقالت المفوضية إن «العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والصحفيين والنشطاء والسياسيين يقبعون رهن الاحتجاز قبل المحاكمة، ويواجهون اتهامات فضفاضة وغامضة، على ما يبدو نتيجة ممارستهم لحقوقهم وحرياتهم»، وفق زعمها.
وأضافت أن «ذلك يثير مخاوف تتعلق بانتهاك الحق في حرية التعبير، فضلًا عن الحقوق في المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة».
كما أكد تورك أنه في «بداية مارس/آذار المقبل، من المقرر أن يُحاكم أكثر من 40 شخصًا، بينهم معارضون من مختلف الانتماءات السياسية، أمام المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، وهم ينتمون إلى مجموعة وُجِّهت إليها تهم “التآمر على الدولة” وأخرى مرتبطة بالإرهاب».
وفي 4 مارس/آذار المقبل، ينظر القضاء في قضية التآمر على أمن الدولة التي يُحاكم فيها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وقيادات من الإخوان وحلفاؤهم.
aXA6IDIxMy4xNjUuMjQ3LjkzIA== جزيرة ام اند امز